موقع متخصص بالشؤون الصينية

كيف أصبح الصينيون من الدول المتقدمة؟

0

ahmad-kaysi-china

موقع الصين بعيون عربية ـ
أحمـــد إبراهيـــم أحمــد ابو السباع القيسي:

بعد أن إستلم الحزب الشيوعي الصيني الحكم والسلطة في الصين, أصبح هناك إهتمام كبير بالعلم والعلماء والعلميين, وأصبح العلم منهاجا لكل أبناء الأمة الصينية صغارها وكبارها فلاحيها وتجارها وصناعيها, فدخل العلم في كل المجالات ودب الإنتعاش فيها, فأصبح هناك تغيير في حياة الناس, وأصبح العلم سببا للنمو والتقدم والإزدهار والإنتعاش الذي بدأ يظهر آنذاك حتى وصل إلى ما نراه اليوم من تكنولوجيا علمية فاقت كل المنتجات العالمية الزراعية والصناعية والتجارية والعسكرية, ودخلت الأسواق العالمية من أوسع أبوابها, فكان ذلك التقدم والإزدهار هو نتيجة حتمية وحقيقية للعلم الذي تمسك به الحزب الحاكم والأمة الصينية, الأمر الذي جعل الصين في مقدمة دول العالم إقتصاديا لأنها تمسكت بالعلم والعلوم والعلماء والعلميين.
فبدأ الإنجاز العلمي من الأشياء الصغيرة المتمثلة ببعض البحوث العلمية في بعض المجالات كالزراعة في الأراضي الشاسعة مثلا, إلى الإنجاز العلمي الكبير بإختراع مركبات فضائية وأقمار صناعية للصعود إلى القمر, لأنهم تمسكوا بالعلم وبحثوا عن العلوم وإعتبروها معلومات وحقائق جمعها الإنسان من خلال أبحاث في كافة المجالات العلمية, ومن خلال جهد وتعب وبحث وتحري ومتابعة وسفر من مكان إلى مكان آخر رغم المسافات والصعوبات والمعوقات الكثيرة التي كانت تلاقي الباحث والعالم حتى يصل إلى نتائج بحثه, وتلك المعلومات والحقائق العلمية كان لها أثر واضح في سلوك الإنسان الصيني ومواقف حياته المختلفة والمتنوعة.
والحكومة الصينية وعلماء الأمة الصينية لم يقفوا على تلك الحقائق العلمية لأي بحث ويقوموا بحفظه فقط – كما يجري في دولنا العربية – وإنما إستعملوه في حياتهم لكي توجه سلوكهم العلمي في كل المجالات بما يتفق مع ما تتضمنه تلك الحقائق والمعلومات والأبحاث, وأيضا كان يتم متابعتها لمعرفة ما يترتب عليها من نتائج, فإذا كانت جيدة يتم الأخذ بها ويتم دعمها وتطويرها بكل ما يلزمها, وإن كانت سيئة يقومون بإعادة البحث والتحري عن المعلومات والحقائق حتى يصلوا إلى النتيجة المرجوة من ذلك العلم والبحث, حتى تستفيد منه الأمة الصينية وأمم الأرض الأخرى, لذلك إعتبر علماء الصين بأن العلوم إسلوب وطريقة يمارسها العلماء وطلاب العلم والعلماء لحل ما يواجههم ويعترضهم من مشكلات, لذلك كانت حافزا ومشجعا لهم لمواجهة أي موقف من المواقف التي قد تعترضهم أثناء العمل في بحث ما وفي أي مجال كان سياسي أو إقتصادي أو إجتماعي أو عسكري أو صحي أو غيرها من المجالات الأخرى, لذلك نمت روحهم وعقليتهم العلمية وتوسع فكرهم العلمي ومن ذلك التوسع أعطي للأمة الصينية وللبشرية جمعاء أكبر أمل في رقي الإنسان وتقدمه وحماية المجتمع خاصة من أي مشكلات قد تواجهه اليوم أو في المستقبل, وأيضا إعتبر علماء الصين أن جوهر العلم لا يكمن أو يقاس بأدواته, رغم أنه يعلم بأن الأدوات مهمة جدا لأي علم أو عمل, بل أثبت أنه يكمن أو يقاس بمنتجاته وخصوصا التي تفيد الأمة الصينية والإنسانية جمعاء.
والدليل على ما ذكر سابقا ما نراه من كبت وإحباط وملاحقة وقلة حظ في عالمنا العربي والإسلامي لدى علمائنا حتى لا يصلوا إلى أي إنجاز علمي رغم توفر أدوات العلم كاملة لديهم, وذلك لأن هناك دول وبالذات دول البترودولار إرتبطت بالدول الغربية إرتباطا كليا وإعتمدت عليها بكل شيئ في شؤون حياتهم مقابل دفع الأموال وهذا الشيئ أدى إلى زيادة تخلفها وبقائها كما هي بدرجة عالية من التخلف والجهل, تلك الدول الغربية التي سرقت الإنجازات وكبتت علمائنا في أوطاننا حتى يهاجروا لدولهم وفتحت لهم حدودها وقدمت لهم كل ما