موقع متخصص بالشؤون الصينية

تقرير #النيويورك_تايمز عن #الجواسيس في #الصين مليء بالنرجسية (العدد 69)

0

صحيفة غلوبال تايمز الصينية – افتتاحية الصحيفة 22-5-2017
تعريب خاص بـ “نشرة الصين بعيون عربية”

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز يوم السبت أن الحكومة الصينية قتلت أو اعتقلت أكثر من اثني عشر مخبراً لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية بين عامي 2010 و 2012، مفكِّكة عمليات التجسس الأمريكية في البلاد.
وطبقا للتقرير، فإن “المحققين انقسموا بشدة حول هذه القضية، حيث كان بعضهم مقتنعا بأن جاسوساً في صفوف وكالة المخابرات المركزية قد خان الولايات المتحدة، بينما اعتقد آخرون أن الصينيين قد اخترقوا النظام السري الذي استخدمته وكالة الاستخبارات المركزية للتواصل مع مخبريها الأجانب”. وتضمن التقرير تفصيلا مثيرا حول مقتل أحد المصادر “بإطلاق النار عليه أمام زملائه في فناء مبنى حكومي لإيصال رسالة إلى غيره ممن قد يكونون يعملون لحساب وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي اي ايه) “.
ورغم إنتشاره الواسع، تبقى صحة تقرير النيويورك تايمز غير معروفة. واذا كانت عمليات التجسس التي تقوم بها وكالة المخابرات المركزية في الصين قد شُلت، فانه ليس لدى الولايات المتحدة ما تُفاخر به. لكن تقرير النيويورك تايمز صوّر الأشخاص الذين تجسسوا لصالح الولايات المتحدة وكأنهم أبرياء، فيما صوَر قوات الأمن الوطني الصينية كأشخاص عديمي الرحمة. كما ادعى التقرير “أن الصين كانت عدوانية بشكل خاص في تجسسها في السنوات الاخيرة”.
وإذا كان هذا التقرير صحيحاً، فإننا نود أن نثني على الجهود الصينية لمكافحة التجسس. فشبكة التجسس التابعة لوكالة المخابرات المركزية لم تتفكك فحسب، بل أنه لم يكن لدى واشنطن أي فكرة عما حدث وفي أي جزء من شبكة التجسس كان يكمن الخطأ. يمكن اعتبار ذلك انتصاراً ساحقاً. وربما يعني ذلك أنه حتى لو بذلت وكالة المخابرات المركزية جهودا لإعادة بناء شبكتها التجسسية في الصين، فإنها قد تواجه النتيجة نفسها.
أما بالنسبة لإطلاق النار على أحد المصادر في فناء حكومي، فإن هذه قصة ملفّقة بالكامل، وهي في الغالب نتاج الخيال الأمريكي القائم على الأيديولوجية.
ومن الجدير بالذكر أن تقرير النيويورك تايمز يأتي في الوقت الذي تسير فيه العلاقات الصينية الأمريكية على نحو سلس نسبياً، رغم بعض المشاكل التي لم تحل. وستُعقد الجولة الأولى من الحوار الدبلوماسى والأمني  بين الصين والولايات المتحدة في حزيران/ يونيو. وفيما قد ترغب العديد من النخب السياسية الأمريكية برؤية المزيد من الاحتكاكات بين الصين والولايات المتحدة، فإنها الآن ومع التقرير الأخير، قد وجدت زاوية جديدة لإثارة الشكوك بين الولايات المتحدة والصين حول التجسس.
من المعروف جيداً أن الولايات المتحدة هي أكبر جامعة للمعلومات الاستخباراتية في العالم. وهي لا تحدد المعايير الأخلاقية لجواسيسها استناداً إلى مصالحها الوطنية فحسب، بل أنها تحاول أيضاً جعل هذه المعايير عالمية. ويبدو تقرير النيويورك تايمز وكأنه بداية شيّقة لنسخة جديدة من المهمة المستحيلة (Mission Impossible): اختفاء جواسيس أمريكيين عملوا في الصين، وموت بعضهم بشكل بائس. ومع ذلك، لم يعرف أحد سبب وفاتهم. يبدو أن الصحفيين الذين كتبوا التقرير مدمنين بشدة على سلسلة الأفلام هذه. ويبدو أن وكالة المخابرات المركزية زادت من أنشطتها التجسسية في الصين، الأمر الذي سيؤدي حتما إلى تعزيز الصين جهودها لمكافحة للتجسس في الوقت نفسه. وبغض النظر عن الطريقة التي ينظر بها الاميركيون إلى الأمر،  فإن القانون الدولي سيؤكد أن نشاطات الصين لمكافحة التجسس هي قانونية وعادلة في حين أن التجسس الذي تمارسه وكالة الاستخبارات المركزية غير قانوني.
عندما تحرص وسائل الإعلام الأميركية على إحداث ضجة حول “الإمساك بجواسيس صينيين”، فإنه ينبغي عليها التخلي عن نرجسيتها الأخلاقية عند تغطية الأخبار المتعلقة بتجسس وكالة المخابرات المركزية في الصين. فمن السخف أن تكون الولايات المتحدة دائماً، وفقا لوصفهم، الجانب النبيل سواء كانت تمسـك بالجواسيـس أو ترسلهم .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.