موقع متخصص بالشؤون الصينية

السفير الصيني وانغ كيجيان: المطلوب من لبنان توفير ظروف آمنة للسياح الصينيين ومشاركته أساسية في “منتدى الحزام والطريق”

0

“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:

كشف السفير الصيني في لبنان وانغ كيجيان في حوار مع موقع “مصدر دبلوماسي” بأن السائح الصيني العادي يخاف المجيء الى لبنان بسبب هاجس الوضع الأمني، مشيرا الى ضرورة تنظيم لبنان حملات ترويجية في الصين لتبديد هذه الصورة. وقبل أيام معدودة من انعقاد منتدى “الحزام والطريق للتعاون الدولي” في الصين يكشف السفير كيجيان عن توقيعه اتفاقية مع وزير الثقافة الدكتور غطاس خوري تقدم بموجبها الحكومة الصينية منحة للبنان لإنشاء معهد عال للموسيقى في منطقة الضبيّة.

كذلك وقع كيجيان اتفاقا مع رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر حول تبادل الوثائق بشأن تقديم الصين 1500 طن من الأرز للنازحين السوريين في لبنان وهو جزء من المساعدات الإنسانية التي تقدّمها الحكومة الصينية.

وتطرّق كيجيان الذي عيّن في لبنان منذ 9 أشهر بعد أن كان سفيرا لبلاده في سوريا (بين 2014 و2016) الى العلاقات الصينية الأميركية والإتفاق النووي الإيراني والتعاون الصيني المتنامي مع دول مجلس التعاون الخليجي ودور الصين في إعادة إعمار سوريا والقضية الفلسطينية وسواها من المواضيع.

هنا نصّ الحوار:

كيف تقوّمون الوضع السياسي في لبنان اليوم؟

عندما جئت الى لبنان كان ثمة مرحلة من الفراغ الرئاسي وكنت محظوظا بأنه بعد مرور وقت قليل تم انتخاب رئيس للجمهورية وتعيين رئيس للحكومة وتشكيل الحكومة الحالية، وعادت الحياة السياسية اللبنانية الى زخمها. واليوم إن لبنان على عتبة مرحلة حساسة على أبواب وضع قانون جديد للإنتخابات تمهيدا لإجراء الإنتخابات النيابية. أنا أؤمن بأن اللبنانيين بطوائفهم وبأحزابهم سوف يضعون مصلحة الشعب اللبناني في المرتبة الأولى ويتوصّلون الى حلّ مناسب للجميع سواء في قانون الإنتخاب أو في أية خطوات سياسية أخرى.

ما أهمية منتدى “الحزام والطريق” المزمع عقده في بكين بين 14 و15 الجاري؟ وكيف ستكون مشاركة لبنان؟

إن منتدى التعاون الدولي للحزام الإقتصادي وطريق الحرير والطريق البحري للقرن 21 هو منتدى مهمّ جدّا، لأنّ مبادرة “حزام وطريق” طرحت في عام 2013، ومرّ عليها أكثر من 3 أعوام وتحولت من مجرد فكرة الى مشاريع ملموسة وآليات تعاون والى خطط تنموية مستقبلية. لذا من الضروري أن نراجع ما أنجزناه خلال الأعوام الثلاثة الماضية وأن نضع آفاقا جديدة للمرحلة القادمة، لأن هذا المشروع لا يخصّ الصين فحسب بل جميع البلدان في هذه المنطقة ومن يريد أن يشارك في هذا التعاون.

بعد طرح انعقاد هذا المنتدى، استجاب لبنان وتمّت توجيه دعوة لوزيرين في الحكومة اللبنانية وهما وزير الثقافة الدكتور غطاس خوري ورئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر. برأينا أن لبنان متطوّر ومتميّز في قطاع الثقافة والتعليم والحضارة، وهنالك مجالات كثيرة وتواصل بين الصين ولبنان في هذه المجالات. أما مجلس الإنماء والإعمار فهو جهاز رئيسي للتعاون الإقتصادي يلبي المساعدات الحكومية والإنسانية للنازحين السوريين.

ماذا تعني مبادرة “الحزام والطريق”؟

هي فكرة طرحتها الصين تدعو الى إنشاء منصّة دولية للتعاون الإقتصادي في ما بين الدول التي تقع في المنطقة التي كان يمر بها طريق الحريري القديم، ولتكون المنطقة منصّة إقتصادية جديدة تضمّ كل هذه الدّول ومن يريد المشاركة فيها. طريق الحرير القديم كان عبارة عن شبكة من الطرق تشمل الصين وأوروبا الوسطى وغرب آسيا. إن الفكرة المطروحة هي إنشاء حزام إقتصادي يشمل الصين وأوروبا الوسطى والشرق الأوسط وغرب آسيا وأوروبا وشرق إفريقيا وجنوب شرق آسيا وأيضا الطريق البحري للقرن الـ21 يشمل الصين وجنوب شرق آسيا والخليج وشرق إفريقيا ,ايضا بإتجاه أميركا الجنوبية.

