موقع متخصص بالشؤون الصينية

كيف تفوقت “Didi” الصينية على “أوبر”؟

0

98e6751c-8703-42cc-b511-6daf83d3c3dc

في مكاتب شركة “Didi” لخدمة التوصيل في العاصمة الصينية “بكين”، يشير العديد من الموظفين إلى مؤسسها ومديرها التنفيذي “تشينج وي” على أنه “الرئيس” وأحيانا يطلقون عليه اسم “ويل”، ولكن في وقت سابق هذا العام، بدأ البعض يطلقون عليه اسم “قاتل أوبر” بعد أن تمكن رجل الأعمال من الاستحواذ على أنشطة الشركة الأمريكية في بلاده في أغسطس/آب.

اعتبر الأمر بمثابة تقهقر لـ”أوبر” في الصين وانتصار كبير لـ”تشينج”، وبعد ثمانية أسابيع من الصفقة، حاول مؤسس “ديدي” تجاهل المديح بسبب تفوقه على “أوبر” واصفاً إياها بالشركة العظيمة ومشيداً بأدائها القوي على مستوى العالم وفي السوق الصيني، ونشرت “بلومبرج” تقريراً تناولت خلاله كيفية تفوق “ديدي” على “أوبر”.

يعلم الجميع عن المدير التنفيذي لـ”أوبر” “ترافيز كالانيك” امتلاكه لروح قتالية، لكن حتى أغسطس/آب، أصبح اسم “تشينج” ذائع الصيت محلياً وخارج الصين، فقد توسعت “ديدي” في أربع سنوات فقط في أكثر من 400 مدينة في البلاد، كما تنوعت خدماتها للتوصيل بين “الليموزين” والتاكسي.

وأكد “تشينج” على أن 80% من جميع قائدي التاكسي في الصين يستخدمون تطبيق “ديدي” للحصول على الركاب، وناهزت القيمة السوقية للشركة حوالي 35 مليار دولار، ولكن “أوبر” بأنشطتها في 500 مدينة في ست قارات بلغت قيمتها السوقية 68 مليار دولار.
بطل صيني

– في حوار لـ”بيزنس ويك”، تحدث “تشينج” – 33 عاماً – عن رحلته من العدم إلى وصفه بالبطل الصيني قائلاً إنه قبل إطلاق خدمة التوصيل، ظهرت ثلاثين شركة في نفس الوقت للمنافسة في نفس المجال وأغلبها كان أقوى من “ديدي”.

– ولد “تشينج” في مقاطعة “jiamgxi” شرقي البلاد والتي كانت مهد مؤسس الشيوعية الصينية “ماو” ، وكان والده في الخدمة المدنية بينما عملت والدته في التدريس، وأعرب مؤسس “ديدي” عن ولعه بالرياضيات خلال دراسته الثانوية.

– التحق “تشينج” بجامعة التكنولوجيا الكيميائية في بكين وخطط لخوض تجربة في تكنولوجيا المعلومات، وبدأ بعد التخرج العمل في مجال التأمين على الحياة، وفشل في هذا الأمر.

– في الثانية والعشرين من عمره عام 2005، حصل “تشينج” على وظيفة في “علي بابا” للتجارة الإلكترونية وعمل في المبيعات براتب 1500 يوان (حوالي 225 دولارًا) شهرياً.

– نجح مؤسس “ديدي” في عمله كفرد للمبيعات في “علي بابا” وأعرب عن امتنانه العميق للشركة ولأحد مسؤوليها “وانج جانج” الذي عبر عن غضبه لعدم حصوله على ترقيته المستحقة، وبدأ الرجلان يفكران في إطلاق نشاط خاص.

– اتخذ “تشينج” شركة “Hailo” البريطانية لخدمات التوصيل نموذجاً له يمكن صناعته في الصين، وغادر “علي بابا” عام 2012، واعتبر “وانج” أكبر داعم مالي للشاب الصيني باستثمار 800 ألف يوان لتصبح حصته الآن مليار دولار.
بداية متواضعة

– تعاون تشينج” مع عدة زملاء سابقين في “علي بابا” لإطلاق مقر مساحته 100 متر مربع فقط واستغرق الأشهر الأولى محاولاً التواجد في سوق التوصيل وبدأ يرسل بعثات من الموظفين في مدن مختلفة.

– واجه رجل الأعمال الصيني عقبات من السلطات الصينية لكنه تغلب عليها، وبدأ الانتشار في عدة مدن ومجالات ليس فقط في التاكسي بل في القطارات بهدف الترويج للتطبيق وركزوا على تنزيل التطبيق مجاناً لقائدي التاكسي الشباب.

– بدأت الاستثمارات تزيد في “ديدي” وجذبت المزيد من الانتباه منذ أواخر عام 2012، ولكن أنباء سيئة جاءت لـ”تشينج” عندما استثمرت “علي بابا” في “أوبر” الأمريكية، واكتشف الصيني الشاب أنه في حاجة للدعم.

– نظر “تشينج” إلى شركات الإنترنت مثل “بايدو” للترويج لتطبيقه وزيادة انتشاره في مواجهة التنافسية الشديدة، وطلب “تشينج” مساعدة مؤسس “تنسنت” “بوني ما” الذي وافق على إرسال مهندسين وألف ملقم ودعا فريق “ديدي” للعمل مؤقتاً في مكاتب شركته.

– مع ذلك، لم يحقق “تشينج” أي أموال واحتاج لجمع تمويلات ثم زار أمريكا لأول مرة عام 2013 ولكنه قوبل بالرفض من عدة مستثمرين، وتغير الأمر تماما عام 2014 عندما أطلقت “تنسنت” خدمة ناجحة بمناسبة العام الجديد والعطلات بإرسال هدايا مالية للأصدقاء عبر الجوال.