يلزمهم حتى تختزل العلم والعلماء لدولها ولمصالحها فقط دون أن تفيد منه الإنسانية كاملة, وهناك دول أخرى إسلامية لم تعتمد على الغرب المتصهين, وزادت من تقدمها في كل المجالات مثال (جمهورية إيران الإسلامية), رغم أنها ليست غنية كدول البترودولار, ورغم أن الحظر والحصار الإقتصادي والضغوطات السياسية مفروضة عليها منذ سنوات وما زالت, وهذا يؤكد أن فقر بعض الدول لا يعني أنها متأخرة أو متخلفة, وغنى بعض الدول لا يعني أنها متقدمة أو فيها كفاءات علمية رغم كل ما تشتريه بأموالها من معالم للتقدم حتى تثبت أمام العالم بأنها دول متقدمة وكل ما يجري في دولها من بعض مظاهر التقدم والنمو والإزدهار تم شرائه بالأموال, ومجرد أن ذهبت هذه الأموال ستذهب كل هذه المظاهر الزائفة والزائلة, وستذهب إلى دول متخلفة أخرى تملك الأموال لتشتريها من العالم الغربي المتصهين, بينما ما يتم عمله من أبحاث من أبناء الوطن ويتم تنفيذه بنفس الوطن والأرض وتظهر نتائجه الجيدة فيه يبقى راسخا شامخا في أرضه ومنها يتم توزيعه على أرض الله الواسعة لتستفيد منه البشرية جمعاء.
لذلك أثبتت الحكومة الصينية وعلماء الصين وأكدوا للعالم أجمع بأن جوهر العلم والعلوم يكمن ويقاس بالروح والمشاعر والعقلية العلمية التي أخذوا بها وساروا على نهجها العلمي الصحيح, لذلك هم أبدعوا في كل المجالات ووصلوا إلى النتائج المرجوه ومنها حصلوا على التقدم والإزدهار, أما عالمنا العربي للأسف الشديد إعتبر جوهر العلم في أدواته وهي كثيرة ومتوفرة بكثرة, وأهمل الروح والعقلية العلمية وكفاءاتها, فلم يصل إلى التقدم والإزدهار والنمو وإعتمد بكل مناحي حياته على العالم الخارجي وبالذات الغربي المتصهين بك ما يحتاجه لبناء ونمو وتقدم بلدانه, بل وفي بعض الدول العربية وبأوامرغربية بحته يتم كبت تلك الروح والعقلية العلمية ومحاربتها في أرضها وفي كل مكان حتى لا تعبر عما يدور بداخلها, وتمنع من رفع صوتها حتى لا يسمعها أحدا ما فيفتح لها الأفق لتعبر عن ما تكنه بداخلها من علم وعن جوهرها الحقيقي الذي تنتظره البشرية جمعاء, وقد يكون في تلك الروح والعقلية العلمية شفاء للإنسانية من كل أمراضها وفي كل المجالات.
ونحن كأمة عربية وإسلامية في الماضي كنا خير أمة أخرجت للناس لذلك حكمنا العالم في يوم من الأيام أي زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وزمن صحابته الكرام ومن سار على دربهم, والذين ثبتوا العلم الإلهي على الأرض ومن ثم نشروه على العالم أجمع, رغم العذاب والإضطهاد والملاحقات والمؤامرات ورغم الحروب التي كانت تفرض على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى صحابته وعلى المسلمين أجمعين من قبل أعداء الله والإنسانية, والذين ما زالوا إلى يومنا الحالي يقومون بأعمالهم الشيطانية لمحاربة الله والإنسانية جمعاء حتى لا تصل الإنسانية إلى الهداية والرشاد والأخوة التي تمنحهم التعاون لعمل ما يلزم الإنسانية في حياتها ولعمارة الأرض كما أمرنا الله سبحانه وتعالى وفقا لأوامره ولما علمنا إياه الأنبياء والرسل عليهم السلام جميعا وخاتمهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, فالرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام أخذوا بالصفات العلمية وصقلوا روحها ونمو عقليتها, رغم الامكانيات البسيطة التي كانوا يملكونها ورغم وضعهم السيئ الذي كانوا يعيشونه, فمن ظلم وعذاب وإضطهاد وسجن وتهجير وقتل وملاحقات ومؤامرات إلى حروب وغزوات فرضت عليهم, إلا أنهم أثبتوا لأعداء الله والإنسانية في كل مكان بأنهم هم المنتصرون بإذن الله, لأنهم أخذوا بالقواعد والأسس والصفات العلمية التي أمرهم الله بها في كتابه العزيز, وطبقت بالكامل بمضمون واحد يسير في إتجاه واحد وهو تحقيق النتائج المرجوه للوصول بالإنسانية إلى طريق الهداية والرشاد والإيمان والتوحيد والتقدم العلمي والإنساني بكل المجالات.
