موقع متخصص بالشؤون الصينية

مخاوف بإسرائيل من هيمنة الصين على اقتصادها

0

ChinaIsrealCompany
موقع قناة الجزيرة الالكتروني:
محمد محسن وتد-أم الفحم:
أثار إبرام صفقات تجارية بين الصين وإسرائيل مخاوف لدى أوساط سياسية واقتصادية وأمنية بتل أبيب، رأت في ذلك مقدمة هيمنة على الاقتصاد الإسرائيلي، وذلك عقب استحواذ شركات مملوكة للحكومة الصينية على كبرى الشركات الإسرائيلية.

وتتطلع تل أبيب إلى تعزيز التجارة مع بكين من خلال خطة عمل حكومية شاملة لتوسيع العلاقات الاقتصادية الثنائية، وذلك بهدف مضاعفة الصادرات الإسرائيلية للصين لتصل قيمتها إلى خمسة مليارات دولار أميركي سنويا.

ويرى محللون وسياسيون أن بيع شركات إسرائيلية كبرى لحكومة بكين يعني أن تتخلى تل أبيب عن مرافق اقتصادية تمثل “ذخرا إستراتيجيا”، وحذروا من منح الصين موطئ قدم بالاقتصاد الإسرائيلي تحت غطاء تعزيز التعاون التجاري بين البلدين.

وكانت شركة “بريت فود” المتخصصة في صناعة الأغذية، والمملوكة للحكومة الصينية، قد وقعت على صفقة مع الحكومة الإسرائيلية لشراء شركة “تنوفا” بمبلغ ثلاثة ملايين دولار.

وسبق ذلك شراء رجال أعمال صينيين أغلب أسهم شركة “أي تي” الإسرائيلية المتخصصة في صناعة الأجهزة الطبية، في صفقة بلغت قيمتها قرابة خمسمائة مليون دولار، بينما بيعت 60% من أسهم شركة “مختيشيم أجان” الإسرائيلية للكيماويات لشركة صينية مقابل مليار وخمسمائة مليون دولار.

تبادل وارتهان
من جانب آخر، تضاعف التصدير الإسرائيلي للصين في الأعوام الأخيرة، إذ وصل حجم الصادرات من تل أبيب لبكين عام 2013 -حسب إحصائيات ديوان رئيس الوزراء- لنحو مليارين وخمسمائة مليون دولار، بينما لم يتعد المبلغ تسعمائة مليون دولار عام 2009.

كما تضاعف تصدير الخدمات السياحية لتصل إلى 65 مليون دولار، حيث يدرس البلدان تدشين خط طيران مباشر واعتماد سياسة جديدة بمنح تأشيرات الدخول والسفر لتسهيل تنقل رجال الأعمال.

وتسعى الحكومة الإسرائيلية -حسب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو- من خلال تعزيز علاقاتها التجارية والاقتصادية مع الصين والدول الآسيوية إلى الالتفاف على حملات المقاطعة لاقتصاد المستوطنات، وعدم الارتهان للأسواق الأوروبية وطرق أبواب لفرص تجارية وتبادل الاستثمارات لتحصين وحماية الاقتصاد الإسرائيلي.

وعيّن نتنياهو لجنة وزارية برئاسة البروفيسور يوجين كانديل رئيس المجلس الاقتصادي القومي لتشرف على مشروع تبادل البعثات التجارية بين البلدين وتدشين ممثلية ومركز تجاري إسرائيلي بالصين، وستقام مجموعات عمل إسرائيلية من شأنها العمل مع نظيراتها الصينية على دفع قدرات الشركات الإسرائيلية بالصين واحتمالات القيام باستثمارات متبادلة.

أمني وإستراتيجي
من جانبها، أبدت أوساط أمنية وسياسية بتل أبيب أثناء مناقشة لجنة الاقتصاد بالكنيست تحفّظها على توغل وهيمنة الصين على كبرى الشركات الإسرائيلية، وحذرت من تداعيات بيع شركة “تنوفا” لبكين، واعتبرت ذلك تهديدا للأمن الغذائي القومي لإسرائيل، خاصة أن شركة “تنوفا” بملكياتها عشرات آلاف الدونمات تتحكم في نحو 70% من سوق الألبان والحليب واللحوم والبيض بإسرائيل.

وانتقد الرئيس السابق لجهاز الموساد إفرايم هليفي أثناء مداولات جلسة لجنة الاقتصاد، صفقة بيع شركة “تنوفا” للصين بمبلغ يقدر بنحو ثلاثة مليارات دولار، محذّرا من اتساع نفوذ الدول الأجنبية والصين على وجه الخصوص في الاستثمار بالاقتصاد والسيطرة على أسهم الشركات الإسرائيلية الكبرى.

واعتبر هليفي خصخصة كبرى الشركات ونقل ملكيتها لدول أجنبية قضية أمن قومي ومقدمة لفقدان الحكومة الهيمنة والسيطرة والملكية على الشركات التي رافقت وأسهمت في تأسيس الدولة.

ويعتقد الرئيس السابق للموساد أن تل أبيب تتخلى عن كبرى الشركات التجارية التي تعتبر “كنزا إستراتيجيا”، وتمثل عصب الاقتصاد الإسرائيلي، لافتا إلى أن منح بكين -التي تبنت تطوير المشروع النووي الإيراني- السيطرة على المرافق الاقتصادية والإستراتيجية بإسرائيل يعتبر مقدمة لتعزيز تواجدها بالشرق الأوسط، وهو ما يتعارض مع المصالح المشتركة لتل أبيب والإدارة الأميركية التي تعتبر الحليف الأكبر والحيوي لإسرائيل.

تصفية وهيمنة
في الموضوع ذاته، حذرت النائبة بالكنيست شيلي يحموفيتش -رئيسة حزب العمل السابقة- من اتساع ظاهرة الخصخصة وبيع الشركات الإسرائيلية الحكومية للقطاع الخاص والصين، واعتبرت بيع كبرى الشركات وضمنها شركة “تنوفا” بداية لـ”تصفية الدولة”.

وطالبت يحموفيتش المستشار القضائي للحكومة بإبطال هذه الصفقة، وعللت ذلك بالقول إن شركة “تنوفا” تسيطر على الغذاء القومي وتمتلك مساحات واسعة من الأراضي، وبيعها يعني نقل أراض لملكية خارجية، وهو الأمر الذي يتنافى والقانون الإسرائيلي.

كما خلصت ورقة بحث صادرة عن “مركز أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي إلى أن الشركات الصينية التي تستثمر في الاقتصاد الإسرائيلي مملوكة لحكومة بكين، مما يعني إمكانية هيمنة وسيطرة الصين والتحكم بإسرائيل وسياساتها.

ولفت معد الورقة، وهو أستاذ الدراسات الآسيوية في جامعة حيفا الدكتور يورام عفيرون، إلى أن الاستثمار يتعدى التجارة ويستحوذ على التقنيات والابتكارات التي طورتها تل أبيب، وهو ما يعني نقل براءة الاكتشافات واختراعات الأدمغة الإسرائيلية لنفوذ الصين، وهذا يمكّن بكين من الاستحواذ على معلومات تقنية ذات ذخر إستراتيجي لإسرائيل، والسيطرة على مرافق وشركات تكنولوجية ونقلها لمختلف الدول.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.