ما هو الهدف البعيد الأمد لهذا الطرح؟

إن الهدف إقتصادي في المقام الأول لأنّه في الأعوام الأخيرة لاحظنا بأن الأزمات التي تضرب الإقتصاد العالمي منذ عام 2008 لم تنته كليا، تنقص إقتصاديات دول العالم القدرة الداخلية للنمو وللتبادلات الإقتصادية والتجارية التي تتقلص بينما تزداد الحواجز الجمركية وسواها أمام التجارة الحرّة العالمية وهنالك أيضا إتجاه ضدّ العولمة. نحن في الدّاخل الصيني نعيش مرحلة التحوّل الإقتصادي من توزيع الإستثمارات على بعض القطاعات الى الإرتقاء بالصناعة والتركيز أكثر على الإبتكار والإختراع وحماية البيئة والتنمية المستدامة، وهذا ما يتطلب إيجاد نقاط نمو ومجالات تعاون جديدة بين الصين والدول الأخرى. كان هنالك انفتاح صيني في الماضي نحو أوروبا وأميركا الشمالية بشكل رئيسي أما التواصل الإقتصادي بين الصين وبعض دول العالم فلم تصل بعد الى مستوى التعاون المطلوب.

ماذا عن التعاون الإقتصادي مع لبنان؟

إن التواصل الإقتصادي مع لبنان موجود منذ زمن، قبل ألفي عام كان لبنان محطّة مهمة في طريق الحرير القديم، والآن بحكم موقعه الجغرافي فسيلعب دورا جديدا في هذه المبادرة. إن التبادل بين البلدين جيّد لأن الصين أصبحت الشريك التجاري الأول للبنان منذ 4 أعوام، ووصل حجم التبادل الى مليار ومئة مليون دولار أميركي عام 2016.

وكيف يتوزّع هذا المبلغ كتبادل ثنائي؟

إن غالبية التبادل هو من الصين الى لبنان، هنالك سلع لبنانية قليلة جدّا تصدّر الى الصين التي تمتلك قدرة تنافسية هائلة وأعتقد أن معظم الصادرات من لبنان الى الصين هي عبارة عن معادن مستعملة.

ماذا عن التبادل السياحي؟

تمّ توقيع إتفاقية التعاون في مجال السياحة بين الصين ولبنان قبل 10 أعوام لتنظيم زيارات وفود سياحية متبادلة، لكن الأسباب الأمنية والسياسية في لبنان والظروف المحيطة به حالت دون تنظيم أية رحلات الى لبنان، بالإضافة الى عدم وجود ترويج سياحي من قبل لبنان في الصين. لدى المواطن الصيني العادي إنطباع بن لبنان ليس بلدا آمنا، بسبب الأزمات الإقليمية والدّاخلية، كما أن المواطن الصيني لا يعرف إلا اليسر البسيط عن لبنان.

بالنسبة الى الجانب الصيني فثمة مسرولية لجذب السائح اللبناني الى الصين، ونحن كسفارة في بيروت نصدر سنويا قرابة الـ10 آلاف تأشيرة سنويا للبنانيين يسافرون الى الصين لأهداف تجارية بمعظمهم. أما السياح الصينيين فيقصدون لبنان بشكل فردي وليس منظّما للأسباب السابقة.

ما هو المطلوب من لبنان لتنشيط السياحة إليه من الصين؟

المطلوب أولا توفير ظروف آمنة للسياح الصينيين وطمأنتهم بأنه لا توجد مشاكل أمنية على الأراضي اللبنانية، وعلى الجهات المسؤولة في لبنان أن تقيم حملات ترويج ودعاية في الصين، للتعريف عن الموارد السياحية في لبنان كما تقوم به دول أخرى ومنها الخليجية.
ماذا عن التعاون بين بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، وقد تمّ الإحتفاء بالصين كضيف شرف أخيرا في معرض أبو ظبي الدولي للكتاب على سبيل المثال؟

إن الدول العربية بشكل عام مهمّة جدا للصين لأنها تنتمي الى دول نامية، كذلك فإن التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي ينمو باستمرار وإن العلاقات السياسية بين دولنا ممتازة وثمة تعاون إقتصادي وثقة متبادلة عالية سياسيا واقتصاديا. هنالك دول عربيّة تشكل مصدرا من أهم مصادر الطاقة والبترول والغاز الطبيعي ومن أكبر الأسواق للمنتجات الصينية، بالطبع فإن مستويات التبادل الإقتصادي بين الصين ودول عربية على المستوى الثنائي مختلفةـ ففي بعض الحالات هي متقدمة كما مع السعودية والإمارات العربية المتحدة وبعضها لم يصل بعد الى مستوى رفيع لأسباب عدّة.

ما هي الرؤية الصينية لإعادة الإعمار في سوريا؟ وكم تبلغ تكلفة الإعمار؟

في مطلع العام الفائت أصدرت الصين كتيبا عن سياستها تجاه الدول العربية ووضعت القواعد الأساسية لهذا التعاون، إن المبادئ الأساسية هي التعاون الودي القائم على الإحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة والكسب للجميع. إن الموقف الأساسي من النقاط الساخنة في منطقة الشرق الأوسط هي حلّ سياسي وسلمي وعادل عم طريق الحوار وفقا للقرارات الأممية بما فيها موضوع فلسطين واليمن وليبيا وسوريا، إن المعيار واحد في هذه القضايا كلها.

