موقع متخصص بالشؤون الصينية

تعليق: لماذا أدرج “الحزام والطريق” في قرار مجلس الأمن؟

0

صحيفة الشعب الصينية ـ
بقلم خه ماو تشون، مستشار مجلس الدولة الصيني:

يطرح الكثير من الصينيين والأجانب نفس السؤال: ما هو الهدف النهائي لمبادرة “الحزام والطريق”؟ أعتقد أن الإجابة، هي : بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية. في هذا السياق، قام مجلس الأمن الدولي مؤخرا بتمرير القرار رقم 2344 المتعلق بأفغانستان بـ 15 صوتا، دعى فيه المجتمع الدولي للتوصل إلى إجماع حول دعم أفغانستان. وتعزيز التعاون الإقتصادي الإقليمي من خلال بناء “الحزام والطريق”، وحث مختلف الأطراف على توفير الضمانات الأمنية لبناء هذه المبادرة وتعزيز التكامل بين سياسات وإستراتيجيات التنمية ودفع التعاون البراغماتي، وغيرها من التدابير.

وأكد القرار على ضرورة التمسك بروح الفوز المشترك في دفع التعاون الإقليمي، بما يخدم الأمن والإستقرار والتننمية في أفغانستان والمنطقة وبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.

تضمن القرار 2344 الذي مرره مجلس الأمن مؤخرا لأول مرة مفهوم “بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية”، وهو مايعكس تثمين المجتمع الدولي لأهداف مبادرة الحزام والطريق”. فلماذا تم إدراج مبادرة”الحزام والطريق ” في قرار مجلس الأمن؟ إجابة على هذا السؤال ، يمكننا أن نطرح التفسيرات التالية.

أولا، هذا الإعتراف جاء نتيجة للنتائج الجيدة. وفقا للإحصاءات، شهد حجم التجارة بين الصين والدول الواقعة على خط “الحزام والطريق” توسعا مستمرا، حيث بلغ إجمالي قيمة الصادرات والواردات 6.3 تريليون يوان في عام 2016، وتجاوزت سرعة النمو على سرعة نمو التجارة الصينية الخارجية. من جهة أخرى، شهدت الإستثمارات البينية نموا مستمرا، جيث باتت الدول الواقعة على مسار المبادرة، إحدى أهم وجهات الإستثمار الأجنبي الصيني. وبلغت إستثمارات الصين في هذه الدول خلال 14.5 مليار دولار في 2016، كما أنشأت الصين مع أكثر من 20 دولة واقعة على مسار المبادة 56 منطقة تجارة حرة، وبلغت القيمة المتراكمة للإستثمارات 18.5 مليار دولار. وحققت للدول المستفيدة من الإستثمارات 1.1 مليار دولار من عائدة الضرائب، و180 ألف وظيفة.

إذا كانت مبادرة “الحزام والطريق” باتت تمثل أملا لتحسين معيشة شعوب العالم، فإن الإعتراف بها لا يعتبر امرا مفاجئا. ورغم أن بعض الدول الواقعة على مسار الحزام والطريق لديها بعض التحفظات على مبادرة الحزام والطريق، لكن هناك أكثر من 100 دولة ومنظمة دولية تجاوبت معها بشكل إيجابي، وقامت أكثر من 50 دولة بإمضاء إتفاقيات مع الصين في إطار هذه المبادرة.

ثانيا، إن مبادرة الحزام والطريق تتطابق بشكل تام مع ميثاق الأمم المتحدة وقواعد منظمة التجارة العالمية. وكانت الحكومة الصينية قد أكدت في عام 2015 على أن مبادرة “الحزام والطريق” تقوم على مبدأ الفوز المشترك، ومفتوحة على جميع الدول، وتحترم مبادئ التشاور المتبادل والبناء والإستنفاع المشترك، وتهدف إلى تحقيق التنمية المشتركة. وأكد أيضا على أن هذه المبادرة لاتعد حكرا على دولة بعينها، بل تمثل أملا لجميع الدول المشاركة؛ من جهة أخرى، ليست الصين وحدها من تضع قواعد هذه المبادرة، بل إنها مبنية على ميثاق الأمم المتحدة وقواعد منظمة التجارة العالمية، ومنفتحة على التشاور مع مختلف الدول والمنظمات. وتسعى إلى دفع حرية التجارة، وتوفير المزيد من التسهيلات للإستثمارات، وتتطور إلى الأمم وليس بإتجاه الخلف.

شكك البعض في وقت سابق في “النوايا الصينية” وراء إطلاق هذه المبادرة، لكن بالنظر من مئات الوثائق التي أمضتها الصين مع مختلف الدول، لا نجد مع يخالف قيم التعاون السلمي والندي، وقيم المصالح المتبادلة والفوز المشترك، التي يعترف بها العالم، ولانجد أي عقد فرضته الصين على أي طرف آخر. وفي ظل الخيارات الصعبة التي تواجهها العولمة، والعوامل الغامضة للتعافي الإقتصادي العالمي، تطرح الصين هذه المبادرة على أساس الشراكة وعدم الانحياز والمنافع المتبادلة والتمثيلية الواسعة، وتساهم بثلثي قوى دفع الإقتصاد العالمي، وتلعب دورا لا ينكر في تطوير القواعد التي تحكم النظام العالمي.

ثالثا، تعكس مباردة الحزام والطريق القيم والمبادئ الرئيسية التي تدعو إليها الحضارة الصينية العريقة، وتفتح للعالم باب الأمل بالمستقل.

لماذا يجب تأسيس “مجتمع المصير المشترك للبشرية”؟ لأن هذا خيار البشرية الوحيد. فهناك عدة عوامل تدفعنا لتطوير العولمة، لكن الدافع الأكبر هو الأزمات. ومن المعلوم أن المفهوم الجوهري للثقافة الصينية هو وحدة العالم، الذي يعود الى تاريخ قبل 2000 سنة، وكانت تجمع على أرض الصين دول صغيرة عديدة، وبرغم انها تتحارب دائما، لكن، بمواجهة الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات الكبرى، تسامحت وتوحدت لتكوين المصير المشترك بين الصينيين. لانهم يعرفون ان الوحدة والترابط والتشاور المتبادل والفوز المشترك كان طريقا وحيدا في ظل الأزمة التي تواجهها البشرية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.