موقع متخصص بالشؤون الصينية

شياو قانغ وعَقد الحياة والموت وإصلاح الريف الصيني

0

£¨ÃÀÀöÖйú¡¤¹ØעʪµØ£©£¨3£©´óÃÀÕ䱦µºÊªµØ

صحيفة الديار الأردنية ـ
صالح عيدروس علي:

بإعلان جمهورية الصين الشعبية، في الأول من  أكتوبر سنة 1949،  أخذت الدولة تتمتع بمكانة عالمية مميزة، وذلك لكونها دولة ذات ثقل سكاني كبير، كان يُمثّلُ أنذاك نسبة 22بالمئة من ساكني العالم، وتقوم على مساحة زراعية تقدر بنحو سبعة بالمئة من الأراضي الزراعية عالمياً, وعلى اقتصاد قائم على قاعدة فلاحية فرضت المساواة في الدخل والمكانة.

بدأت الجمهورية الصينية الوليدة بتبني الإصلاح الزراعي في المناطق التي يقطنها أكثر من 90بالمئة من المزارعين، حيث وزعت الحكومة اراضي كبار المُلاّك والإقطاعيين على الفلاحين الفقراء، وصار هؤلاء مُلاّكاً لها، حيث حصل أكثر من 300 مليون فلاح صيني على نحو 47 مليونهكتار من الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة، مما زاد من همّتهم وجهدهم وحماستهم للزراعة وتحصيل عائد مادي .

و في العام 1955 شرع الزعيم الصيني ماوتسي تونغ بتشكيل المزارع الجماعة. ووفقاً لفكرتها لم يَعد مسموحاً للفلاحين بامتلاك اراضٍ، وتحتم عليهم ان يشتروا وأو يبيعوا لحسابهم الخاص ما ينتجوه، إلا إذا زرعوه في مساحات ارض صغيرة وخاصة بهم. وبهذه الخطوة انخفض مستوى الإنتاج الزراعي، وبلغ العجز في الغذاء اسوأ حالاته بعد مضي ثلاثة أعوام، أي في العام 1958عندما ضم برنامج ماو “القفزة الكبرى إلى الإمام” التعاونيات الريفية، وشكّل منها كميونات، باعتبارها أجهزة سلطة الدولة والعمل الإنتاجي معاً, وقد عرفتها الصين في عهود الأباطرة منذ اكثر من ثلاثمئة عام، وبهذا تولى إداريو الحزب الشيوعي إبلاغ الفلاحين بنوع المحاصيل التي عليهم ان يزرعونها، وعدد ساعات العمل، وتواريخ الحصاد، ومع وعد من الكميونة بتوفير الغذاء والرعاية الطبية لهم، إضافة لغيرها من الضروريات  .

ووفقاً لنظام الكميونة، يقوم الفلاحون بتسليم ثلث إنتاجهم كضريبة تستخدمها الدولة لإطعام المُدن، وتترك الباقي كغذاء مخصص للمَجمع السكني للكميونة. وقد بالغ مسئولو وإداريو الحزب برفع تقارير للقيادات تؤكد تضخّم إنتاج الحبوب في مناطقهم، وتنافسوا فيما بينهم بغية إدخال السرور على نفس ماو, واشاروا له الى ان نظام المزارع الجماعية حقق نجاحاً باهراً، وتضاعفت المحاصيل رغم العوامل الطبيعية القاسية ومنها فيضانات الأنهار، وتغيير مساراتها، والإمطار الساحقة، والجفاف، والقحط المطلق. وبهذا، قاسى الفلاحون الجوع والفقر معاً، مما اضطرهم الى الرحيل في إنحاء البلاد الصين بحثاً عن الغذاء، بمن فيهم سكان قرية المزارع الجماعية شياوقانع المعروفة بفقرها. ففي عام 1978تعرضت قرية شياوقانغ على نهر هوايخة في محافظة فنغيانغ بمقاطعة انهوي لجفاف شديد، وجاع المزارعون في ظل هذه الأوضاع البائسة، وفي ذلك الوقت توصل اثنان من كوادر القرية هما  “يان جون تشانغ, و يان هونغ تشانغ” الى ضرورة فعل شي ما، لتغيير تلكم الوضع.

وفي صبيحة الرابع والعشرين من نوفمبر 1978 دعا يان وزميله هونغ جميع أُسر “المحلية” وعددها عشرون أُسرة ونحو مئة قروي لحضور اجتماع. وبعد نقاش اتخذوا قراراً بالتخلي عن نظام الزراعة الجماعية “الكميونة” الذي مورس لفترة طويلة، وتنادوا الى تقسيم الاراضي فيما بينهم، وكانت هذه الممارسة غير شرعية في ذلك الوقت، وتعتبر تحطيماً لقواعد وقوانين المزارع الجماعية ومعارضة للمبادئ الأساسية لشيوعية ماو في ذلك الوقت.. ووضعوا في نهاية القرار بصماتهم.

وعُرف هذا الاتفاق بإسم “عقد الحياة و الموت”، وشملت بنوده قيام الفلاحين بمحض إرادتهم بتوزيع الحقول على الأُسر في القرية بحسب عدد إفراد الأسر المستهدفة, مع التعهد بتسليم حصة محدودة من إنتاجهم للحكومة، وعدم مطالبة الدولة بحبوب أو أموال “اعتبار الفِرق والأسر الفلاحية وحدات متعهدة بالإنتاج”. وتم النص في نهاية الاتفاق على أنه “إذا فشلت المحاولة فنحن الكوادر سنقبل الإعدام أو السجن بموجب القانون.. ويتعهد إفراد القرية الآخرون بتربية أطفالنا، حتى يبلغ كل منهم 18 عاماً من العمر ويصبح بالغاً”. كان هذا الاتفاق السري أول خطوة نحو

صلاح الريف في الصين. وقال الموقعون على الاتفاق إن أملهم الوحيد هو “إن تشبع بطونهم ولو لمرة واحدة وبعدها سيشعرون بالرضى، وان جاءهم الموت”. وبهذه الخطوة لفلاحي شياوقانغ بدأت مرحلة الإصلاح الاقتصادي في أرياف الصين والتغيير نحو الأفضل في القطاع الزراعي .

ووصف الزعيم الصيني دنغ شياو بينغ، في وقته، تجربة شياوقانغ أنها “اختراع عظيم للفلاحين الصينيين”. وفي مارس عام 2014 زار “ليويون شان” عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني  قرية شياوقانغ. وفي الإشارة الى اختراع القرويين عام 1978 لنمط زراعي جديد، أصبح للأسر بمقتضاه مسؤوليات تعاقدية. قال ليو: “ان الإبطال الخلاّقين يمكن اكتشافهم بين إفراد الشعب، ويجب الثقة بهم والاعتماد عليهم في تعميق الإصلاحات” .
كاتب يمني ورئيس نادي قراء مجلة الصين اليوم – اليمن

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.