هل بات الحل السياسي وشيكا في سوريا بعد اقتراح روسيا مناطق خفض التوتر وأنتم حلفاء لموسكو؟

هنالك مؤشرات إيجابية بعد الإتفاق في آستانة لإنشاء مناطق تخفيض التصعيد ولاحظت بإرتياح بأن ثمة تطبيق لتخفيض التصعيد منذ الإتفاق، وكان جيدا بشكل عام. نتيجة للإتفاق خفّت حدة الصدامات ما سيوفر مناخا موافقا لمزيد من النقاش السياسي بالإضافة الى عودة النازحين الى سوريا.

ثمة 5 محاور في ما يتعلق بالملف السوري، هنالك أولا الحل السياسي، ووقف أعمال العنف والقتال وإيصال المساعدات الإنسانية ومكافحة الإرهاب وتهيئة الظروف الخارجية بمعنى أن على المجتمع الدولي المساعدة في الحل السياسي أما إعادة الإعمار فهي مرحلة تلي الحل السياسي، صحيح بأن كل الأطراف مهتمة بهذه العملية، لكنها عملية من الصعب أن تبدأ في ظل القتال وعدم انطلاق الحوار السياسي والمفاوضات، والصين بحكم العلاقات التاريخية مع سوريا فهي مستعدة للمشاركة في إعادة الإعمار وتقديم ما يمكن تقديمه من مساعدات في عملية الإعما، والشركات الصينية مستعدة للمشاركة في أية لحظة بعد توافر الظروف الآمنة وبيئة صالحة لتنفيذ المشاريع الإعمارية.

ماذا عن الإستقرار في المنطقة في الشرق الاوسط وخصوصا بعد مجيء إدارة أميركية جديدة؟

إن العلاقات الصينية الأميركية شاملة ومتشعبة، سياسيا إن الصين والولايات المتّحدة الأميركية هما دولتان كبيرتان في العالم ولهما مسؤولية خاصّة تجاه الشؤون الدّولية وتجاه المجتمع الدّولي، وأثبت التاريخ بأن التعاون بينمهما والعمل المشترك يقدّم مساهمة للشؤون الدّولية وأي صراع بينهما يلحق الضرر بالعالم. نسعى دوما الى علاقات صينية أميركية مبنية على عدم الصدام والإحترام المتبادل والتعاون والكسب للجميع. بالطبع بعد تولي الإدارة الأميركية الجديدة الحكم إستمر التعاون بين القيادتين على مستوى الرئيس الصيني وعلى مستوى مستشار الدولة للشؤون الخارجية. في الأسبوع الماضي حصلت مكالمة هاتفية بين الرئيسين الصيني والأميركي بموضوع الملف النووي في شبه جزيرة كوريا، وهذا يدل على أن التعاون بين البلدين مهمّ جدّا في تسوية المشاكل في العالم والتعامل مع الشؤون الدولية. ونجد أن العلاقات الصينية الأميركية تتطور نحو الإنتقال السلس والمستمر وسنواصل العمل في هذا الإتجاه.

هل ترون أن الإتفاق النووي بين إيران ومجموعة الخمسة زائد واحد والذي أسهمت الصين بإبرامه يتعرض للإهتزاز نتيجة سياسة الإدارة الأميركية الجديدة المتشددة تجاه إيران؟

لاحظنا بعض التصريحات والمواقف من الإدارة الأميركية الجديدة، وكنّأ وما زلنا نؤمن بأن الإتفاق النووي الإيراني هو جيد لأنه يخدم أولا هدف عدم إنتشار الأسلحة النووية في العالم وخصوصا في منطقة الخليج. ثانيا، هو اتفاق جاء عن طريق المفاوضات من قبل إيران واطراف المجتمع الدولي وهو أعطى نموذجا لإمكانية التسوية السلمية للمشاكل عبر المشاورات والطرق السلمية، وهذا الوضع لا يزال مثالا يقتدى به في حل مشاكل أخرى.

كانت هذه الإتفاقية نتيجة لجهود دولية مشتركة وإذا طبق سيعود بالنفع لشعوب المنطقة وللعالم، سنواصل العمل لتطبيق هذا الإتفاق وفقا لقرارات الأمم المتحدة.

هل ترى الصين إمكانية حل للقضية الفلسطينية مع إدارة أميركية منحازة كليا لإسرائيل؟

أود التأكيد أن القضية الفلسطينية هي أساسية في الشرق الأوسط، ولا يمكن تهميش هذه القضية، وقد تمّ تهميشها على مدى 7 أعوام من الإضطرابات في الشرق الأوسط أصبحت هذه القضية أكثر تهميشا وهذا ليس جديا، نرى ضرورة لحل عادل ودائم للقضية الفلسطينية عن طريق المفاوضات وعلى أساس قرارت الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي المعنية بحل الدولتين وبإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة عاصمتها القدس الشرقية، وهذا ما يجب التمسّك به.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.