موقع متخصص بالشؤون الصينية

#الصين الشيجينبينغية دولة تَحملها البحار (العدد 60)

0

الأكادِيمي مروان سوداح*
تُدرك القيادة الصينية (الشيجينبينغية) تمام الإدراك، أن السلاح الأقوى والأكثر نفوذاً والمِثال المُحتذى دوماً، إنما هو الإنسان الصيني أولاً، ثم الاقتصاد ثانياً، أما القوى العسكرية فهي رافعة ضاربة توظّف لحماية المُنجزات المُتحقّقة، وتلك التي يُنتظَر أن تتحقق في الانسان والاقتصاد الإبداعي، لتَثْبُت الصين “أولى في العالم”.
وفي هذين السببين نستطيع إدراك الأسباب المؤدية لثبات الصين على مكانتها الكبرى منذ تأسيسها القديم، برغم أنها لم تكن تمتلك سوى حتى عهد قريب أول حاملة طائرات حربية.
حاملات الطائرات الصينية ارتقت بالصين الى دولة بحرية بإمتياز، يَخشاها البعيد قبل القريب!، وأضحت الصين بها دولة إقتصادية أُولى، وهو واقع بدأ يَتشكّل ويثَبَتُ منذ تسنّم الرفيق (شي جين بينغ) دفّة القيادتين الحزبية والحكومية، فقاد الى تشكيل عالم جديد لا يُمكن للغرب في إطاره العودة لطرح فكرة أولويته وقياديته وعظمته، ناهيك عن أن هذا الغرب بأكمله لم يَعد تلك الامبرطورية المُخيفة التي “لا تغيب عنها الشمس”، إذ انتهى عَصر الشمس الغربي منذ منتصف القرن الماضي، ونسي البشر ويتناسون مع انقضائه “طليعية الغرب!” المزعومة، ليتطلّعوا نحو نجاحات الصين وزعامتها وإنسانها الإبداعي والتجديدي، وإجتراحاته التي تُذهِب العُقول، بعظمته وخِططه وسُبله ومناهجه وطرائق تفكيره الجَمعي المنضبط.
كانت قوات التحرير الشعبية الصينية بقيادة الحزب الشيوعي وقبل تأسيس جمهورية الصين الشعبية، تولي العمليات البحرية الحربية جُل اهتمامها، بخاصة خلال حربها التحريرية. فالصين كانت دوماً دولة نصف برية ونصف بحرية، أي أنها لم تكن بحرية بالكامل، لذا كان هذا الأمر مَكمن ضعف عندها، لكونها سعت عبر ألوف السنين لعلاقات عميقة مع العالم كله من خلال البِحَار، فـ (طريق الحرير) الصيني القديم حتى، شقّ لنفسه طريقين الى العالم، أحدهما بري والآخر بحري، وهنا أيضاً نكتشف أن الصين لم تكتفِ بأحدهما، بل سعت إلى إنجاح مهامها الاقتصادية والإنسانية الكونية والسيادية بتعزيز طابعها كدولة بحار تتمتع بأسرع وأيسر إتّصالات بالشعوب، ولضمان كسر أي حصار قد يُفرض غربياً على الصين لخنقها، وهو ما يتضح اليوم في مناهج العديد من الدول المتآمرة سراً على بيجين.
إن دخول عصر حاملات الطائرات البحرية الضخمة وذات القدرات القتالية الجبارة، يضمن للصين تواجداً آمناً ودائماً في مجموعات جُزر البحرين الشرقي والجنوبي التي سكنها الصينيون أولاً، ورد الأخطار التي يُشكّلها التوسّع العسكري الامريكي في الإقليم الصيني، لا سيّما نشر صواريخ “ثاد” في جنوب كوريا، والتي تطال الأراضي والجُزر الصينية التي ما تزال واشنطن تتطلع لضمّها من خلال حليفاتها الآسيويات، سعياً لاستكمال تشكيل “الهلال الأمريكي” – كما أسميه شخصياً ـ والهادف لمُحَاصَرة الصين وروسيا وكوريا الديمقراطية بنصب المزيد من الصواريخ النووية، لتقصير مدى طيرانها إلى المواقع الحيوية والاستراتيجية لتلك الدول، حال اندلاع حرب أمريكية وغربية عليها.
وبتعزيز القوى البحرية الصينية من خلال حاملات الطائرات، ستكون الأراضي الخَصم للصين (آسيا وأمريكا)، في مرمى الأسلحة البحرية الصينية في زمن قياسي، ما يُشكّل عامل ردع لكل مَن تسوّل له نفسه شنّ الحرب على الصين أو التهديد بها، إذ أن جميع الدول المحيطة بالصين من الشرق والجنوب (الأعضاء في رابطة جنوب آسيا)، كانت انضمت في عام2010 إلى هيلاري كلنتون لتشاطرها “قلقها” من القوة العسكرية البحرية الصينية(!)، برغم أن هذا القلق تآكل وانتهى تقريباً جراء حنكة وحكمة النهج السلمي الشيجينبينغي.
*رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين – الاردن.
** المقال خاص بنشرة ”الصين بعيون عربية“

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.