موقع متخصص بالشؤون الصينية

“وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية”.. علاقات سَلِسة وعَزم مُشترك لتَعزيز التَّعاون

1

saleh-aydarous-ali-china-arabs1

موقع الصين بعيون عربية ـ
صالح عيدروس علي*:
أصدرت الحكومة الصينية في (( 13 يناير الماضي )) وثيقة (( سياسة الصين تجاة الدول العربية ))، والوثيقة هي الاولى من نوعها التي تصدرها الصين، وتشمل مقدمة وخمسة اجزاء هي ‘‘تعميق علاقات التعاون الاستراتيجي الصينية العربية‘‘ و ‘‘سياسة الصين تجاة الدول العربية‘‘ و ‘‘تعزيز التعاون الصيني العربي على نحو شامل‘‘ و ‘‘ومنتدى التعاون الصيني العربي و اعمال المتابعة والعلاقات بين الصين والمنظمات الاقليمية العربية‘‘.
وقد جاء في مقدمة الوثيقة (تضرب جذور الصداقة بين الصين والدول العربية في اعماق التاريخ ، وتظل الامتان الصينية والعربية مرتبطتين بطريق الحرير براً وبحراً على مدى اكثر من ال2000سنة المنصرمة التي يبقى فيها السلام والتعاون والتسامح والتدارس والتنافع والترابح قيماً سائدة في التواصل بين الجانبين ) .
وبعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية في اكتوبر 1949م كانت الدول العربية في ذلك الوقت حينها خاضعة للهيمنة الاستعمارية الغربية وكانت الصين من الدول التي وقفت الى جانب الحركات التحررية الوطنية العربية، وفي النصف الثاني من القرن العشرين استعادت العديد من الدول العربية استقلالها وسيادتها وواكب ذلك تطور علاقات التعاون والصداقة بين الصين والدول العربية.
وكانت مصر هي اول دولة عربية وافريقية اعترفت بالصين الجديدة واقامة علاقات دبلوماسية معها في 30 مايو 1956م، ثم تلتها سوريا واليمن في نفس العام، وكانت السعودية اخر دولة عربية اعترفت بالصين الشعبية وأقامت علاقات صداقة وتعاون بينهما في يوليو 1990م، وبهذا تكون جميع الدول العربية ال22 قد أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين.
وقد جاء اصدار ( وثيقة الصين تجاة الدول العربية ) قبل ايام قلائل من زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ في مستهل اول زيارة خارجية له هذا العام و الى منطقة الشرق الاوسط منذ تولية منصبة رئيساً لجمهورية الصين وتشمل الزيارة المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية والجمهورية الاسلامية الايرانية،وهذا دليل على اهتمام الصين بتطوير علاقاتها مع الدول العربية خاصة والشرق الاوسطية عامة وفي ظل الظروف والاوضاع الراهنة التي تعيشها المنطقة.
كما أن هذا العام يُصادف الذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين و مصر باعتبار مصر أول دولة عربية وافريقية أقامت علاقات مع الصين.
وفي ديسمبر عام 1963م، قام رئيس مجلس الدولة الصيني (شو ان لاي) بأول زيارة الى المنطقة العربية بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، شملت مصر والجزائر والمغرب وتونس والسودان، وكان لها مغزى عام في دفع التفاهم والتعاون الودي بين الصين والدول العربية وبين الشعب الصيني والشعوب العربية. لذا، اعتبرت هذه الزيارة استراتيجية هامة لما تتمتع به مصر من موقع خاص وهام في السياسة الخارجية الصينية، حيث طرح (شو ان لاي) خلال مباحثاته مع الرئيس جمال عبدالناصر المبادئ الخمسة التي تحكم علاقات الصين مع الدول العربية وهي:
