موقع متخصص بالشؤون الصينية

#الصين.. تصفية التجسّس مهمة حيوية (العدد 69)

0

خاص نشرة الصين بعيون عربية – الأكاديمي مروان سوداح*
قصة التجسس الأمريكي على الصين وخُبراء الصين في العالم، ومحاولة النّفاذ نحو العُمق الصيني والتوطّن فيه، هي نسخة طبق الأصل من تلك العمليات الإستخباراتية والإرهابية التي نفّذها جهاز الموساد الإسرائيلي في ستينات وسبعينات القرن المَطوي، وما قبله وبعده، في حرب “تكسير عِظام الصينين!”، وقتل خُبراء الصين واستهداف دبلوماسييهم في أفريقيا، بهدف حرمان الصين من عقول أبناء شعبها المُبدعين، ولوقف الانتشار الأممي الصيني في العالم ومُهمّة تحويله، ولتحييد الصين عن شعوبه، سيّما ناس تلك الدول الثالثية والنامية التي كانت وما تزال تتطلع بشغف إلى استجلاب الإستثمارات والمُبادرات الصينية لأراضيها.
الأمر يتكرّر اليوم، ذلك أنه ومنذ “حركة الاصلاح والانفتاح” الشهيرة، ونهوض المارد الصيني بخطوات متسارعة، غدت الصين الدولة الاقتصادية الأولى في العالم، فأُقلق ذلك واشنطن وعواصم المتربول وأرّقهم ، وكذلك حُلفاء الغرب بقضّهم وقضيضهم.
الاقتصاد هو الأساس ومحور الحِراك السياسي والعسكري في كل العالم وعلى مدار الأزمان، والغرب السياسي يَبحث بقواه الحربية والاستخباراتية، ليس فقط للإبقاء على الكيان الصهيوني مَطيّة في يده لتمرير سياسته على عالم العرب الواسع للتحكّم بثرواته الفلكية، بل وللعودة المباشرة الى عالمنا لإتباعِهِ هَيمنياً، ولا أدل على ذلك مؤخراً، صِياح أحد الكهنة “الروم”، الذي أتبعنا عُنوةً عَنّا لأثينا وغيرها، وأنكر عروبتنا الدهرية، وفي هذه الإفرازات وغيرها، يَتبّدى ويِتكشّف “غـُل” الغرب علينا كعرب وكمسيحيين ومسلمين، ونشاطه المَحموم في أوساطنا لخلق حالةٍ عربية مرضية إنفكاكية وتفكّكية، واستعداء المسلم على المسيحي والمسيحي على المسلم، ليَسهل عليه العودة مُسيطراً علينا. وهنا بالذات تريد القوى الغربية المُستشرية ذاتها، التي رفضت التوقيع على البيان الختامي لمؤتمر/ قمة مُبادرة “الحزام والطريق”، إخراج الصين عُنوة من بلاد العرب والعالم، لصالح الغرب، ولتأكيد “غربية” العرب كجزء منه ولعودة المُستعمَرة الصينية لحضنها البارد وال”هيرويني”، فشفط ثرواتنا التي تقع جنوب المتوسط وشرقه، الذي يَعتبرونه “بحيرة غربية وناتوية”!
لا يمكننا فَصل عَملانية التجسس الأمريكية على الصين عن الحِراكات الأمريكية بالبلدان العربية. ففي العالمين العربي والصيني يتلاحق التجسس القتّال. ووفقاً لأشهر الصحف الغربية والصينية، صَفّت الصين أو سَجَنَت 18 إلى 20من مصادر “CIA”، ويتأكد اليوم كما في السابق، أن الترابط التاريخي والحياتي والمَصلحي العربي الصيني لا انفكاك فيه، كذلك هي التطلعات الاقتصادية والاستثمارية والسياسية للجانبين. فنحن العرب نتوسل الاستقلال الحقيقي والسيادة، بينما “هم” في الغرب، يتطلعون الى استقلالنا وسيادتنا على شاكلة ونمط “أندورة”/سان مارينو/ موناكو/ تيمور الشرقية/ ناورو/ توفالو وغيرها، لنصبح مُهلهلين و”موّاتِين” وبلا حدود وجيوش وأسلحة ومؤسسات، ليتمكنوا استخبارياً مِنّا وحالتنا هذه، فتقطيعنا وكسر الصين، لأنه يُراد أن تنفرط مَسبحتنا ومسبحة الصين على الشاكلة السوفييتية “أولاً!”، ثم يُديروننا كمتواليات إقطاعية، متعادية ومتحاقدة الى يوم الدين.
في هذا السبيل، دأبت الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية وربيبتها الإسرائيلية، منذ وقت طويل، لاستنساخ “تجربتهما السوفييتية” المشتركة، من خلال “كسب” رجال دين وطوائف دينية، رجال أعمال، صحفيين وإعلاميين وكتّاب، بحّاثة تاريخيين وإجتماعيين وسياسيين وعِلميين، مُمثّلين وسينمائيين، رجالات منظمات مجتمع مدني وبرلمانيين. وقبل كل شيء بالطبع، تجنيد المُقرّبين من مراكز صناعة القرار السياسي والاقتصادي والعاملين فيها.
“الغربيون” يَعتبرون هذه الأنشطة الاستخباراتية “طبيعية”!، وتتوافق “ومنطق الأشياء”!، “أشياءهم” هم بالطبع، ذلك لجريانها “في خضم مواجهات” مَكتومة وصامتة تجري ما بين الغرب الـ (ناتوي) برمته ودفاعات الصين عن نفسها. فالغرب يُجيّش لحسم التاريخ بانتصار نهائي لحضارته وثقافته ونمط حياته، ولإخراج الصين من التاريخ، فتأكيد مقولة “نهاية التاريخ” واقتصاره على الغرب، وتحويل الأمم الى عبيد وبطون مُستهلكة، وعلى كل المَشرق العالمي وبضمنه “نحن والصين”.. السلام!
التجسس الأمريكي “المُتآخي” مع تجسـس دول أُخرى على الصين، يَعمل بتوافق وتنسيق ولن يتوقف، بل سيتسارع، وسنسمع الكثير لاحقاً عن تصفية الخلايا والجواسيس داخل الصين. فمع كل نجاح استخباري وحضاري صيني مفصلي، هناك توسّع تجسـسي أمريكي. ومن المهم هنا أن نوجّه التحية للصين رئيساً، شي جين بينغ، وقيادةً وشعباً؛ وبأن نؤكد تضامننا معها، ذلك أن تصفية مختلف بؤر التجسس هي المهمة الحَيوية والآنية التي تُفعّل مَنعة وصَلادَةُ الصّين وسيادتها على كل ذرة من ترابها.

*رئيس الإتحاد الدولي للصَّحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصّين.
*المَقال خاص بالنشرة الاسبوعية لموقع الصين بعيون عربية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.