– أدركت “تنسنت” أن “ديدي” بإمكانها زيادة التعاملات عبر الجوال وبدأت ضخ استثمارات في شركة التوصيل، ولاحظ “كالانيك” أن “ديدي” هي المنافس الأكبر له في الصين.

– تلقت “ديدي” دعماً كبيراً من الرأسمالي الروسي “يوري ميلنر” لتنتقل الشركة إلى مقر بعد الاندماج مع “Kuaidi” تحت إدارة “تشينج”.
“أوبر”

– في أواخر عام 2013، ذهب فريق من “أوبر تكنولوجيز” يضم “كالانيك” وفريق من التنفيذيين إلى الصين لاستكشاف السوق والبحث عن شركاء، وزاروا مقر “ديدي”، حينها وجه “تشينج” حديثه إلى رجل الأعمال الأمريكي بالقول: “أنت مصدر إلهامي”.

– قال نائب المدير التنفيذي لـ”أوبر” “إميل ميكائيل” إن ما قاله “تشينج” كان بمثابة حرب نفسية، فقد قدموا أسوأ غداء يمكن تناوله وتساءل زملاؤه عما إذا كان ذلك نوعاً من التكتيك التنافسي، ولكن رئيس “ديدي” اعتذر عن ذلك لاحقاً.

– بدأ نمو أنشطة “أوبر” بوتيرة سريعة في عام 2010، وبدأت “ديدي” بعدها بعامين، ولكن بوتيرة أكثر تباطؤاً، وقال “تشينج” حينها إن شركته سوف تتفوق على المنافس الأمريكي بسبب ضخامة السوق بالنسبة للاعب واحد.

– اهتمت “أوبر” بزيادة استثماراتها في “ديدي” وطلبت شراء حصة بنسبة 40%، ومع بداية 2015، بدت الشركة الأمريكية بأنه لا يمكن تخطيها بسبب تطبيقها الأفضل وتقنياتها المستقرة.

– قدر خبراء القيمة السوقية لـ”أوبر” عند 42 مليار دولار – حوالي 10 أضعاف قيمة “ديدي” في ذلك الوقت – واستهلكت الشركة الصينية بسبب اندماجها مع “Kuaidi”.
أسلوب عسكري

– درس “تشينج” التاريخ العسكري خاصة أحداث تتعلق بالحرب العالمية الثانية عندما دخلت حشود صينية من نفق جبلي لحصار قوات يابانية معادية.

– جمع “تشينج” فريقه التنفيذي ذات يوم وكلف “وانج جانج” بإجراء دراسات ونتائج يومية عن الدعم المقدم لقائدي السيارات والزبائن، ودائما ما يحذر الموظفين قائلا: “لو فشلنا..سنموت”.

– بحث “تشينج” ومستشاروه عن طرق لمواجهة “أوبر” في موطنها بالسوق الأمريكي، وأفاد “وانج” أن “ديدي” توسعت في الولايات المتحدة بضخ استثمارات قدرها 100 مليون دولار في “ليفت” المنافسة لـ”أوبر”.

– أشيع أن الحكومة الصينية تساعد “ديدي” في معركتها مع “أوبر”، ولكن “تشينج” رفض ذلك مشيراً إلى الغرامات التي تدفعها شركته للجهات التنفيذية، وفي ذلك الوقت، كانت الشركتان تحاولان توفير المزيد من الدعم لخدماتهما.

– في مايو/أيار 2016، ضخت “آبل” مليار دولار في “ديدي”، وبعدها بشهر، جمعت “أوبر” 3.5 مليار دولار كاستثمارات من السعودية.

تهدئة الأمور

– قال “تشينج” إنه في ظل احتدام التنافسية، كان لا بد من تهدئة الأمور مع “أوبر”، فشركته كانت تجمع تمويلات ونظيرتها الأمريكية تتلقى استثمارات، وكان لا بد من وضع هذه الأموال في مكانها الصحيح لدعم الخدمات وتحسينها.

– شبه “تشينج” هذه التنافسية بسباق التسلح في الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا، ولكن كان من الضروري التعاون يدا بيد مع “أوبر”، والتقى “كالانيك” و”تشينج” في أحد الفنادق الصينية وأعربا عن الاحترام المتبادل لكل منهما والإعجاب بالمناخ التنافسي بينهما.

– قرر المتنافسان التعاون ووضع مسؤول من كل منهما في مجلس إدارة الآخر دون حق تصويت مع تبادل الخبرات والنصائح، كما اتفقا على التنافسية الشريفة في الأسواق العالمية دون قيود.

– انتهت تنافسية شرسة استمرت في العامين الماضيين بشراء “ديدي” أنشطة “أوبر” في الصين في ظل محاولات الشركتين لتحقيق ربحية وجذب المزيد من العملاء وفتح أسواق جديدة وطرح أسهم للاكتتاب.

– لا تزال الشركتان تطوران خدماتهما وتتطلعان لإطلاق خدمة تاكسي بسيارات ذاتية القيادة والتنافس مع شركات مثل “جوجل” و”بايدو” و”تسلا”.

– حقق “تشينج” ما أراده منذ البداية بشراء أنشطة “أوبر” في بلاده ووصف هذا الحدث باللحظة الفارقة في تاريخ الصين التي تنبأ بأن تصبح دولة رائدة في صناعة خدمة مشاركة التوصيلات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.