موقع متخصص بالشؤون الصينية

الاقتصاد الصيني ما بين الثقة والرؤى المستقبلية

0

economy1.497631o

موقع صحيفة عمان الالكتروني:
الصين – «وكالات»: وقعت الصين اتفاقية لتبادل العملة مع الاتحاد الاوروبي بقيمة 350 مليار يوان (45 مليار يورو)، وهي اتفاقية تشير لثقة العالم التي لا تتزعزع في الاقتصاد الصيني.
ويظهر «التحالف» بين الرنمينبي واليورو، ثاني أكبر عملة احتياطي وثاني أكبر عملة من حيث التداولات في العالم بعد الدولار الأمريكي، ارتفاع مكانة الرنمينبي وخطوة سريعة للصين في تدويل عملتها. وحتى الآن، وقعت الصين اتفاقيات لتبادل العملة بإجمالي 2.2 تريليون يوان (358 مليار دولار) مع 22 دولة ومنطقة، وأصبح الرنمينبي من بين أكثر عشر عملات تداولا في العالم. والاكثر أهمية، أن الاتفاقية أرسلت إشارة إيجابية للعالم مفادها أن أوروبا واثقة تماما في الاقتصاد الصيني، رغم الانطباع المتشائم التقليدى لبعض التقارير السابقة لوسائل الاعلام الغربية.
وتكمن الثقة في ازدهار الاقتصاد الصيني. وقد تحدث الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال قمة منتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا – الباسيفيك (ابيك) حول هذا الموضوع قائلا: «ان سرعة سبعة بالمائة سنويا كافية لتحقيق هدف مضاعفة اجمالي الناتج المحلي ودخل الفرد في الصين بين عامي 2010 و 2020». وبالإضافة لذلك، فمن المتوقع ان تجلب منطقة شانجهاي للتجارة الحرة المدشنة حديثا، مزيدا من القوة الدافعة للاقتصاد الصيني.

وعلاوة على ذلك، فإن «التحالف» بين الرنمينبي واليورو هو اتفاق مربح للجانبين يسهل التجارة والاستثمارات ويقلل المخاطر كلا الجانبين. وتتنافس العديد من المدن الاوروبية حاليا على استضافة مركز تبادل الرنمينبي الخارجى الأوروبي ،ولذلك تعتبر اتفاقية التبادل خطوة حيوية تقوم بها دول الاتحاد الاوروبي لتلائم استراتيجيتها. ولا ينكر احد أن تدويل الرنمينبي مازال أمامه طريق طويل، وان اتفاقيات تبادل العملات لا يمكنها تغيير الوضع القائم للإطار النقدي الدولي مع الدولار الأمريكي في جوهره. الا اننا نعتقد ان الرنمينبي سيلعب دورا اكثر اهمية في استقرار النظام المالي الدولي وكذا تنويع نظام النقد الدولي
بينما تتدفق الشركات الصينية إلى الأراضي الأجنبية للاستثمار، حذر بعض المحللين من أن التوسع السريع في التدفقات الاستثمارية قد يؤدي إلى ما يسمي بحدوث « فقاعة أو «فرط الإحماء» في حال لم تدار بشكل جيد.
بيد أنه مع تعميق العولمة والتحول الاقتصادي والإصلاح الهيكلي الجاري في الصين، توجد لدى الشركات الصينية ، وخاصة في القطاع الخاص، مساحة كبيرة لزيادة الاستثمارات في الخارج.

