موقع متخصص بالشؤون الصينية

الإسلام والمسلمون في الصين

0

MuslimsChina
صحيفة الديار الأردنية ـ
محمد حسن التويمي:

لم أزر الصين في حياتي، وأتمنى ذلك، ولعشقي لذاك البلد الصديق، اتابع يوميا مشاهدة الفضائية الصينية العربيةCCTV وحتى ساعات الفجر. وبين نائمٍ وصاحٍ، أتابع كل صغيرة وكبيرة في الأحداث الصينية المتلاحقة، وعلاقات الصين العربية والدولية، والواقع الصيني وشؤونه، وبخاصة في غرب الصين، حيث المسلمون يعيشون تاريخياً، ومنهم القبائل التي تعود بجذورها الى العرب العاربة بأصولها القومية ولسانها العربي الفصيح.
متابعة الصين تشدني وقد مَلكت كياني، فلا يوجد تطور في علاقات الاردن والصين إلا وإعرف به في وقته، وبلا تأخير، وهي علاقات متشعبة ويومية، تتحدث عنها الصحافة الصينية بإسهاب، ومنها “مجلة الصين اليوم” الصادرة بالعربية منذ عشرات السنين، سيّما بعد الزيارة السابعة لجلالة الملك عبدالله الثاني الى الصين في أواخر العام الماضي، واجتماعه مع الرئيس شي جينبينغ، والقيادات الصينية المختلفة، التي سهّلت من عملية تنشيط العلاقات الثنائية الصينية الاردنية والمكاسب المتأتية منها والتي تصب في صالح شعبنا الاردني.
كيف لا نتابع الصين وكيف لا نحبها وهناك عشرات الملايين من المسلمين هناك، وهم بالذات الذين يقومون على تطوير الصِلات بين الشعبين المتآخيين العربي والصيني، ويتعلمون اللغة العربية على نطاق واسع، في مختلف الجامعات والمعاهد الصينية، ويُبتعَثون الى الاردن والبلدان العربية لاستكمال تحصيلهم العلمي، وللعمل في الشركات الصينية والمشاريع المشتركة العربية الصينية. ولا بد من الاشارة هنا، الى ان التقاليد الصينية قريبة جداً من التقاليد العربية، حتى لأولئك من غير المسلمين، ربما لأن الصينيين ينتمون الى المشرق الواسع، ولكونهم آسيويين بامتياز، ولم يتلوثوا بالثقافات الهجينة والاستعلائية، فقد حافظوا على ثقافتهم العريقة الخاصة بهم أباً عن جدٍ، ومن جيل الى جيل، وعلى مدار ألوف السنين، فكان لهم السَّبق في الاختراعات والاكتشافات، وتصديرها للعالم، لمنحه أسباب التقدم والازدهار مجاناً وبلا فوائد أو مكاسب. فالصين ترى مكسباً واحداً وحيداً لنفسها في بناء الصناعات وجعل المجتمعات متقدمة، وهو مكسب السلام الذي يُظلل الجميع، وهو بالذات الذي يمكّن الصين لمزيد من النمو ونيل الجديد من الفتوحات وتسهيل غزو الفضاء، بدلاً من تخصيص الميزانيات للحرب التي تكرهها بكين وتعمل على إلغائها من قاموس البشر.
المسلمون في الصين يشكّلون ثاني أكبر اقلية مسلمة في العالم، وقصتهم طويلة ومشوّقة. فقد كشف المؤرخ الأمريكي الشهير المدعو “ويلز”، أن سيدنا محمد “صلى الله علية وسلم” قد بعث برُسلٍ إلى الصين في العام الهجري السادس “628 م”، في العام الثاني من فترة “تشن قوان”، فقابلهم الأمبراطور الصيني “تاي تسونغ” بالحفاوة والتكريم الكبير، وأثنى على أفكارهم وآرائهم وساعدهم في بناء مسجد في كانتون، ليؤدي التجار العرب صلواتهم فيه. ولدى باحث آخر، هو “لان شوى تشى” قال، ان سيدنا وحبيبنا محمد، أرسل الصحابي سعد بن أبي وقاص إلى الصين بمهمة سلام وتآخي ولتقديم القرآن الكريم إليها، فوصل إلى تشانغان في العام السادس من فترة “تشن قوان”، المصادف عام 10 هجري “631 م”، وهي الفترة التي تصادف قبل عام من وفاة الرسول الأعظم “صلى الله عليه وسلم”، المصادف 13 ربيع أول سنة 11 هجرية “8-6-632 م”، وعندما رآى الأمبراطور “تاي تسونغ”، الصحابي سعد بن أبي وقاص إنسانا عفيفاً متضلعاً في الدين، طلب منه البقاء في تشانغان، وأمر ببناء جامع جميل تحت أشرافه، ليُقيم فيه ومرافقوه.
وفي المراجع التاريخية الكثير عن علاقات المسلمين العرب بالصين والصينيين، وتعمل الفضائية الصينية و”الصين اليوم” على التعريف به في برامجها المتنوعة الشيقة جداً وعلى صفحاتها، وهو تاريخ عريق يجب نشره والتعريف به، ويَحتاج الى نشر موسوعة تاريخية ضخمة خاصة عنه، تشتمل على معلومات ثمينة من الارشيفات الصينية بالدرجة الاولى، تتناول علاقات المسلمين بالصينيين، وقد يكون لهذا الاقتراح صدى يعمل على تطوير العلاقات بين الامتين العربية والصينية وترسيخ قيمتها السلمية والشريفة، والتزاماً بحديث رسولنا الكريم محمد صلوات الله عليه، الذي يَذكر فيه الصين بالرضا والخير: أطلبوا العلم ولو في الصين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.