موقع متخصص بالشؤون الصينية

العلاقات السياسية والإقتصادية والثقافية الأردنية الصينية

0

ahmad-kaysi-china-jordan

موقع الصين بعيون عربية ـ
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي*:

تأتي زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى جمهورية الصين الشعبية لشرح وجهة النظر الأردنية حيال العديد من القضايا الدولية والإقليمية، إضافة إلى تعزيز العلاقات الثنائية مع تلك الدولة الشعبية.
والصين كما يعرف الجميع هي دولة عظمى ودولة عضو دائم في مجلس الأمن ولها تاريخ عريق وحضارة ذات جذور عميقة ولها أهمية كبرى على المستوى العالمي, ولذلك يقوم جلالة سيدنا بزيارة الصين في هذه المرحلة لتعزيز العلاقات الثنائية لمستوى الشراكة الإستراتيجية بين الأردن والصين بشكل خاص، وبين الدول العربية والصين بشكل عام، وللعمل الدؤوب مع الصين لإيجاد حل للقضايا العالقة في المنطقة والعالم أجمع, وبالذات الأزمات التي تمر بها الدول العربية والإسلامية، وخاصة الأزمة السورية واللجوء السوري إلى المملكة والذي أثقل كاهلها وزاد من الأعباء الإقتصادية المترتبة من ذلك اللجوء. وكما يعرف الجميع فإن اللجوء السوري حمل المملكة أكثر من طاقتها وأعباء مالية وإقتصادية كثيرة جدا وجلالة الملك يبحث مع كافة زعماء العالم لإيجاد حل عادل للأزمة السورية يقوم على الحوار السوري – السوري وبمساعدة الدول الصديقة للأردن، ولسوريا وللعرب جميعاً مثل دولة الصين.
وهذه الزيارة لها طابع إقتصادي واضح، بالإضافة للطابع السياسي، يظهره تشريف جلالة الملك للمعرض الصيني العالمي الذي كان الأردن ضيف شرف فيه, وذلك لتأسيس علاقات متطورة في جلب الإستثمارات الصينية التي ستسهم في حل العديد من التحديات التي تواجه الأردن بشكل خاص والمنطقة بشكل عام كالطاقة والنقل والمياه وغيرها, إذ تعتبر الصين من أكبر الدول وأقواها إقتصاديا في العالم. والزيارة الهاشمية إلى الصين لها أهمية خاصة جدا إذ تؤسس لعلاقات إستثمارية جديدة جلها جلب الإستثمارات في كثير من الحقول التي يحتاجها الأردن وتحتاجها المنطقة برمتها, مع العلم أن هناك إستثمارات صينية كثيرة في الأردن وفي العالم العربي والإسلامي، وهي ناجحة على كافة الأصعدة. وستساهم زيارة سيدنا إلى إقناع الصينيين في المزيد من الإستثمارات في الأردن، وذلك لأن إستثمارات الأصدقاء الصينين كانت ناجحة جدا وفي كل مكان من العالم وليس في الأردن فقط, لحنكة وحكمة القيادة الصينية وتشجيعه للمستثمرين الصينين للإستثمار في الأردن وفي كل الدول العربية والإسلامية والعالمية, ولجهودهم العظيمة المبذولة في ذلك الأمر ولفهمهم لما تعانيه المنطقة والأردن من أزمات وتراكمات إقتصادية كانت نتيجة قرارات خاطئة من بعض الحكومات الأردنية والعربية والإسلامية, ونجحت في الأردن بشكل خاص وكبير بسبب الأجواء الإستثمارية الايجابية الموجودة الذي قام بتهيئتها جلالة سيدنا حفظه الله ورعاه، والقوانين الميسرة لهذه البيئة الإستثمارية الجيده, والأمن والآمان الذي ينعم به الأردن في منطقة ملتهبة أنهكتها المؤامرات الغربية المتصهينة والفتن الطائفية والثورات الحروب المفتعلة.
لذلك يعد التعاون المؤسسي المشترك بين الصين والأردن والدول العربية والإسلامية والعالمية من أهم ما تتميز به الحكومة الصينية ومؤسساتها المتنوعة وبكافة المجالات السياسية والثقافية والتعليمية والإقتصادية والسياسية وغيرها, وحيث أن الأردن والدول العربية والإسلامية تقع في قارتي آسيا وأفريقيا فهي تمتلك مثل الصين  تاريخا وتراثا عريقا وحضارة معروفة عبر التاريخ بنقائها وصفائها ومحبتها للإنسانية جمعاء, وذلك التعاون نما ونضج وتطور وأحدث تغيرات كثيرة في الأردن والصين وفي عالمنا العربي والإسلامي. وعلى سبيل المثال وليس الحصر، فرع معهد كونفوشيوس المنتشر في عالمنا العربي والإسلامي وفي العالم, والذي تم إفتتاحه رسميا في الأردن في 16 من شهر سبتمبر عام 2012م في جامعة فيلادلفيا الأردنية بمساحة كانت 500 متر موزعة على قاعات للدراسة ومكاتب إدارية مختلفة, مما أدى إلى تعميق علاقات التعاون الثقافي والتعليمي بين الأردن والصين وفيما بعد أدرجت جامعة فيلادلفيا الأردنية مادة اللغة الصينية كمادة إختيارية ضمن المنهج التعليمي في الفصل الدراسي عام 2013م بعد تشاورات فعالة مع قيادات الجامعة حيث أن عدد الطلاب الذين إختاروا المادة الصينية بلغ أكثر من 160طالبا وزاد في السنوات اللاحقة 2014و2015م.