الزيادة كبيرة لكن الحصة ضئيلة

لفت النمو السريع في الاستثمارات الخارجية الصينية الكثير من الاهتمام العالمي ولكنها بالكاد تغطي حصة صغيرة فعلا. أو كما قالت مجلة ((إيكونوميست))، «لصين وافد جديد نسبيا للاستثمارات الكبيرة المباشرة». وأظهرت البيانات الرسمية الصينية أن الاستثمارات المباشرة الخارجية للصين سجلت رقما قياسيا بـ87.8 مليار دولار أمريكي في عام 2012، ما جعلها ثالت أكبر بلد في الاستثمار الأجنبي المباشر بعد الولايات المتحدة والصين.
ووصل الاستثمار المباشر المتراكم للشركات الصينية في الخارج الى 531.49 مليار دولار أمريكي، ما يعادل 10 بالمائة من استثمارات الولايات المتحدة وثلث استثمارات المانيا ونصف استثمارات اليابان.
ورأى الخبير الاقتصادي البريطاني جون دونيينغ أن صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة للدولة يرتبط بمستوي تنميتها– كلما زاد إجمالي الناتج المحلي بالنسبة للفرد، زاد حجم الاستثمار الاجنبي المباشر.
وأضاف دونينغ انه عندما يصل إجمالي الناتج المحلي لبلد ما بين 2500 و4750 دولار، سوف نرى زيادة كبيرة في الاستثمار الاجنبي الخارجي المباشر كما سنرى توازنا بين الاستثمارات الاجنبية المباشرة الخارجية والداخلية عندما يتجاوز إجمالي الناتج الصيني بالنسبة للفرد 4750 دولار.
وتجاوز إجمالي الناتج المحلي بالنسبة للفرد في الصين 5400 دولار في عام 2011. ووفقا لنظرية دونينغ، فإن تدفق الاستثمار الاجنبي المباشر داخل وخارج الصين سيصل الى توزان في المستقبل. بيد أنه في الحقيقة توجد فجوة كبيرة بين الاثنين.
وأظهرت إحصاءات الأمم المتحدة أن الاستثمار ات الاجنبية المباشرة داخل الصين وصلت الى 121 مليار دولار في عام 2012، بزيادة 38 بالمائة عن الاستثمارات الاجنبية المباشرة لها في الخارج، فيما تجاوزت أسهم الاستثمارات الاجنبية المباشرة الداخلية 1.3 تريليون دولار، بزيادة مرتين ونصف عن الاستثمارات الاجنبية المباشرة الخارجية بالتالي، توجد مساحة كبيرة لنمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة الخارجية للصين في المستقبل.
وفي خطابه الافتتاحي بمؤتمر دافوس الصيفي أوائل الشهر الجاري في مدينة داليان الساحلية شمال شرقي الصين، قال رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ إن الاستثمارات الأجنبية المباشرة للصين في الخارج من المتوقع أن تصل الى 500 مليار دولار في السنوات الخمس المقبلة. وكان دانيل روسين، المشارك في تأسيس مجموعة روديوم، أكثر تفاؤلا. وقال روسين إن «حصة الصين من الاستثمارات المباشرة الخارجية سوف ترتفع من دون 500 مليار دولار اليوم الى 2.5 و 5 تريليونات دولار على الأرجح في العقد المقبل».

الشركات الصينية يجب أن تتجه الى الخارج

منذ أن تم اقتراح استراتيجية الخروج أو «الذهاب الى الخارج» رسميا في عام 2001، وبدأ الهيكل الاقتصادي الصيني يتغير.
وبعدما أصبحت المنافسة في التصنيع المشترك أكثر شراسة بفضل زيادة الكلفة المحلية والإفراط فضلا عن الحاجة الى تعزيز القدرة التنافسية الدولية، أصبح لا مفر امام الشركات الصينية سوى الذهاب الى الخارج. ويمر الاقتصاد الصيني الآن بنقطة تحول حيث يتحول النمط الاقتصادي من التصدير والنمو المدفوع بالاستثمار الى نمط آخر مدعوم بالطلب المحلي.
وفي الوقت نفسه، تسعى الصين الى القفز من نهاية سلسلة القيمة العالمية، والتي تتجسد في تكاليف وأرباح منخفضة، إلى نهاية الانتاجية العالية والقيمة المضافة العالية.
واشار تقرير الاستثمار العالمي للأمم المتحدة للعام 2013 الى أن سلسلة القيمة العالمية تحتل حوالي 80 %من التجارة العالمية، «وعلى المدى الطويل، يمكن ان تكون سلاسل القيمة العالمية وسيلة هامة للدول النامية لبناء القدرة الإنتاجية، من خلال نشر التكنولوجيا وبناء المهارات وفتح الفرص للتحديث الصناعي». ومن منظور المشهد الصناعي العالمي، ينبغي أن يتم تنفيذ التحول الاقتصادي الصيني بالاعتماد على استراتيجي تدويل: الأولي التخلي عن جزء من الصناعات التحويلية لخفض التكلفة. الثانية، السعي للوصول بشكل أسرع الى التكنولوجيا والعلامات التجارية والأسواق عن طريق عمليات الاستحواذ والاندماج. ويقتضي تنفيذ الاستراتيجيتين انشطة استثمارية خارجية من قبل الشركات الصينية.