ومن هذه القواعد والصفات الإيمان بالله والتوكل عليه سبحانه وتعالى, الإلتزام بأوامر الله سبحانه وتعالى أي النظام الإلهي, ترتيب الأولويات بنشر الدعوة, العمل بروح الفريق والجماعة, والصدق في نقل الحقيقية العلمية الإلاهية للمقربين ومن ثم نشرها للناس جميعا, والصبر على ما يواجههم من معوقات وظلم وإنتظار الأجر والثواب في الدنيا والآخرة, والجرأة والأخذ بالأدوات والأسباب والإعداد لأعداء الله والإنسانية جمعاء حتى يتم مواجهتهم في حال فرض عليهم أي أمر لم يكن متوقع, وبذلك تم نشر الدعوة الإلاهية العلمية وتم تثبيتها على الأرض وإستفادت منها البشرية جمعاء في الدنيا والآخرة وفي كل المجالات العلمية التي تفيد الإنسان والإنسانية, ووصلوا إلى التقدم العلمي والحضارة الإسلامية والإنسانية التي حكمت العالم ونشرت العدل والمحبة والأخوة بينهم عبر التاريخ, أما اليوم للأسف الشديد أصبحنا كعرب نفتقد كل شيئ في حياتنا العلمية والعملية وتركناها لغيرنا, لأننا إبتعدنا عن أوامر الله وسنة رسوله الكريم ودستورنا العظيم كتاب الله سبحانه وتعالى (القرآن الكريم), وإتبعنا كل ما يأتينا من الغرب المتصهين, وهذا ما أوصلنا إلى ما نحن عليه الآن مما يدور من أحداث في دولنا من قتل ودمار وتهجير وفتن وحروب فرضت علينا من قبل الغرب المتصهين الذي يعمل لتنفيذ مشاريعه في المنطقة والعالم, للسيطرة على الأرض وما عليها لا سمح الله ولا قدر.
والحكومة الصينية وغيرها من الحكومات مثل (روسيا, الهند, إيران, فنزويلا) التي تعمل لأمتها وللأنسانية جمعاء أخذوا بنمط تلك القواعد والأسس والصفات العلمية, وطبقوها بمضمون واحد وساروا على منهج واحد وموحد لذلك وصلوا إلى ما وصلوا إليه الآن من التقدم والنمو والإزدهار وفي كل المجالات التي يحتاجها الإنسان والإنسانية جمعاء, رغم أن تلك الدول عانت الأمرين حتى وصلت إلى تقدمها العلمي, وليست كالدول الغربية المتصهينة والتي أقامت إمبراطورياتها على جماجم ودماء الأبرياء من شعوب الأمم الأخرى, وسرقت علمها وعلومها وعلمائها وتراثها وميراثها العلمي, وحاولت أن تختزل ذلك العلم لمصالحها فقط لذلك كبتت علماء الأرض وفي كل مكان بالتنسيق مع دولهم, وفتحت أبوابها لهم ونسبت علمهم لها ولشعوبها فقط, وأيضا أصبح علمها ونتائجه تستخدمه للهيمنة على الدول والشعوب والحضارات والأمم الأخرى للسيطرة على الأرض وما عليها, ولم تستخدمه لتفيد الإنسانية به, بل بالعكس قامت تلك الدول الشريرة بزرع كل المعوقات والشرور أمام كل إنسان يعيش على وجه هذه الأرض المباركة.
والقيادة والحكومة الصينية وغيرها من الدول عرفوا القواعد والأسس والصفات العلمية وطبقوها عمليا ونجحوا بذلك إلى أن أصبحوا من الدول المتقدمة وبكل المجالات, لذلك يجب أن نعمل كأمة عربية وإسلامية لنعيد لأمتنا علمها وعلمائها وتقدمها وحضارتها التي سلبت منها, كما عمل الحزب الحاكم في الصين لأمته, وحزب بوتين في روسيا بعد أن كانت دولهم على حافة الإنهيار, ويجب أن نعمل كأمة عربية وإسلامية مع الصين وروسيا والهند وفنزويلا ومع كل الدول الحرة التي تعمل للإنسان وللإنسانية, لأننا متساوون بالقيم والأخلاق والقواعد والأسس العلمية, ولأنه لدينا إيمان داخلي يوجهنا إلى الحق والباطل والصح والخطأ, وكل ما نقوم به هو لخدمة الإنسانية وننتظر من خلاله الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة, لذلك يجب أن نتبادل الخبرات فيما بيننا لتسفيد منها الإنسانية جمعاء, ولنهزم كل شياطين الإنس والجن والذين يريدون أن يجروا العالم بكل أممه إلى نار الدنيا والآخرة.

بـاحــــــــــث وكاتـــــــــــب أردنــــــــــــــي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.