موقع متخصص بالشؤون الصينية

#كوريا وحق امتلاك #النووي (العدد 64)

0

نشرة الصين بعيون عربية ـ غالب قنديل*

منذ القنبلة النووية الأميركية التي ختمت الحرب العالمية الثانية، تسود العالم شريعة غاب لا عدالة فيها في التعامل مع جهود دول عديدة للحصول على السلاح النووي بهدف الاحتماء من البطش الاستعماري الأميركي.
ويذكر العالم أن جمهورية الصين الشعبية فرضت مقعدها الدائم في مجلس الأمن الدولي بحصولها على السلاح النووي وباختبارات نووية متلاحقة تحركت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا لمحاولة اعتراضها ومنعها، فلاحقت حكومة الصين الشعبية بالحصار الاقتصادي وبالعقوبات بذريعة أنها تسعّر السباق النووي في العالم وتسعى لامتلاك سلاح دمار شامل.
منذ الاعتراف بالصين الشعبية في نادي الدول العظمى لامتلاكها الردع النووي الذي فرض احترامها وحمى سيادتها، لم تقم جمهورية الصين الشعبية بأي عمل عدائي اتجاه أي دولة أخرى ولم تستخدم قدرتها النووية في تهديد أي كان، بل هي تقيم حصناً دفاعياً متنامياً لحماية وجودها وحقوقها السيادية في وجه غطرسة الولايات المتحدة وتحرشات عملائها المستمرة في الجوار الصيني.
الولايات المتحدة، والدول الغربية شريكتها العسكرية عبر حلف الناتو، هي لوحدها من بين مالكي السلاح النووي في العالم مَن يرتكب جرائم الحرب في كل مكان، حيث تشن غزوات عسكرية لفرض الهيمنة ولتقويض استقلال الدول، وعدوانها الجاري راهناً على الجمهورية العربية السورية هو فصل من حروبها التي تطال العديد من أقاليم العالم، ومنها حركتها الاستفزازية في بحر الصين واستهدافها المتواصل لجمهورية كوريا الديمقراطية بذريعة سعيها إلى امتلاك السلاح النووي، بينما هي تفتعل منازعة ضد إيران التي لا تريد سوى الحصول على التكنولوجيا النووية السلمية لتطوير ثورتها العلمية والصناعية.
من مهازل الواقع العالمي المعاصر أن تنبري دولة كالولايات المتحدة مدججة بالسلاح النووي والكيماوي والجرثومي حتى الأسنان لتقيم قوساً يحاسب الآخرين ويفتري عليهم بتلك الاتهامات التي لا تطال بها واشنطن سوى المتمردين على هيمنتها وتسلطها الاستعماري، فهي مثلا تعلن عزمها على معاقبة حزب الله بذريعة سلاحه الصاروخي الدفاعي الردعي، وتقدم الحماية للترسانة النووية والكيماوية الصهيونية.
لا ينطوي سلوك الصين الشعبية أو كوريا الديمقراطية على أي شبهة عدائية اتجاه أي كان، بل هو في مجمله سلوك دفاعي عن السيادة الوطنية والحقوق السيادية. فكوريا الشمالية محاصرة بالتهديدات الأميركية وبالتحركات العسكرية العدائية التي تقودها حكومة الولايات المتحدة ضد هذا البلد الذي يطمح لإعادة توحيد الوطن الكوري الذي قسمته واشنطن بقوة السلاح وبالتهديد النووي، وهو يملك كامل المشروعية والحق بالسعي إلى امتلاك الردع النووي لتعطيل العدوانية الأميركية التي تنذر بالتحول إلى حرب غزو وعدوان في أي وقت، خصوصاً مع التهور الأميركي الذي يهدد بالخروج عن السيطرة دائما.
دفاع الكوريين عن وطنهم واستقلاله هو غاية البناء المتواصل لقدرات عسكرية دفاعية طوروها بجهودهم الخاصة وبإمكاناتهم الذاتية، وقد نالوا المعونة والدعم المناسبين من الجارة الكبرى جمهورية الصين الشعبية التي يستهدف التهديد الأميركي لكوريا جوارها الإقليمي وتوازناته العسكرية والسياسية والاقتصادية، حيث تمثّل الأطماع الأميركية بالسيطرة على الموارد والأسواق جوهر الحروب التي تخوضها واشنطن في سائر أنحاء العالم، فهي حروب غزو واستعمار أولاً وأخيراً.
لا مشروعية لأي من أعضاء النادي النووي في رفض النووي الكوري والاحتجاج عليه، فهو برنامج دفاعي مشروع لحماية استقلال كوريا وحقوقها السيادية، ولتعطيل القدرة الأميركية على شن حرب عدوانية جديدة. من يريد من الدول الغيورة على السلم العالمي أن يتخذ مبادرة، سيكون عليه التصدي للغطرسة الأميركية وشمول كوريا بمظلته النوية لمنع العدوان الأميركي أو فرض الاعتراف بالقوة الكورية الصاعدة، كما جرى الاعتراف من قبل بالقوة الصنية وبالقوة الروسية رغم أنف الإمبراطورية الاستعمارية الأميركية، ورغم سلوكها العدواني كمرتزق عالمي يتحرش بالدول المستقلة بهدف إخضاعها والهيمنة عليها سياسياً واقتصادياً وتدفيع الأتاوات لسائر حكومات العالم بمن فيها حلفاء واشنطن الأقربون.
طالما العالم تحكمه الغطرسة الأميركية وسط رضوخ أوروبا وخنوعها، وفي غياب المرجعية الدولية المتوازنة لفض النزاعات ومنع الحروب، بعدما تحولت الأمم المتحدة إلى شبه مستعمرة اميركية، لن تجد الدول المستقلة طريقاً لحماية وجودها ومصالحها غير امتلاك القوة العسكرية وتحقيق الردع الدفاعي لتعطيل آلة العدوان الإمبراطورية.
وينبغي على جميع أحرار العالم أن يدافعوا عن هذا الحق المشروع ويرفضوا التجييش الأميركي والغربي ضد روسيا والصين، وكذلك ضد كوريا الديمقراطية وإيران الإسلامية والجمهورية العربية السورية، فهذه الدول الثلاث الأخيرة تمثل اليوم الجبهة الأمامية لمعركة تحرير العالم من الهيمنة.
ومجدداً نقول : لهذا نقف مع الصين وكوريا الديمقراطية… ضد الافتراءات الأميركية.
*رئيس مركز الشرق الجديد للإعلام والدراسات
** المقال خاص بنشرة ”الصين بعيون عربية“

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.