موقع متخصص بالشؤون الصينية

الاردن والصين.. توسّع العلاقات الثقافية الشعبية

0

wajdi-neimat-jordan

موقع الصين بعيون عربية ـ
وجدي النعيمات*:
في مهرجان مدينة جرش الاردنية ذات الارث الثقافي المتنوع عبر التاريخ، تدخل الصين مجدداً الى قلوب الاردنيين، لتحقق سبقاً في عملية التلاقح الحضاري والثقافي، من خلال العرض الفلكوري لفرقة الرقص التقليدي والموسيقي القومية لمنغوليا الداخلية الصينية.
الفرقة الصينية تحيي هذه الايام العديد من الحفلات في الاردن، وقد أحيت حفلاً جماهيرياً في السلط بعد جرش، ما سلط الأضواء الكاشفة على ثقافة وفلكلور الصين بالذات، سيّما وان الدخول الى المسرح الذي شهد الحفل كان مجانياً لعموم الاردنيين، مما وفّر بيئة مناسبة وسريعة لتذوق الاردنيين للفنون الصينية والتعرّف على الصين عن كثب، في غمرة المهرجانات والاحتفالات التي تشهدها جرش ومدن اخرى على هامش المهرجان وارتفاع أسعار تذاكر بعض الحفلات فيه، و/أو تدني غيرها.
وفي الواقع، يُعتبر المهرجان فرصة مواتية لدول عديدة لعرض فنونها وواقعها الحضاري والثقافي، لهذا نرى وجود سباق حاد جاري للحوز على قلوب الاردنيين وعقولهم في تلكم المهرجانات، وفي غيرها من الفعاليات الثقافية والفلكلورية التي تجري في الاردن خارج إطارها، وفي مناسبات على “طول وعرض” كل سنة، وبالطبع لتلك كلها معنى وهدف سياسي.
الفرقة الصينية قدمت عدة عروض فنية وراقصة اشتملت على رقصة ترحيبة من سكان المراعي، وعزف موسيقي من البراري والربيع، اضافة الى رقصة عن قوس قزح، وعزف موسيقي عن الحصان. وحضر العرض رؤساء الهيئات الثقافية وجمع من المواطنين وعدد من المهتمين بالثقافة الصينية، وقد حازت على اعجاب الجمهور الاردني بسبب تقارب الواقع الثقافي الاردني الصيني الى حد التماثل في الجزئيات والعموميات .
في التاريخ، ان علاقات الاردن بالصين ليست جديدة، بل انها كانت بدأت في العام 1977، وبرغم ذلك لم تقم بكين للآن بتأسيس مركز ثقافي عمّاني أو عقباوي أو سلطي لها أو إربداوي، تكون جاذبةً وعريقةً وغنية المضمون، تنشر ثقافة الصين كدولة عظيمة وصديقة وحليفة، لذلك كانت مراكز ثقافية غير عربية عديدة هي التي تجتذب الاردنيين وتحوز على عقولهم وأحاسيسهم، وتحوّل البلاد والعباد الى محبتها ومحبة البلاد التي تمثلها، بخدم الشعب ثقافياً ومجاناً.
لقد كان افتتاح محافظ البلقاء صالح الشوشان حفل عرض فرقة الرقص “منغوليا الداخلية” في مدينة السلط التاريخية العريقة “سالتوس”، وعلى مسرحها، مندوباً عن وزيرة الثقافة لانا مامكغ، حدثاً مُتميّزاً في المدينة والمحافظة، التي يتحدث التاريخ عنها كواحدة من السُبل التي شهدت طريق الحرير الصيني القديم الذي ربط الاردن بالصين، قبل ألوف السنين، فكرّس الاخوّة التي تربط الثقافة الصينية الاردنية عبر الازمان.
في الحفل الصيني، قال مدير ثقافة السلط جلال ابو طالب، ان هذا الحفل الذي نحتفي به بالآخر وبثقافته مع الاعتزاز بثقافتنا وتراثنا دون الاخلال بأحدهما، ما هو إلا تعزيز لدور الاردن في الحركة الثقافية والعالمية للوصول الى الآخر والتعريف بالثقافة العربية والاسلامية وتسويق المُنتج الثقافي الاردني في الخارج ودعم السياحة الثقافية الأردنية، وما مشاركة هكذا فِرق عالمية في الاردن ، وتقديم عروضها للجمهور الاردني ، سوى إسهام في رفع الثقافة الفنية والجمالية لديهم ، إضافة الى تعميق التعاون بين البلدين الصديقين في هذا المجال لما تتمتع به التجربة الصينية من ثقافة زاخرة يحتاج العالم العربي الى التعرّف عليها وتذوق جمالياتها، وخصوصاً الجمهور الاردني لامتلاكه روابط صداقة وتعاون في المجال الثقافي مع الصين.
ونوّه أبو طالب الى ان ما يُميّز الجانبين الاردني والصيني ان كل منهما يمتلك رصيداً ثرياً من التاريخ الحضاري والثقافي ، مما جعلهما حريصين على التواصل لما فيه منفعة للبلدين ، وما هذه المشاركة إلا دلالة صدق واقعية على عُمق العلاقة وهذا النوع من الفن ما هو إلا مضمار ثقافي فني تتسابق فيه الدول لتقديم نتاجها الفني التقليدي، وتفرز ساحاتها فرصاً مناسبة للتلاقي والحوار والتقارب بين الثقافات والشعوب.
ومن لهم الاشارة الى تصريحات المستشار الثقافي في سفارة جمهورية الصين الشعبية الاستاذ ني كوان الذي قال ” تأسست هذه الفرقة في عام 1957، لتقديم العروض الفنية الراقصة لرعاة الاغنام والابقار في المروج ، لبعدهم عن المدينة ، مما تعذر عليهم حضور مثل هذة العروض تماما كما البادية الاردنية” .
ان الثقافة الاردنية الصينية متماثلة، والعلاقات الثقافية بين البلدين والشعبين تبقى في مسير طويل للتقارب والازدهار والتأثير المتبادل والنافع وتواصل الصداقة الحق، ونأمل ذات يوم ان نرى مراكز ثقافية في عاصمتي البلدين، وفي مدن عديدة منهما، تكون رفداً للعملية الاقتصادية والثقافية التي تزدهر بين الشعبين الصديقين، لتتنوع العلاقات وتنسجم أكثر، وتكون الرافعة الثقافية وكذلك السياحية هي الاولى التي تمتد في عقول الصينيين والاردنيين، لترسي قاعدة هامة لتطور ثابت وسليم ومتشعّب، يؤكد العُمق والبُنية الانسانية في ثقافتهما وحضارتهما.
*عضو الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.