موقع متخصص بالشؤون الصينية

#التحالف_الصيني_الروسي.. ضمانة الوجود والمصير (العدد 66)

0

الأكادِيمي مروان سوداح*

التحالف الإستراتيجي الصيني الروسي ضرورة حياتية ويومية ومَصيرية لكل من جمهورية الصين الشعبية والفيديرالية الروسية وأمتيهما، وبدون استمرار هذا التحالف وتعميقه المتواصل وتأكيده على صَعيد عالمي، لأسباب كثيرة لا يتسع المجال هنا لتعدادها، لا يُمكن أن نتخيل مستقبل الدولتين الآمن والمُستقل والدولي، سيّما في ظلال المجابهة العالمية مع الولايات المتحدة والغرب عموماً، الذي يتوسّع علانية وبضراوة وبلا خجل لمحاصرتهما جغرافياً بهدف تفتيتهما.
وفي الخندق الآخر، نلاحظ وجود وانتشار مستمرين لمرامي (الإمبريالية الإعلامية) ومُلحقها البُنيوي – (الرجعية الإعلامية)، في سعيهما الدؤوب لتشويه طبيعة وأهداف هذا التحالف الدفاعي والإنساني، والسخرية منه و “تتفيهه” في أعين البشر، والدفع بإتجاه إضعافه. وهنا نتابع ونراقب كذلك، كيف تسعى الحملة السّرية للرجعيتين العربية والدولية، وبأذرعها – وهي في غايةً التنوّع والتلوّن – للمكوث في قلب هذا التحالف، لتعكير صَفوه، واستعداء طرفيه على بعضهما بعضاً، واستحداث شرخ عميق في أوصاله يَصل إلى البشرية بمجموعها.
يَعود الفضل لعَقد التحالف الصيني الروسي للزعيمين “بوتين” و “شي”، والأهم فيه تفاهمهما المشترك لضرورات تدعيم مَداميكه والإنجاز الهادئ والثابت لضمان ديمومته، بغض النظر عن الآليات الخبيثة للإمبريالية والرجعية الاستخباراتية والإعلامية، اللتان تسعيان في كلتا الدولتين، لعَرقلة تقدم التحالف و”وقف إنتاجيته”، ولجعله في أعين الناس والشعوب مجرد تقليعة و”إضافة صِراعية وحربية” بمواجهة “الديمقراطية الغربية” المزعومة.
وتتبدى حَتمية التحالف وضروراته ليس من أجل إحباط استشراء (الميغا إمبريالية) على حقوق الشعوب ومصائرها حصراً، إنما كذلك لِما يتكشف لنا في الاجتماعات المُغلقة والعلنية ووسائل الإعلام المُصفرّة سياسياً من جهود ضخمة تبذل لاستدامة عمليات التخريب العام، وإستحضار صفحات المواجهة الأيديولوجية والسياسية والعسكرية التي طواها الزمن بين بيجين وموسكو، دون أن تَستحضر هذه الوسائل أيّاً من صفحات البطولة والأخوّة والتحالف – الأمثولة السابق بين روسيا والصين، بخاصة في زمن تحرير الأرض والانسان، حين سالت دماء المقاتلين من البلدين، واختلطت ببعضها البعض، في سبيل تدعيم المُشتركات الدهرية.
قد يكون المَثلب الوحيد على هذا التحالف الذي نسانده وندعو له بالدوام والتصلّب، تقصيره في الحديث عن يوميات وطبيعة وأهداف التحالف في وسائل الإعلام باللغات المحلية، وانحصار وإنحسار الحديث عنه بالعربية خلال النقلات المناسباتية، وبصورة لا ترتقي للأحداث والطبائع التحالفية للدولتين، وهو ما يُسهّل ويوسّع من تخرّصات الأعداء وتوجيه الطعون إليه.
والى جانب ذلك، أعتقد أن الحكومتين الروسية والصينية لا تتابعان متابعة شاملة واستثنائية وعميقة وسائل إعلامهما الناطق بالعربية في مسألة التحالف الصيني الروسي. وشخصياً، ألمس ذلك من خلال متابعاتي اليومية لتلك الوسائل وما يَمتُ إليها بصِلة سياسية وإدارية وكوادرية. والحديث عن هذه المسائل يَطول، ويَكشف عن خيوط خطيرة للتغلغل الأجنبي العدائي، مُدعماً بالحقائق والأمثلة المتعلقة بهذا الأمر الخطير، والذي لا مكان هنا للخوض بتفاصيله.
بالنسبة لنفسي، سأبقى كما كنت منذ صِغري وشبابي، داعياً مبدئياً لتعظيم التحالف الطبيعي والدائم والدهري بين موسكو وبيجين، وتعميقه المتواصل، بغض النظر عن التقلّبات التي قد تطرأ على علاقات الدولتين، فدكتاتورية الجغرافيا السياسية ومصيرهما ومصير البشرية لا يَحتمل خِصام الدولتين والشعبين الصيني والروسي، إلا أن على هذه “الدكتاتورية” أن تكون حافزاً لإنجاز المزيد مِن المكاسب وإضافات التحالف، لتفيض بخيراتها ليس على شعوبهما ودولتيهما فحسب، بل وعلى مختلف أمم وشعوب وقوميات العالم، فهذه الإضافات كثيرة ولا تحصى، بخاصة في الاقتصاد والأعمال والتحرّر من (الاستعمار الإرهابي) الجديد المُهدِّد للإنسانية جمعاء.

*رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العَرب أصدقاء وحُلفاء الصين.
*المقال خاص بالنشرة الاسبوعية لموقع الصين بعيون عربية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.