موقع متخصص بالشؤون الصينية

الصين كما رأيتها.. من الأب إلى الأبن (2)

0

يوميات رحلة إلى الصين

نشرة الصين بعيون عربية ـ
علي مهدي محمود ريا:

(العدد السابع والستون)

بكين الجميلة ليست فقط عاصمة الصين، بل هي قلبها النابض، يزيد عدد سكانها عن العشرين مليوناً، تعتبر المدينة مركز السياسة والثقافة والعلوم والتعليم وأيضا محور خطوط المواصلات في البلاد كلها، ولا تسطيع الحديث عن الصين من دون ذكر المدينة المحرمة، معبد السماء، ساحة تيان آن من، والملعب الأولمبي “عش الطائر”، كلها مناطق تبهرك بجمالها وتاريخها.
نكمل رحلتنا في الصين وفي بكين تحديداً، حيث النظام، الترابط العائلي، والتطور التقني، في حلقتنا لهذا العدد نتحدث عن الاعلام الالكتروني الخاص بتلفزيون الصين المركزي، السوق مجدداً، العلاقات الاجتماعية في الصين والثقافة الصينية، إذاعة الصين الدولية وقسمها العربي.
في اليوم الرابع زرنا مركز cntv.com وهو مركز الاعلام الالكتروني التابع للتلفزيون المركزي الصيني حيث تعرفنا على أبرز التطورات في مجال الوصل بين القنوات التلفزيونية والإنترنت، كما تعرفنا بشكل أولي على نظام الحوسبة السحابية الصيني، كذلك نظام الحوسبة السحابية التابع للمركز والذي يخزّن كافة المواد التي تعرض على شاشات كل القنوات التابعة للتلفزيون المركزي.
بعدها انتقلنا إلى غرفة تحتوي بعض الوسائل التقنية التي يطورها العاملون في المركز أو التي سبق وقاموا بتطويرها، منها شاشات اللمس الكبير والتي تعرض مواقعهم وتطبيقات الهواتف الذكية المطوّرة من قِبَلهم والأهم تقنيات الواقع الافتراضي والمستشعرات الذكية. وهنا كانت نهاية جولتنا في هذا المركز.
بعد الغداء ذهبت مع الأصدقاء السوريين إلى السوق لشراء بعض الأغراض والهدايا التي تنقصنا. قصدنا سوقاَ يقال له السوق الروسي. اسم هذا السوق هو “Ya Bao Lu Mall” ويشتهر بأنه من أكبر وأرخص الأسواق في بكين. تدخل المبنى الضخم لتجد كل ما يتعلق بالألبسة والأحذية والحقائب الرجالية والنسائية وحقائب السفر بمختلف الأشكال والألوان والتصاميم والأحجام والماركات. هناك ستجد كل ما تحتاجه في هذا المجال. والواضح من الأسعار، الازدحام، وشكل البناء القديم بأنه سوق شعبي. بعد الانتهاء أخذنا سيارة أجرة وعدنا إلى الفندق.
وفي صباح اليوم الخامس التقينا جميعاً في قاعة الاجتماعات داخل الفندق، حيث انضم إلينا أصدقاء جدد من بيلاروسيا، وقام الأمين العام لجمعية المترجمين في الصين بإلقاء محاضرة حول الثقافة الصينية والتطور الاجتماعي.
اسمحوا لي أصدقائي القراء أن أضع بعض الملاحظات من وجهة نظري المتواضعة حول هذه النقطة تحديداً. في الصين ما زال احترام الشخص الكبير في السن، ومناقشته والاستماع لآرائه والأخذ بها أمراً محسوماً. الكبير لديه خبرة أكثر ومعرفة أكبر، لذلك يجب علينا احترام آرائه. وفي الصين أيضاً العائلة هي كل شيء، يسعى الجميع للحفاظ على الترابط الأسري وعلى وحدة العائلة.
ومن الملاحظ أن الزوجة تنادي أهل زوجها بأمي وأبي وكذلك الزوج مع أهل زوجته. العقلية الجماعية هي المسيطرة، يتبعون القانون في كل شيء، مجتمع منظم. في عالمنا العربي كل هذه الأمور كانت موجودة وكنا أشهر الناس بها، الآن اختلف الوضع كثيراً، وكم نحن بحاجة للعودة إلى هذه القيم الإجتماعية لما فيه خير مجتمعاتنا وصلاحها.‎
هذا الكلام ليس كلام الدكتور المحاضر فقط، بل هو ما شاهدته بعيني خلال الأيام القليلة التي قضيتها في الصين، ولكن دعوني أطرح لكم مثالا من كلام المحاضِر. قبل رأس السنة الصينية كل عام (وهي من أهم المناسبات في الصين)، يجتمع الدكتور بإخوته وأخته الكبيرة، حيث يناقشون المكان الذي سيجتمعون فيه هذا العام.
وبعد النقاش تتولى الأخت الكبيرة، وبما أنها الأكبر سنا في المنزل، اختيار المكان، ويتولى الدكتور وبما أنه الأصغر سناً في المنزل القيام بالحجز المسبق والترتيبات اللازمة وابلاغ الجميع بالنتائج. وفي يوم التجمع يحضر جميع أفراد العائلة كباراً وصغاراً، وحتى المسافرين داخل الصين وخارجها للقاء عائلي موسع. للعلم فقط فإن عمر الدكتور يزيد عن ٦٧ عاماً وعمر شقيقته الكبرى يتجاوز الثمانين.
في تمام الساعة الثانية توجهنا لزيارة إذاعة الصين الدولية. والحديث عن هذه الإذاعة وعن قسمها العربي يطول كثيراً. يعتبر القسم العربي في الإذاعة من أبرز أقسامها، يضم فريق عمل كبيراً من العرب والصينيين الذي يتكلمون العربية. وصلنا إلى مبناها، دخلنا قاعة الاستقبال حيث انقسمنا إلى مجموعات، كل مجموعة زارت القسم الخاص بلغتها، علما أن الإذاعة تحتوي أقساماً تجسّد معظم لغات العالم الحيّة تقريبا. نحن كعرب توجهنا نحو قاعة تحتوي صوراً وتماثيل وتذكارات للإذاعة، وتعرّفنا إلى الطاقم العربي في الإذاعة. لا استطيع أن أصف لكم فرحتهم بنا وفرحتنا بهم، وأخيراً التقيت بعرب في الصين من غير المشاركين في الدورة. فريق العمل يضم أفراداً من عدد من الدول العربية: الجزائر، مصر، السودان، موريتانيا.. تعرّفنا عليهم، بعدها انتقلنا إلى غرفة اجتماعات حيث استعرض لنا الفريق العربي وباللغة العربية ـ لأول مرة منذ بداية الدورة ـ إنجازات الإذاعة وإنجازات القسم العربي فيها، وتمت مناقشة مصادر الأخبار وأمور تقنية متعلقة بالإعلام بشكل عام والإعلام الالكتروني بشكل خاص. زرنا بعد الاجتماع غرفة العمل الخاصة بالقسم العربي حيث تعرّفنا على بعض الأصدقاء الصينيين الذين يتكلمون العربية، بعدها ذهبنا إلى الاستديوهات الخاصة بالقسم العربي في الإذاعة وقمت بتسجيل مقطع صوتي حول الدورة وحول مبادرة الحزام والطريق، لننهي عند هذا الحد زيارتنا إلى إذاعة الصين الدولية، ولكن الحديث عن الإذاعة لم ينتهِ ونكمله إن شاء الله في مقالات صحفية بعد انتهاء السلسلة.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.