موقع متخصص بالشؤون الصينية

#اليابان: دكتاتورية الجيوبوليتيك الحربي! (العدد 65)

0

الأكادِيمي مروان سوداح*

العلاقات الصينية مع اليابان ستبقى دقيقةً وحذرةً، ذلك أن نهج طوكيو محكوم للجيوبوليتك الحربي. ففي المسار التاريخي الطبيعي والجيرة بين الدول، ينبغي أن تكون دكتاتورية الجغرافيا وسيلة فعّالة لتعزيز النزوع نحو السلام والتعاون.
لكن يتكشّف أن مرامي اليابان تاريخياً هي تحويل دكتاتورية الجيوبوليتيك السلمي لأداة صراعٍ دامٍ مع الصين فجيوبوليتيك حربي ثابت، فاليابان لا تحتمل وجود لاعب قارّي رئيسي غيرها في آسيا. لذا، تستند طوكيو إلى تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة والرضى بالتبعية لها سبيلاً لتوظيف أمريكا والمصالح الثنائية لكليهما في محاولة لكسر شوكة الصين.
ومن ناحيتها، تُدرك الصين أنه لا يجب أن تتغاضى عن عدة أسباب تدعوها للحذر التاريخي من جارتها اليابان، ومنها أن اليابان تستغل قضية السيادة كدافع لعرقلة التنمية الصينية/ إضافة للنهم الياباني المُوغل في القِدم لاستعمار البلاد الصينية ولتجذير الإحلالية والاستيطانية اليابانية فيها/ والتوسّع الياباني في آسيا ككل، من خلال الصين وروسيا والهند/ والصراع الياباني “لتطويع!” الصين، فالسيطرة أولاً على جَزائر البحرين الشرقي والجنوبي الصينيين قبل البر الصيني الرئيسي/ ومحاولة اليابان العودة للريادة والنفوذ الاقتصادي الطاغي على الأسواق العالمية وإقصاء الصين عنها/ والتحوّل من جديد الى إمبرطورية شمولية ولاعب أول مُقرّر في حلبة آسيا الشرقية والوسطى أولاً والغربية ثانياً/ وليس أخيراً عرقلة مبادرة الرئيس شي جين بينغ للحزام والطريق رغبةً بتفشيلها.
ستبقى اليابان، وبدعم أمريكي عاملةً على جرِّ الصين للعسكرة الواسعة بدلاً عن التصنيع والبناء الواسع؛ ولدفع بيجين إلى السياسة أَولاً والاقتصاد عاشراً/ ومحاولتها استعادة مُستعمراتها “الشرقية” في الصين وروسيا وكوريا، وتكريس منطقة شرق آسيا لليابان حصراً، عودةً إلى (خطة تاناكا) سيئة الصّيت والسُّمعة.
وفي تأكيد آخر على نزعة عَسكرة المجتمع الياباني وسياسة التوسّع، اعترفت طوكيو مؤخراً بتدريس كتاب “كفاحي” للنازي أدولف هتلر في مدارسها “لأغراض تعليمية!”، دون أن يُفضي ذلك الى إحتجاج أحد في الغرب و”إسرائيل”، ما يدل على “التآخي” البُنيوي والطبيعي للاستعمارين الياباني والنازي وإلى جانبهما الغربي، ولسعيهم جميعاً إلى إخضاع كل آسيا من خلال الايديولوجيا الهتلرية (الشقيقة لليابان) خلال الحرب العالمية الثانية، حين هدفت طوكيو الى الإطباق على آسيا بطرفي كمَّاشة شرقي وغربي، من خلال حكومة (فيشي) والمنظمات الصهيونية (في غرب القارة)، وجيوش هتلر التي أُنزلت في مدينة أريحا الفلسطينية.
كما، ما يزال رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، يعتبر الصلاة في معبد ياسوكوني المُثير للجدل فرضاً، بينما تعده الصين، مُحقةً، تحدياً سافراً لها، ودعوة للحرب تماثل رفض اليابان الاعتذار للشعب الصيني عن تحويلها فتيات الصين إلى أدوات مُتعة للقوات الامبرطورية اليابانية منذ أوائل ثلاثينات القرن الماضي وإلى عام 1945م، ما يُشير إلى أن انعدام الثقة الصينية باليابان لن تتوقف، ولكون طوكيو تسوّق إدّعاءات للسلام والتعاون، بينما يتبّدى زيف ذلك بترافقها لدعوات بالحرب والتوسّع وتأليب دول المنطقة على الصين.
لن تنسى الصين أكثر من 36 مليون شهيد قتلهم اليابانيون في حربهم الإحلالية الطويلة على الصين (1931-1945)، ذلك أن اليابان لم تعتذر للآن عن المجازر، ومنها الكيميائية، التي ارتكبتها بحق الصينيين، وها هي تستمر برفض مبدأ التعويصات والمسؤولية التاريخية، ولا أدل على ذلك كله مذبحة نانجينغ الفظيعة التي اقترفها عسكر الإمبرطورية اليابانية.

*رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العَرب أصدقاء وحُلفاء الصين.
*المقال خاص بالنشرة الاسبوعية لموقع الصين بعيون عربية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.