موقع متخصص بالشؤون الصينية

المؤمنون والحزب بالصين وحدة وطنية وروحية

1

george-sharayha-china-party

موقع الصين بعيون عربية ـ
الأب الخوري محمد جورج شرايحة*:

 

الصين هي الدولة الأكثر سكاناً على وجه البسيطة، والاولى أقتصادياً بعد ان تقدمت على اليابان والولايات المتحدة الامريكية، كذلك هي دولة الحضارة الصينية العريقة التي بُنيت خلال أُلوف السنين/ وماتزال هذه الحضارة مِعطاءة، وحيوية للصين والعالم، ومترابطة ومتواصلة ومستمرة الى اليوم في رباط قوي وعروة وثقى لفتت انتباه الكون وإعجاب البشرية جمعاء.

شعوب الارض مُعجبة بالصين، وهي تتاجر معها وترتبط اقتصادياً وإيّاها بنشاط منقطع النظير، وتنسجم مع مراميها السلمية وطرق الحرير القديمة والجديدة البحرية منها والبرية أيضاً، والطريق الاخير الذي اقترحته الصين ليكون دولياً وكونياً كان في عام 2013 ، فقد أعلن عنه  الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ورئيس جمهورية الصين الشعبية فخامة السيد شي جين بينغ، واكتسب شهرة بإسم “الحزام والطرق”.

في الحقيقة، يكتسب الحزب الشيوعي الصيني الذي يَحتفل هذه الايام وعلى مدار العام الحالي بالذكرى ال95 لتأسيسه التاريخي، خبرات جديدة يومياً، وهو يَحرص على خدمة المجتمع الصيني بكل قومياته وأديانه ومشاربه، ويؤكد الحزب بأنه يقود دولة ديمقراطية على نمط اشتراكي وبألوان إشتراكية صينية تدافع عن حقوق الانسان وتصونها وتقدمها للعالم مِثالاً يُحتذى. والحزب يؤكد كذلك أن دولة الصين غير مستوردة لأية تقليعات لا إنسانية ولن تسير أبداً نحو ذلك، ولم ولن تكتسب أية أزياء أجنبية، ما حوّل الحزب والدولة الى حقل تجارب كبير وخلاّق في مختلف السُّبل الجديدة لتعبيد طُرق متجددة للمجتمع الصيني برمّته، حيث يتم تعزيز التكاتف والانسجام بين ناسه، بغض النظر عن الاختلافات بين بعض المجموعات في النظرة المادية والروحية للحياة البشرية، لكن القواسم المشتركة الاعظم للصينيين تبقى تخليق جنّة صينية على أرضهم للجميع بدون استثناء، وليس تخليقها لمجموعة ما معينة ومحددة.

المجتمع الصيني والحزب الذي حرّر الصين من الاستعمار الإحلالي والاستيطاني والتبعية للأجنبي بزعامة ماوتسي تونغ، يأخذ اليوم على عاتقه مهاماً تاريخية بتعزيز صلابة الشعب الصيني ووحدته، والاطلاع بمسؤولية الرقي بأنظمة  التربية والتعليم والثقافة والفنون والنهوض الصناعي والزراعي، ومكننة الزراعة، وحضرنة الريف، وتقليص العمل اليدوي لصالح التقني في مهمة تكثير للانتاج وتلبية اوسع لمتطلبات الصينيين المتزايدة، زد على ذلك تلبية الحاجات الروحية للصينيين.

وفي الصين تجدون مختلف الاديان والعقائد التي تزخر بها بلدان العالم، والى جانبها شتى الهيئات والمنظمات الدينية والاجتماعية الدينية والدعوية والتبشيرية المحلية ومنظماتها الخيرية والتعليمية، وهي جميعاً تسير بنظام واحد يتلخص في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة، وعدم تدخل الدولة في الشؤون الداخلية لهذه الجهات الدينية، وبالتالي توفير الحرية لكل الاطراف للابداع، ولتقديم خدمة أمثل للشعب في ظل دولة القانون والمؤسسات وسيادة الدستور والحفاظ على مصالح البلاد واستقلاليتها ومسيرة تقدمها الحضاري والحضرني من أية تغولات أو ضلالات.

وكما هي حقوق الانسان المزدهرة بالصين على مختلف المستويات وفي حقول لا حد لها، منها الاقتصادية والروحية، نرى كيف ان الاديان تزدهر أيضاً هناك بدون اية اعتراضات من الحزب الشيوعي الحاكم لذي لا يتدخل بأمورها لأنه يرى في المؤمنين مواطنين صينيين مخلصين لبلادهم ونموها ورفعتها لكونهم نسيجها الهام والفاعل والسلامي، ما يؤكد رفعة هذا الحزب ودولة الصين وعلاقاتها المُفعمة بالاحترام والتقدير لمواطنيها وعقولهم وخياراتهم، كما يُشدّد على ذلك الرئيس والامين العام شي جين بينغ بلا كلل ولا ملل وأمام كل الامم والشعوب قاطبة، ويُشاهد السياح عادة في كل أرجاء الصين الكنائس والمساجد وهي ممتلئة بالمؤمنين، الذين يقيمون صلواتهم بكل حرية وبدون خوف من شيئ، أللهم فقط من تدخلات خارجية، تشوّه واقعهم وتعكّر حياتهم الصينية المادية والروحية، فهؤلاء لا يريدون البتة العودة  الى سنوات الافيون الشهيرة والمؤلمة وعقود الاستعمار الاجنبي للصين.

الزميل مروان سوداح الذي زار الصين عشرات المرات بدعوات رسمية، تحدث لي كثيراً عن أحوال مختلف المؤمنين بالصين. فقد زار الزميل سوداح مختلف انحاء الصين، وألقى محاضرات في الجامعات والمعاهد الاسلامية وزار الكنائس والمساجد واجتمع مع شيوخها ورجالاتها، وشارك في صلوات مؤمنيها، وهو صديق للصين منذ نحو نصف قرن، وينشط معها، ويعرفها بصورة دقيقة، وهو يعود للاردن بعد كل زيارة للصين يلتقي فيها هناك اصدقاءه الصينيين من قادة ومواطنين وهو منشرح القلب ومبتهج العقل، ونأمل ان نبتهج معه بمشاهدة تلك البلاد مرة واحدة على الاقل، فهذا خير من ان نسمع عنها ألف مرة كما يقول مثلنا العربي، وأن نتعرف على نمطها الاجتماعي الجديد الذي تتطلع إليه البشرية بعيون تفيض بالمحبة الانسانية وتطلعات المساواة والعدالة، ولنشارك جميعاً مع الصين وشعبها وحزبها الذي نبارك له ولقيادته بعيده الكبير، في ترنيمة على الارض السلام وفي الناس أجمعين المسرة والفرح ولهم المساواة والعدالة. وللحديث بقية طويلة.

*رجل دين مسيحي وكاتب وإعلامي ورئيس تحرير موقع “نورسايت” الإعلامي المسيحي بالاردن الذي يتمتع بعضوية جماعية في (الاتحاد الدولي)، ومسؤول المتابعات المسيحية بالصين في الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتّاب العرب اصدقاء الصين.

تعليق 1
  1. مروان سوداح يقول

    مقالة مهمة للغاية بقلم رجل دين مهتم بالانسجام الانساني والسلام الاجتماعي والبشري.. شكرا على نشر هذه المادة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.