دور أكبر لمستثمري القطاع الخاص

أظهرت احصاءات مؤسسة ((ديلوجيك)) انه منذ عام 2000 جاءت نحو 54 بالمائة من إجمالي قيمة صفقات الاندماج والاستحواذ الصينية في الخارج، جاءت من قطاع الموارد والطاقة مثل الغاز الطبيعي والنفط والمناجم، وكان للشركات المملوكة للدولة الغالبية في هذا الصدد.
ونتيجة لذلك، كانت أهم وأنجح حالات الاندماج والاستحواذ عبر الحدود في الأساس من قبل شركات مملوكة للصين خلال العقد المنصرم.
بيد أنه من المرجح أن تصبح الشركات الخاصة القوة الرائدة في الجولة التالية من الاستثمارات الصينية الخارجية حيث بات الاقتصاد الصيني أكثر توجها نحو السوق. وقال مراسل صحيفة ((فاينينشال تايمز)) هنري سيندر «بالنسبة للمستقبل، الموجة الثانية (من الاستثمارات الخارجية) ربما تنطوي على قيام المزيد من الشركات المملوكة للقطاع الخاص بصفقات أصغر، وخاصة الشركات التكنولوجية التي هي في جوهرها أكثر عالمية». وقال رئيس مجلس الدولة الصيني لي للمشاركين في مؤتمر دافوس الصيفي إن الحكومة الصينية سوف تقوم بتخفيف القيود أكثر على اجراءات «خروج» الشركات الصينية.
ووفقا لبيانات قدمها وانغ يان قوه، نائب رئيس غرفة التجارة الدولية الصينية للقطاع الخاص، بلغ نصيب الشركات الخاصة من اجمالي الاستثمارات الاجنبية المباشرة غير المالية للصين نحو 45 بالمائة في عام 2012، مقارنة بـ14 بالمائة في عام 2008 و20 بالمائة في عام 2011. وبعيد عن ذلك رغم انهيار مصرف ليمان براذرز قبل خمس سنوات، إلا «أننا مازلنا نعيش في ظل ليمان»، حسبما ذكر مارتن وولف كبير المعلقين الاقتصاديين في صحيفة ((الفينانشيال تايمز)) اللندنية.
ففي السنوات الخمس الماضية، لم يتوقف قط التفكير في الأزمة المالية العالمية التي أمتد تأثيرها ليطال جميع جنبات العالم داخل هذا الاقتصاد المتعولم.
بيد أن الصين، باعتبارها حالة خاصة، تغلبت على العوائق الناتجة عن أي بيئة خارجية معقدة، وحولت قراراتها الاقتصادية بوجه عام الأزمة إلى فرصة.
فداخل الصين، عمدت الحكومة على توسيع الطلب المحلي وتعزيز الإصلاح الهيكلي لتتخذ من الاستثمارات العامة قائدا في هذا الصدد. وفي الوقت ذاته، أولت الصين اهتماما كبيرا بالتجارة وسعر الصرف، وأتخذت قرارات مرنة في ظل وضع متغير، ما ساعد في تعزيز الاقتصاد العالمي على خلفية اتساع رقعة الركود وضعف النمو في الاقتصادات المتقدمة.
ومن ثم، فإن الاقتصاد الصيني كانت له المبادرة في العلاقات الاقتصادية الدولية وبرهن على ذلك تسارع خطى دبلوماسيته المالية وارتفاع مكانته في الحوكمة العالمية.
وقد ذكر رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم مؤخرا «جميع أنظار العالم تتجه صوب أرقام النمو الصيني».
ومنذ مطلع العام الجاري، يواجه الاقتصاد العالمي تحديات وتناقضات جديدة، إذ اكتسب الاقتصاد الأمريكي قوة دفع من النمو، واستطاعت أوروبا رؤية الضوء في أعقاب الركود الثاني فيما تشهد البلدان الناشئة الجديدة والبلدان النامية نموا أقل من ذي قبل. وبالتالي، بدأت الصين تعاني من نبرات مختلفة تعلق على اقتصادها. ومن بين تلك التعليقات، قدمت مجلة ((إيكونوميست)) البريطانية وجهة نظر موضوعية تقول فيها إن الاقتصاد الصيني ليس غير مستقر، ولكنه أقل كفاءة.
وفي ظل خلفية كهذه، شرعت القيادة الصينية الجديدة في دفع الإصلاح وتعزيز حيوية السوق من خلال الحفاظ على استقرار سياسات الاقتصاد الكلي مع أخذ كل من الاحتياجات الآنية وطويلة الأجل في الاعتبار وتبسيط الإدارة وتفويض السلطة.
