موقع متخصص بالشؤون الصينية

« داعش» تطرق أبواب الصين!

0

SudanArmy

صحيفة الاهرام المصرية:
عندما أعلن تنظيم «الدولة الإسلامية» «داعش» فى شهر يوليو الماضى عن برنامج وخريطة لإقامة «دولة خلافة» للتنظيم تشمل دولا من الشرق الأوسط وأوروبا، ظهر غرب الصين على الخريطة، ليؤكد تربص التنظيم بالصين وسعيه إلى توسيع حدود عملياته المسلحة المستقبلية لتشمل تلك المنطقة.

وتحدث أبو بكر البغدادى رئيس التنظيم ذاكرا الصين تحديدا فى قائمة الدول المستهدفة.

واليوم تؤكد الدول الغربية المشاركة فى التحالف الذى تتزعمه الولايات المتحدة أن القتال ضد «داعش» قد يستغرق فترة زمنية قد تطول لسنوات. وبالتالى أصبحت الخريطة التى نشرها التنظيم الدموى والجدول الزمنى، الذى تحدث عن ٥سنوات فقط للتنفيذ، وبدء تسلل عناصر صينية للقتال فى صفوف «داعش» محط اهتمام وقلق متخذ القرار فى الصين.

وبالنظر إلى الجغرافيا السياسية فإن إيران المتقاربة مع الصين تعد العائق الوحيد والمصد الأخير الفاصل بين مناطق عمليات «داعش» فى العراق وسوريا من جانب وإقليم شينجيانج غرب الصين من جانب آخر.

وفى شهر سبتمبر أعلنت وسائل إعلام رسمية صينية ان متشددين صينيين من إقليم شينجيانج أقصى غرب الصين، وموطن أقلية الويغور العرقية المسلمة، هربوا من البلاد لتلقى “تدريب إرهابى”، على أيدى تنظيم «داعش» استعدادا لشن هجمات فى الإقليم عقب العودة.

وحتى الآن تلقى حكومة الصين بالمسئولية عن تصاعد العنف خلال العام الماضى على متشددين من شينجيانج، ترى انهم يقاتلون لإقامة دولة مستقلة يطلقون عليها اسم «تركستان الشرقية».

وتتخوف الصين من سعى المتشددين فى شينجيانج إلى توسيع نطاق اتصالاتهم مع التنظيمات الإرهابية الدولية، من خلال المشاركة فى القتال الفعلى معهم، مقابل الحصول على دعم خارجى لتصعيد الأنشطة المسلحة فى الصين.

وقد تأكدت مخاوف الصين فعليا بعد ثبوت انضمام مقاتلين من شينجيانج لعمليات تنظيم «داعش» فى سوريا والعراق، بالإضافة إلى أنشطة “أفرع” التنظيم فى جنوب شرق آسيا. فقد تم اعتقال واستجواب عناصر مشكوك فيها من شينجيانج داخل إندونيسيا. كما فر ٤ آخرين من الصين إلى كمبوديا، ومن ثم إلى تايلاند، حيث حصلوا على جوازات سفر تركية مزورة قبل التوجه إلى اندونيسيا جوا عبر ماليزيا.

ويشير المراقبون إلى أن داعش بصدد اختراق جنوب شرق آسيا بعد ان انتشرت فى سوريا والعراق. وهذا ما أوردته شركة “موير أناليستيك”، التى توفر للشركات المتعددة الجنسيات معلومات مخابراتية مضادة للإرهاب والعنف السياسى والتمرد والمعروفة بعلاقاتها بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية “سي. آي.أي”.

وجاء الإنذار باختراق «داعش» دولا محيطة بالصين وتشكل مجالا حيويا لها مثل الفلبين وإندونيسيا وماليزيا وبعضَ الدول الأخرى المحيطة بالصين ليثير قلق بكين.

وأشار المفكر السياسى والصحفى الفرنسى تييرى ميسان إلى أن دراسات ومعلومات الولايات المتحدة أشارت إلى فئة أخرى من المقاتلين المنضمين لداعش، حيث استقر مئات من المقاتلين الصينيين مع عائلاتهم منذ بداية شهر يونيو ٢٠١٤ فى شمال شرق سوريا. البعض منهم تمت ترقيتهم فورا إلى رتبة ضباط. وهم تحديدا من الويغور المسلمين السنة ممن يتحدثون اللغة التركية.

