موقع متخصص بالشؤون الصينية

الصّين وبَاكستان وعَلاقة بِنمَطٍ مُتميّزٍ

0

نشرة الصين بعيون عربية –
الأكادِيمي مروان سوداح*:

تتسم العلاقات الصينية – الباكستانية بالثّبات والاستقرار والَمنافع المشتركة، وصارت بِحق، خلال سنوات طويلة، مِثالاً يُحتذى للعلاقات بين الدول والشعوب ذات الأنظمة الاقتصادية والسياسية والأيديولوجية المُتباينة والمُختلفة.
وبرغم التقلّبات السياسية التي شهدتها جمهورية الباكستان خلال أزمانٍ، إلا أن سياسة جمهورية الصين الشعبية تجاهها لم تتغير ولم تتبدّل.
هذا التوصيف لعلاقات البلدين واقعي وحقيقي، وقد رَسَخَ لديَّ من خلال صِلاتي بسفراء باكستانيين ولقائي مع الصديق الباكستاني الشهير، الأخ حسن جاويد، السفير السابق، والخبير في القضايا الصينية، الذي التقيته في بيجين بمؤتمر “قادة الرأي الأجانب خلال رحلة إبداعية الى الصين“، بدعوة من إذاعة الصين الدوليةCRI، في نوفمبر2016م.
في الجانب الباكستاني، كانت العلاقات مع الصين ما بين 1950-1960 يَشوبها الفتور على خلفية دينية متشدّدة، إذ نظر كل طرف من الطرفين بتخوّف نحو الآخر، وتوجّس منه.
لكن ومنذ عام1962-1980، شرعت الصين بخطوة “جس النبض” الأُولى بتقديم مساعدات سياسية وعسكرية كبيرة لباكستان، وصِفت بـ”السخية جداً”، بخاصة خلال توتر علاقات الصين بالهند، فغدت الباكستان والصين تريان ضرورات التحالف بينهما على خلفية التحديات الدولية، والمعسكرات المتباينة – المتواجهة أنذاك.
وشهد “العصر التالي”، منذ سنة 1980 وللآن، الشروع بـ”عملية” طويلة ومعقدة لإرساء التحالفية وتعزيز “الاقتصادية والاستثمارية” الصينية بباكستان، وزيادة المُشتركات، برغم تراجع تأييد الصين لمطالب باكستان في كشمير، والخشية من الوضع الأفغاني وتقارب الصين وروسيا، لكن الحرارة سَرت برغم ذلك في مَسيرة العاصمتين، وبتوصيف أدق، بدأ ذلك يَتبدّى ويُلاحظ تدرّجه بعد حينٍ من شَرعنة وتجذّر مسيرة “الإصلاح والانفتاح” بالصين عام 1978. وبانضمام باكستان لمعاهدة شنغهاي، غدت علاقات العاصمتين ترتدي طابعاً براجماتياً ونمطاً جديدين، يتطابقان مع نهج الزعيم الإصلاحي دينغ شياو بنغ في نظرية العلاقات المُتساوية والنفع المتبادل مع دول الأرض صَغيرها وكَبيرها دون تفضيل عاصمة على اخرى، والتمسّك بمبدأ احترام أمن الشعوب والدول واستقلاليتها، وعدم التدخل بشؤونها الداخلية، وفي إطار التخلّي عن إِتْبَاعِ حَركات خارجية، كانت شكّلت عِبئاً على الصين، فلزوم تقديم مساهمات إقتصادية مَحسوسة لبلدان العالم، والتي كان من شأنها تبريد الخلافات السابقة فالتخلص منها.
واليوم، ومنذ سنوات طويلة، يَستمر زعماء وشعبا البلدين يَلمسون في علاقاتهم منفعة متبادلة لا تعكّر الأيديولوجيا صَفوها، فقد تأكدت طبيعتها الحتمية وضرورتها واستحالة التخلّي عنها، وهو وضعٌ لافت حقاً، يَعكس أماني الدولتين ومؤسساتهما الرسمية والشعبية، ويُؤكد النهج – الأمثولة الذي تتّبعه الصين، والذي حاز على الثقة ونال المَوثوقية ليس من الجانب الباكستاني فحسب، بل ومِن شتى حكومات ودول وأمم كوكبنا.
الباكستان دولة إسلامية النهج والفكر والديانة، والصين يَحكمها حزب شيوعي وتتبنى رسمياً إشتراكية بألوانها الخاصة، لكن الموثوقية التي ترسّخت في علاقات البلدين تُستحضر على الدوام لوصف قدرة النظامين المختلفين على إتمام المُهمّة التاريخية الُملقاة على عاتقهما.

*رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين – الاردن.
** المقال خاص بنشرة ”الصين بعيون عربية“

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.