وكما قال رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ «يزاح الستار الآن عن الموسم الجديد من المعجزة الاقتصادية الصينية، موسم يتسم بجودة أفضل وكفاءة أعلى».
وعلاوة على ذلك، فإن ما ينبغي على الصين تعلمه من انهيار مصرف «ليمان براذرز» هو أن القطاع المالي جوهري، غير أن الاقتصاد الحقيقي هام أيضا. ويثبت الأداء الجيد الذي قدمته ألمانيا خلال الأزمة أن السبيل الأساسي لمجابهة الأزمة هو الصناعات التحويلية للاقتصاد الحقيقي وخاصة الصناعات التحويلية المتطورة.
لهذا، لا بد للصين من الارتقاء بمستوى صناعاتها وابتكاراتها، ما يعني ألا يكون الابتكار مقتصرا على التكنولوجيا فحسب، وإنما يشمل أيضا الأفكار والنظم والآليات التي تعتمد بدورها على دفع الابتكار. وكما قال لي كه تشيانغ فإن الإلتزام بالإصلاح يعد ابتكارا.
ومهما حدث، ليس بإمكان أحد التكهن بموعد الأزمة القادمة ومكانها بالضبط، لذا فإنه من الأهمية بمكان أن يتسم صناع القرار بالمهارة في تحويل الأزمة إلى قوة دفع تغذي النمو.
وفي وقت سابق من العام الجاري أعلنت الصين أنها أرسلت فواتير غرامة بـ 108 ملايين دولار أمريكي لست شركات أجنبية منتجة لحليب الأطفال بسبب الاحتكار. وهذه أكبر غرامات تفرض على مخالفات متعلقة بالاحتكار منذ أن تبنت الصين قانون مكافحة الاحتكار في عام 2008.
ولا تعد تمييزية ضد الشركات الاجنبية كما ألمحت بعض وسائل الاعلام الغربية. بيد أن القضية أظهرت أن الثغرات باتت أقل وأقل أمام الشركات العابرة للحدود لكسب «المال السهل» في الصين.
وأثببت الاحصاءات أن الصين تتعامل مع الشركات الأجنبية ونظيراتها المحلية على قدم المساواة في تحقيقات مكافحة الاحتكار.
ومنذ البدء في تنفيذ قانون مكافحة الاحتكار في عام 2008، تلقت وزارة التجارة نحو 700 شكوى حققت في 690 منها.
معظم هذه الشكاوى تتعلق بشركات صينية ولم يستهدف إلا عددا قليلا جدا من الشركات الأجنبية. وفي وقت سابق من هذا العام صدرت أوامر لشركتي (سامسونج) و(ال جي) وأربع شركات تايوانية مصنعة لشاشات الـ « ال سي دي» بدفع غرامات باجمالي 353 مليون يوان (حوالي 58 مليون دولار أمريكي) بسبب الاحتكار.
وبالمقارنة، غرمت الحكومة الصينية شركتين محليتين للكحول بـ 449 مليون يوان (حوالي 73 مليون دولار امريكي) لتورطهما في التلاعب بالاسعار.
والأهم ان القرار الأخير لمكافحة الاحتكار لا يهدف الى تعزيز العلامات المحلية كما ادعت وسائل الإعلام الأجنبية. ولكنه قد يساعد في زيادة الحصة السوقية للشركات الدولية العملاقة المنتجة للحليب بفضل انخفاض الاسعار. والسؤال هو: ما الدرس الذي يمكن أن تتعلمه الشركات الدولية من العقاب؟
إن السوق الصينية أصبحت أكثر وأكثر تنظيما ويجب أن تطيع الشركات الدولية القوانين واللوائح الصينية، كما يتعين عليها التخلي عن عقلية استغلال «الثغرات» لكسب «المال السهل».
ومنذ أن دخلت الصين منظمة التجارة العالمية، وقامت بسن وتعديل سلسلة من القوانين لتتماشي مع قواعد المنظمة والممارسات الدولية وذلك لتعزيز سوق تنافسية قانونية ومنظمة وقوية.
في الوقت نفسه، عززت الصين فرض القانون بهدف ايجاد مناخ نظيف لعمل الشركات الصينية والدولية على حد سواء وخاصة منذ بداية هذا العام.
والأكثر من ذلك، شددت الصين جهودها لمكافحة الفساد والممارسات الخاطئة في العمليات التجارية.
وفي الاشهر الماضية أطلقت السلطات الصينية تحقيقا بشأن تلقي شركة فارما العالمية العملاقة جي اس كيه رشاوى ومخالفات ضريبية.
على كل، تحقيق هدف سوق نظيفة ومنظمة وقوية بثغرات أقل يصب في مصلحة الشركات الصينية والدولية على السواء.
