موقع متخصص بالشؤون الصينية

#الصين الشيجينبينغية.. منجم السيّاح للـ #العالم_العربي (العدد 59)

0

نشرة الصين بعيون عربية ـ الأكادِيمي مروان سوداح*
العلاقات الصينية العربية، وبضمنها التبادل البشري والإنساني، هي علاقات “مُعمِّرةٌ” أُرسيت وتطوّرت قبل ظهور طريق الحرير البحري والبري الصيني القديم، فقد كان شعب سلطنة عُمان العربي العزيز أول من شرع بنسجها، لكونه مُحباً للإبحار في آفاق البحار والمحيطات.
هذا التاريخ العربي الصيني العريق مَفخرة لنا وللعالم أجمع، وهو إرث إنساني يَضع أمامنا مهِّمّة عصرية ليست بالعسيرة على المثقفين والمتعلمين والعقائديين، هي ضرورة بذل كل ما من شأنه تحقيق الازدهار والتكامل للعلاقات العربية – الصينية في المنحى الانساني بالذات، لكونه الأفضل والأجدى، ولنقل الصداقة العربية الصينية التاريخية الى مستوى إستراتيجي ثابت لا يتزعزع بفبركات إعلامية أو تخويفات فكرية وإعلامية غربية ورجعية.
وضمن هذا المنحى، لا بد لي أن اؤكد حقيقة ناصعة، هي أن واقع الصِّلات بين عالمينا العربي والصيني هو واقع شريف وصفحته ناصعة البياض ومفتوحة للعموم ولا شائبة فيها عَبر كل التاريخ، وإلى ذلك لا تتناقض مراميها مع المصالح الندّية والتطلعات المشروعة للجانبين.
علينا أن نفخر أيضاً أن لنا كعرب أولوية اكتشاف الصين ومعرفتها والدعوة العالمية لإدراك شتى الأَبعاد المُهمّة فيها لنا وللإنسانية. لذلك، ترى قيادة “الاتحاد الدولي” أن نتمسّك بقوة بإستراتيجيتنا مع الصين ونشرها في أوساط الأُمة، تمهيداً لإستعادة أُخوّة ورفاقية عالمينا، وعرقلة مُخطَّطات الغرب الاستعماري لتشويهها وتدميرها والانتقاص منها وتسويد صفحتها في أعين الأجيال العربية الفتية، التي لا تعرف عنها شيئاً ولا تبحث في الكتب عن حقائقها.
ومن الطبيعي أن تكون السياحة أهم وأسرع وأسهل الروافع لمعرفة الآخر وفهمه والتصادق معه. وهنا نجد لزاماً علينا وعلى الأُمة العمل للارتقاء بالجهود السياحية العربية نحو الصين وجعلها في مستوىً حاسم في جدّيته ونفعه لتبادلات تتمتع بالديمومة والأبدية.
وحَري بالعرب إنهاض وتعزيز العلاقات الجمعية مع الصين وبضمنها السياحية الناشطة، وربطها مع تلك المناطق القومية ذات الكثافة الإسلامية هناك، مثل نينغشيا وشينجيانغ. ومن الضروري التنويه والتنبيه هنا الى أن مجال التجارة المُجرّدة وأرباحها المِلاح حصراً لا يمكنها أن تكون لوحدها ضمانةً الارتقاء بعلاقات عميقة وسياحية كبرى مع الصين، برغم ان بعض الدول العربية تعتبر السياحة الصينية “فرصة ذهبية” لإنعاش اقتصادها.
العلاقات السياحية هي شكل مهم للحِراكات الإنسانية الأجدى والأنفع والأبقى لسبيل تعزيز التفاهم مع الشعوب والدول. لهذا نفهم أسباب تنافس الحكومات على اجتذاب السياح الصينيين، برغم البُنى السياحية المُتخلِّفة في بعضها ، ومرد ذلك طابع السياحة الصينية الثقافي والحضرني والإنساني، ولنفعها لديمومتها التي تطول لعصور طويلة مُقبلة، لاسيّما من خلال تطبيقات (مبادرة الحزام والطريق) (الشيجينبينغية) في آسيا، والمَأمول توسّعِها في أفريقيا. ناهيك عن أن الصينيين يَهوون البذخ والإنفاق، ولشهرتهم بكرم اليد، وسياحتهم “الكمية” القائمة على مجموعات غفيرة، ومساهمتها بتشغيل المرافق السياحية والخدمية والغذائية الخ.
وهنا أدعو القارئ للتأمل في الحقيقة الشريفة لتوجّهات الصين نحونا ومَحبتها لنا. فمنذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، تطلّعت دولة الزعيم ماوتسي تونغ المتحرّرة لتدريس العربية على نطاقات متخصِّصة ومتوسِّعة، كذلك كان الأمر لتأسيس الجمعية الإسلامية الصينية لتباشر علاقات نشطة مع العالم الاسلامي بضمنه (السياحة الدينية)، فالانفتاح صينياً على العرب أجمعين، بالدعوة الجادّة لعلاقات متعددة الألوان والأشكال معهم، في حين كانت غالبية البلدان والشعوب العربية ترزح تحت نِير الاستعمار الغربي ومُكبّلةٌ بإغلاله!
لا تتوافر لدي أرقام عن حجم السياحة الصينية لكل البلدان العربية مُجتمعة، لكن لنتصوّر أهمية السياحة الصينية العربية على مِثال الشقيقة مصر التي تشغَل بجدارةٍ المركز الثاني دولياً في قائمة المَقاصد السياحية الصينية، بعد حصول القاهرة على لقب “أروع مدينة تضم مواقع سياحية للمسافرين الصينيين 2016”. عِلماً بأن (3) دول عربية غير مصر، هي الإمارات والمغرب وتونس، تحتل مكانة “أبرز” المَقَاصد السياحية “الجديدة” للصينيين، ضمن قائمة الدول العشر الأولى.
*رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين – الاردن.
** المقال خاص بنشرة ”الصين بعيون عربية“

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.