موقع متخصص بالشؤون الصينية

الحِزام والطّريق.. المُبادرة للأمل (العدد 53)

0

بهاء مانع
كاتب عراقي
خاص بـ “نشرة الصين بعيون عربية”:

في الزمن القديم، سكنت العديد من الشعوب بِقاعاً متباعدة عن بعضها بعضاً، فلم تكن هناك من وسائل اتصال كما في عصرنا، ناهيك عن وسائط النقل المتطورة التي انتفت آنذاك، كذلك الأمر بالنسبة للعِملة الجامعة.
وبرغم كل ذلك، تعارفت الشعوب وتآلفت، بخاصة عندما وظفّت طريق الحرير الصيني القديم، واستخدمت طرق التجارة والنقل البسيطة والمسالك التي اكتشفتها خلال ترحالها، فأصبحت فيما بعد مسالك ثابتة تتنقل عبرها، فتعرّف الناس على ثقافات وعادات وتقاليد بعضهم بعضاً، ونشأت فيما بينهم صِلات قُربى وثقة، فتبادلت السلع بالمقايضة.
اليوم، نحن في أمس الحاجة إلى إعادة تلك العلاقات التجارية والثقافية العفوية الناجحة بين الأمم، لأنها الوسيلة الناجعة لتعزيز السلام بين الشعوب وتقاربها، فما يَشهده العالم حالياً من تفشٍ في مستويات الفقر والفاقة، وسرعة بالانحدار الطبقي لمليارات البشر – وسببه السيطرة الرأسمالية الجشعة والعدوانية على دول كثيرة لجعلها أسواقاً لبضائعها – يُعيدنا إلى ضرورة إعادة روح طريق الحرير الصيني القديم، لتمكين الشعوب من أسباب النهوض بواقعها ولتصفية أسباب ضَعفها. وفي هذه اللحظة المأساوية لهؤلاء البشر، أعلن الرفيق شي جين بينغ الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني الباني، ورئيس جمهورية الصين الشعبية، مبادرته الجديدة للحزام والطريق، بهدف توفير أركان التقدم والازدهار للشعوب، ومنها العربية، وبضمنها شعبنا العراقي، ما سيجعل الأمة العربية برمّتها في صدارة العملية التنموية العالمية وقِبلة للعالم، تماماً كما كانت على مدار قرون كثيرة، قبل تمكّن الاستعمار العالمي منها.
ونحن في وطننا العراق أصبحنا دولة مستهلكة، وصرنا نعتمد الاىستيراد، ولا نصدّرُ سوى القليل من السلع، بل أن الكثير من صناعاتنا الوطنية التي كنا نفاخر بها، أصبحت من الماضي، فتحولنا من دولة منتجة إلى مستهلكة ومعتمدة على إفرازات الصناعة الغربية، التي تسيطر على أسـواقــنا فتراجعت المبادلات الصناعية والزراعية العادلة ما بيننا والعالم، وتوقف دورنا الفاعل، وانحصر اعتمادنا على ثروتنا النفطية، والسؤال الذي يبرز هنا: ماذا سنفعل عند نفاذها؟!
لذا، فمن المنطقي تأييد مبادرة الحزام والطريق الصينية، التي نرى فيها حلاً أمثل لإنعاش اقتصادات العالم الثالث ومنها اقتصادنا العراقي، ولأجل الشروع ببناء صناعاتنا الوطنية.
إن “الحزام والطريق” هي مبادرة كفيلة بتحفيز العراق والعراقيين لإعادة النظر بكل خططنا الاقتصادية، وبتقديري فإن هذه المبادرة ستمنحنا الأمل للنهوض بواقعنا الحالي المتردي، فقد كانت لدينا صناعات نفاخر بها، فاندثرت بفعل التقلبات السياسية والحروب العدوانية والحصارات التي ضربت العراق ودمرته.
المُبادرة الأُممية للزعيم “شي” تحتّم علينا التفكير بكيفية نهوضنا لنغدو دولةً صناعية متطورة، على غرار جمهورية الصين الشعبية الحليفة.
لذا، علينا أن نتبنى هكذا مبادرة رائعة لكونها في صالحنا، والعمل على تحفيز الدول الأخرى للنهوض بزراعاتها وصناعاتها الوطنية وتجارتها.
إن حرص الصين الشعبية على بناء اقتصاد عالمي رصين ومتوازن ضمن “الحزام والطريق”، يَخلق الظروف الأنسب لعلاقات اقتصادية عادلة بين الدول، تصب في مصلحة شعوبها التي عانت من ظلم الرأسمالية الأجنبية، التي ساقت دولاً كثيرة نحو الفقر والجهل والتخلف والموت.
إن مبادرة “الحزام والطريق” ليست عملية تبادل تجاري محض بين الدول فحسب، إنما هي وفي المقام الأول سبيل للقضاء على عقبات اقتصادية وسياسية دولية كثيرة، ولتصفية التشوهات العالمية بخاصة في البطالة والفقر، ولأجل إنعاش الدول والنهوض بها ضمن عملية أُممية متكاملة لخدمة البشرية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.