ومن المرغوب أن تدرج الشركات الأجنبية الممارسة الدولية في أعمالها بالصين وتتخلي عن الممارسات القديمة بالبحث عن «الثغرات» في السوق الصينية.
ذكر محللون هنا ان التطورات التى حدثت في الصين والولايات المتحدة، أكبر اقتصادين في العالم، والتي تشمل نموا أبطأ في الصين وخفض التحفيز النقدي في الولايات المتحدة يمكن أن يكون لهما تأثير مختلف على الاقتصادات الآسيوية الصاعدة.
واعتمادا على البيانات الاقتصادية المنشورة حتى الآن، فإن النمو الاقتصادى للصين في النصف الثانى من المحتمل أن يبقى مشابها بصورة عامة للنمو الذي تحقق في النصف الأول من هذا العام، في حين أن النمو في الولايات المتحدة قد يتسارع بعد اقل مستوى له هذا العام. وبما ان الصين قد حققت نموا في الاهمية الاقتصادية في اسيا على الولايات المتحدة خلال الاعوام القليلة الماضية، فإن المسألة الان هي أي من البلدين سيكون تأثيره أكبر على نمو الاقتصادات الصاعدة في المنطقة. وطبقا لما ذكرت مؤسسة استاندارد جلوبال ريسيرش فإن الاقتصادات الاكثر انفتاحا في المنطقة تأثرت بوجه عام بالولايات المتحدة والصين أكثر من الاقتصادات المغلقة. والملحوظة الثانية هى ان الولايات المتحدة أثرت بوجه عام على نمو آسيا أكثر مما فعلت الصين في العقد الماضى ،برغم أن الصورة قد تغيرت الى حد ما في السنوات الاخيرة.
وعلى سبيل المثال فإن النمو الاقتصادي في تايلاند وتايوان وهونج كونج الصينيتين تأثر بشدة بالولايات المتحدة ثم جاء بعدها سنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية من الربع الاول من عام 2003 الى الربع الاول من عام 2013. وكان للولايات المتحدة تأثير اقوى من الصين على الاقتصادات الآسيوية الستة حيث كانت النتائج ضخمة بالنسبة لكل من الولايات المتحدة و الصين.
بيد أن الصورة في الربع الاول من عام 2008 الى الربع الاول من عام 2003 تختلف كثيرا عن مثيلتها في فترة السنوات العشر حتى 2013. وذلك أولا لأن تأثير الصين على نمو آسيا اصبح اكثر قوة. كما أن النمو في منطقة شمال شرق آسيا وسنغافورة ارتبط بقوة بنمو الصين. ولايزال النمو الأمريكى مهما بالنسبة لكثير من الدول الآسيوية ولكن التأثير الشامل خف مع التوسع السريع للصين.
وفيما عدا ماليزيا فإن اقتصادات سنغافورة وتايوان الصينية وكوريا الجنوبية وهونج كونج الصينية، حيث كان لكل من نمو الصين والولايات المتحدة تأثيره الكبير في الفترة ما بين 2008 وأوائل هذا العام، تأثرت بنمو الصين أكثر من النمو الامريكي.
وذكر استاندارد شارترد انه لأمر حيوي أن يكون أي تباطؤ في الصين معتدلا وتدريجيا كي يسمح للاقتصادات بالتكيف دون المعاناة من كثير من التقلبات. وفي الوقت الذي قد يساعد فيه انتعاش الاقتصاد الامريكي على موازنة الاتجاه الأبطأ للنمو في الصين، فإن اتجاهات الاستهلاك والاستثمار في الصين باتت تهم المنطقة بشدة في السنوات الأخيرة.
وعلى سبيل المثال فإن الدولار الواحد من الاستهلاك الأمريكي يضيف نحو 0.042 دولار أمريكي إلى إجمالي الناتج المحلي الاسمى لكوريا الجنوبية في الوقت الذي يضيف كل دولار أمريكي من الاستثمارات الصينية نحو 0.049 دولار أمريكي إلى إجمالي الناتج المحلي الاسمى لكوريا الجنوبية.
وقد لاحظ المحللون أن الاستهلاك الأمريكي أكثر أهمية بوجه عام عن الاستثمار الامريكي الذي لا يبدو أنه يضيف إلى النمو الآسيوي أساسا بسبب الحصة المسيطرة للاستهلاك في نمو اجمالي الناتج المحلي للولايات المتحدة.