أولاً: ان حكومة الصين تدعم نضال أبناء الدول العربية كافة من اجل تحقيق الاستقلال الوطني بدءاً يالاستقلال السياسي ومروراً بالاستقلال الاقتصادي.
ثانياً: ان حكومة الصين تدعم حكومات كافة الدول العربية في انتهاج سياسة الحياد وعدم الانحياز.
ثالثاً: ان حكومة الصين تدعم تضامن ووحدة ابناء الدول العربية كافة وتحترم ما تتخذه في هذا الشأن من خطوات واجراءات دون تدخل.
رابعاً: ان حكومة الصين تدعم انتهاج حكومات الدول العربية في انتهاج الاساليب السلمية لحل النزاعات بينها وعدم اللجوء الى القوة.
خامساً: ان حكومة الصين تدعو الدول غير العربية الى احترام سيادة الدول العربية بدون تدخل وترفض كل التدخلات من قبل الدول الغربية او الدول الاخرى.
وحول (( وثيقة سياسة الصين تجاة الدول العربية )) قال “وو سي كه” المبعوث الخاص الصيني السابق الى الشرق الاوسط، ان العلاقات بين الصين والدول العربية تتطور بسلاسة وسط التغيرات الاقليمية والعالمية، ويحافظ الجانبان على دعم وتنسيق وثيق في الشؤون الدولية ورغم وجود اساس مطرد بالتعاون الثنائي، إلا ان الجانبين ينقصهما منذ فترة طويلة وثيقة توجيهية مكتوبة تحدد تفاصيل هذا التعاون، لذلك يأتي اصدار وثيقة سياسة الصين تجاة الدول العربية تلبية لحاجات الجانبين ويوضح اتجاة التنمية والتعاون بينهما.
واوضح “وو سي كه” انه في ظل الظروف الدولية الحالية تنال مبادرات الصين ثقة الدول العربية، الامر الذي يساعد الصين على لعب دور فريد في معالجة شؤون الدول العربية وعلى الصين ان تعمل انطلاقاً من رؤية استراتيجية على تطور علاقاتها مع الدول العربية ودفع تعاونها معها في مختلف المجالات، وعلى جميع المستويات، لافتاً الى ان الوثيقة تعكس قدرة الجانبين وعزمهما المشترك على تعزيز التعاون المربح لهما.
أما نبيل العربي الامين العام لجامعة الدول العربية فقد أبدا ترحيب الجامعة العربية بالوثيقة التي اصدرها الجانب الصيني بمناسبة مرور 60 عام على اقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والدول العربية، و أشار العربي الى ان هذه الوثيقة تشمل العديد من القضايا الهامة على رأسها حرص الصين على اقامة تنمية سلمية في الدول العربية/ ودعم الصين لاقامة الدولة الفلسطينية ذات السادة الكاملة على حدود عام 1967م/ وعاصمتها القدس الشرقية/ والتشارك في بناء الحزام والطريق/ وهي المبادئ التي طرحها الرئيس الصيني عام2014م، من اجل تعاون اقتصادي فعّال بين الصين والدول العربية.
شهدت العلاقات مابين الصين والدول العربية خلال العقود الستة الماضية قفزة تاريخية، وازدادت عُمقاً وإتّساعاً انطلاقاً من الروابط التاريخية التي تجمع الصين والدول العربية. والصين اليوم هي ثاني أكبر شريك تجاري مع الدول العربية، ولديها علاقات استراتيجية مع ثماني دول عربية، مايُبشّر بمستقبل وأعد للغاية للطرفين العربي والصيني.
*كاتب يمني ،وممثل رئيس الاتحاد الدولي للاعلاميين والكتّاب العرب اصدقاء الصين باليمن ورئيس فرع الاتحاد الدولي باليمن، ورئيس نادي قراء مجلة الصين اليوم ونادي مستمعي القسم العربي لإذاعة الصين الدولية ورئيس نادي مشاهدي الفضائية الصينية CCTV العربية.

تعليق 1
  1. مروان سوداح يقول

    الاخ الاعلامي والكاتب صالح عيدروس علي يقدّم وجهة نظر يمنية بت“وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية”.. فشكرا له..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.