ولا ننسى طريق الحرير الذي أدرج في 22 من يونيو عام 2013م في  الدورة الثامنة والثلاثون لإجتماع لجنة التراث العالمي في دوحة قطر ضمن قائمة التراث العالمي, وكان ذلك بطلب رسمي قدمته الصين بالإشتراك مع قيرغيزستان وكازخستان, ذلك الطريق الذي إكتشفه تجانغ تشيان في عام 138 قبل الميلاد وهو أحد حاشية دولة خان الغربية, حينما هرب من أسر قبيلة شيونغ نو الذي إستمر عشر سنوات وفي عودته لموطنه جلب معه معلومات بالغة الأهمية عن المنطقة الغربية فتحت نافذة كبيرة لشعب دولة خان لتطل منها على العالم الجديد, حيث أن طريق الحرير ظهر خلال القرن الثاني قبل الميلاد حيث لعب دورا محوريا في الربط بين الصين وقارتي آسيا وأوروبا, وسمي طريق الحرير بهذا الإسم نسبة لكثرة قوافل الحرير التي كانت تمر عبره في بداية ظهوره, ويبدأ طريق الحرير عند مدينة تشانغ آن (مدينة شي آن بمقاطعة شان شي الآن) ويمر بجان سووشين جيانغ ليصل حتى أواسط آسيا وغربها, وثم يمتد حتى الدول المتاخمة لساحل البحر المتوسط.
فالصين توأم للحضارة العربية والإسلامية وعبر التاريخ قدمت الحضارتان العربية  والصينية أكثر وأفضل الإنجازات العلمية للإنسانية وللبشرية جمعاء, كيف لا وتلك الحضارتان أغنت العالم بالعلوم والمعارف والفنون والثقافة وفي كافة المجالات, لذلك فإن الزيارات الدولية المتكررة للملك إلى دول العالم القوية والمؤثرة والراشدة في مجالات السياسة والإقتصاد العالمية تتميز دائما بالإهداف الواضحة والشمولية التي تعمل على رؤى مستقبلية للمنطقة بشكل عام وللأردن بشكل خاص, إضافة إلى تقوية الروابط الإنسانية بين الشعبين الصديقين وإظهاردورالحضارات والثقافات العربية والصينية وعبر التاريخ في إستقرار الدول وترسيخ الأمن والآمان السياسي والإقتصادي والعسكري, ونشر الصورة الإيجابية عن العالم العربي والإسلامي بطموحاته التنموية والنهضوية الحالية والمستقبلية, فالسعي لتطوير العلاقات بين الدول العربية والصين تتضمن رؤى شاملة في كل المجالات السياسية والثقافية والإقتصادية معا خاصة أن هناك إهتمام مشتركا بالقضايا الرئيسية التي تحكم مستقبل العالم مثل إستقرارالإقتصاد العالمي والسلم والأمن العالميين ومستقبل التعاون والتفاهم ما بين الثقافات والحضارات.
لذا، نرى في الاونة الاخيرة ازدياداً في التبادل السلعي والتجاري والاقتصادي بين الاردن والصن، ويتطلع الشعبان الأردني والصيني للمزيد من التعاون لتفعيل آمالهم المشتركة في تحقيق الأمن والآمان والسلم والمحبة بين البشر كافة دون تمييز وعنصرية أسس لها فكر غربي صهيوني مريض، نشر مرضه على الأمم كافة، فأشعل بينهم الكره والحقد والفتن والحروب، وقسمهم إلى دويلات منذ قدم التاريخ إلى يومنا الحالي والعالم يعاني من ذلك الفكر المتعنت والمريض والذي يعمل ليلا ونهارا ليسيطر على العالم أجمع ويسرق تاريخه وتراثه وحضارته لينسبها لنفسه ولشعبه المختار حسب إدعائاتهم التلمودية المزورة والكاذبة, لذلك اعربنا عن تمنياتنا بالنجاح لهذه الزيارة وبكل مجالات العلاقات الاردنية الصينية، وتحقيق ما توصلت إليه من تفاهمات في جدول الأعمال الكبير الأردني الصيني المشترك، الذي ناقشه وأقرّه الطرفان الصديقان.

* باحــــــــث وكاتــــــــــب أردنـــــــــــي  / وعضو في الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتاب العرب حلفاء الصين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.