الناتج المحلي للصين

صحيح أن الاستثمار يشكل نصيبا كبيرا من اجمالي الناتج المحلي للصين (نحو 46 في المائة في عام 2011)، لكن الاستهلاك لازال يشكل ما يقرب من 35 في المائة وهي نسبة كبيرة بالنظر إلى حجم اقتصاد الصين.
وفي قضية الصادرات الى الصين التي تقيس أهمية استهلاك الصين، لاحظ استاندارد شارترد انه فيما عدا الفلبين والهند ،وجهت الاقتصادات الآسيوية صادرات إلى الصين أكثر مما فعلت مع الولايات المتحدة في عام 2012. وتمثل الزيادة المؤثرة في تدفق السائحين الصينيين إلى الدول الآسيوية نسبة كبيرة من السائحين في آسيا مقارنة بسائحي الولايات المتحدة فيما عدا الهند والفلبين.
وتستقبل تايوان الصينية وكوريا الجنوبية أكبر عدد من السائحين الصينيين مقارنة بسائحي الولايات المتحدة. وحتى بالنسبة للفلبين والهند فإن عدد السائحين الصينيين زاد بإيقاع أسرع من السائحين الامريكيين.
وبسبب الرقم المرتفع للسائحين الصينيين فإن الكمية الاجمالية لإنفاق السائح أعلى ايضا بالنسبة للصين عن السائحين الأمريكيين في المنطقة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.