ويعتقد ميسان، الذى يتبنى نظرية المؤامرة التى تقف وراء الظهور والتطور المذهل لتنظيم “داعش”، أنه وبفضل التعامل الأمريكى والغربى «المزدوج» مع المسلحين والإرهابيين فى سوريا منذ سنوات، سيتمكن حلف ناتو من الاستمرار فى إطلاق جحافل المقاتلين الإرهابيين ضد سوريا، فى الوقت الذى يدعى فيه ويتظاهر بمحاربتهم.

وحين ينتهى حلف ناتو من نشر الفوضى فى جميع أرجاء الوطن العربى, فإنه سيوجه تنظيم “الدولة الاسلامية” ضد روسيا والصين. لهذا ناشد ميسان موسكو وبكين التدخل منذ اليوم لـ«خنق» المخطط المدمر، عبر القضاء على تنظيم «داعش» الذى يصفه بالجيش الخاص الذى كونه ودربه حلف ناتو فوق أرض عربية!!

الصين تتحرك بحكمة

وبحكمتها المعهودة لم تظهر الصين اندفاعا للمواجهة مع تنظيم مسلح يبعد مجال عمله عنها بآلاف الكيلومترات. فبدأت الصين فى تحليل التهديد الجديد المتربص بها. فأكد يين قانج ،الباحث فى معهد دراسات شئون غرب آسيا وشمال إفريقيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، أن الظهور القوى والتوسع السريع لـ ” الدولة الإسلامية ” سببه حالة عدم الاستقرار التى تشهدها المنطقة والتى وفرت فضاء واسعا لتطوير نشاطات التطرف. كما أن إطاحة القوى الأجنبية بالشخصيات القوية فى الشرق الأوسط أدى إلى صعود المنظمات المتطرفة فى المنطقة. وحذر من أن يزداد عدد الجماعات الإسلامية المتطرفة الموالية للبغدادى.

أما لى شاو شيان، نائب مدير معهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة، فقال إن، الاستعمار الغربى والاستغلال على المدى الطويل حول الشرق الأوسط إلى منطقة مليئة بمشاعر السخط.

وعلى الرغم من أن العالم العربى بات مستقلا حاليا، إلا أن تأثير الغرب على هذه المناطق لا يزال قويا جدا.

وهو يرى أن معاداة المنظمات الدينية المتطرفة الأفكار الغربية يجذب اهتمام عامة الناس. وبسبب هذا الخلاف، فإن ارتفاع راية معارضة الغرب والعمل من وراء ستارها يلقى ترحيبا حارا جدا فى العالم العربى وبعض مناطق العالم الإسلامى.

ولم تكتف الصين بتحليل الظواهر أكاديميا. فقد أعلنت شركة أمنية أمريكية فى شهر يوليو الماضى أن مجموعة متمرسة من الـ “هاكرز” المعتقد فى حصولهم على دعم صينى، اخترقوا أجهزة الكمبيوتر لخبراء فى الشأن العراقى. وجاء الإعلان بعد أيام قليلة من اجتياح “داعش” مناطق واسعة فى وسط العراق وشرق سوريا، وإعلان “دولة الخلافة” فيها.

كما تم إرسال مبعوث خاص ـ السفير وو سيكه ـ لزيارة دول الشرق الأوسط واستطلاع الأمر عن قرب.

والصين محكومة فى تعاملها مع أزمة «داعش» فى الشرق الأوسط وبالتهديد المتوقع لأراضيها من منطلقات أساسية هى عدم الاندفاع فى التدخل إلى جانب التحالف الغربى حفاظا على مصالحها الأساسية المتمثلة إمدادات الطاقة من إيران والعراق. وعدم الإضرار بنظام الأسد فى سوريا. وعدم إثارة الكراهية الدينية بين صفوف المسلمين فى الصين حفاظا على التماسك والأمن الداخلى للبلاد. ٤ـ عدم الانجرار فى صراعات مسلحة خارجية تلافيا لاستهلاك القدرات العسكرية الصينية. وهكذا تحول تنظيم صغير فى سنوات قليلة، و«بشكل غامض»، إلى خطر يهدد القوى الكبرى عالميا ودول منطقة الشرق الأوسط، ويسعى إلى تهديد الصين التى تعد الدولة صاحبة أكبر تعداد سكانى على كوكب الأرض والأقوى عسكريا فى القارة الآسيوية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.