موقع متخصص بالشؤون الصينية

أجواء شهر رمضان وعيد الفطر في الصين

0

موقع الصين بعيون عربية ـ
أسامة مختار*:
يُسمّى شهر رمضان فى الصين ب [جاي يويه] باللغة الصينية، وهو يتميز بطقوس ينفرد بها المسلمون عن سواهم، رغم أنهم لا يُشكّلون نسبة تذكر فى المجتمع الصينى حسب الاحصاءات الصينية، حيث لم يجرِ إحصاء دقيق لعدد المسلمين في الصين قبل عام 1949 ، عام تأسيس الصين الجديدة.
لقد ورد في ((حوليات الصين)) الصادر عن دار الشؤون التجارية للنشر في الصين عام 1935 أن في الصين نحو 50 مليون مسلم. وهناك من قال كان في الصين 80 مليون مسلم في تلك الفترة، وظل هذان الرقمان كثيري التداول في العالم. وأيّاً كان عدد مسلمى الصين فهم لايتعدون نسبة الواحد في المئة في بلد المليار ونصف مليار صينى يمثلون ربع سكان العالم
وبرغم قلة عدد المسلمين إلا أن الأجواء الرمضانية ترسم لوحات إيمانية رائعة في مناطق تركز المسلمين، خاصة في منطقة نينغشيا ذاتية الحكم ذات الأغلبية السكانية من قوميه هوي وهي أكبر القوميات المسلمة العشر في الصين وكذلك منطقة شينجيانغ ذات الأغلبية من قومية الويغور المسلمة ذات الحكم الذاتي والتي يشكل المسلمون حوالي 60% من سكانها إضافة إلى بعض التجمعات الإسلامية الريفية. وتنتشرالقوميات المسلمة الصينية كذلك فى مقاطعات قانسو وتشينغهاي وشنشي بصورة رئيسية، وانتشار أبناء قومية هوي واسع نسبياً، حيث ينتشرون في مدينة بكين ومقاطعة خبي ولياونينغ وآنهوي وشاندونغ وخنان ويوننان بأعداد كبيرة إضافة إلى المناطق السابقة الذكر.
ومن أجواء ومظاهر شهر رمضان الكريم الليلية قى الصين أداء المسلمين الصينيين صلاة العشاء والتراويح في مساجدهم المنتشرة على طول البلاد وعرضها إذ إنه فى غضون أكثر من ألف سنة بنى المسلمون الصينيون من مختلف القوميات كثيراً من المساجد الكبيرة والصغيرة. وتفيدنا الإحصاءات أن عدد المساجد في الصين يبلغ الآن أكثر من 30 ألف مسجد، علما بأن بعضها ذو تاريخ عريق، وبعضها رائع الهندسة، وبعضها متألق بضياء التبادلات الثقافية بين الصين وبلاد العرب. وهذه المساجد ليست مجرد مراكز دينية للجموع الغفيرة من المسلمين، بل هي كذلك من فرائد الآثار التاريخية في الصين.
قيل إن أول مسجد ظهر إلى حيز الوجود في الصين كان في عهد أسرة تانغ (618-907م)، وهو مسجد هوايشينغ ومعناه (الحنين إلى النبي) بمدينة قوانغتشو. ومسجد نيوجيه في بكين الذى يعود تاريخه إلى ألف عام، ومسجد يونغشو مسجد تشنجياو ( مسجد العنقاء) بمدينة هانتشو الجميلة ، وغيرها من المساجد القديمة، وكذلك المساجد الصينية التي بنيت في وقت متأخر مثل جامع عيد كاه بمدينة كاشغر .
أما طعام الصائمين الصينيين فى رمضان فتجد على مائدة الإفطار عندهم : التمر والحلوى والشاي والخبز هي الأطباق الحاضرة دائما على المائدة الرمضانية الصينية ، ثم بعد ذلك يتناولون الأطعمة المختلفة، وقد يكون السبب في ذلك هو اتباع السنّة، وأيضاً طبيعة الطعام الصيني الذى لا يمكن أن يعد مسبقاً لرغبتهم في تناول طعام صحي.
وكما نعلم أن السائد عند العرب تناول الحلويات بعد الفطور ولكن مسلمي الصين يفضلون الفاكهة والمكسرات بعد الإفطار. أما وجبة السحور عند المسلمين الصينين فعادة ما تكون حساء المكرونة مع الخضروات أو اللحم
وللجمعية الإسلامية الصينية دور كبير تجاه أبناء القوميات المسلمة إذ إنها تضطلع بتدريب الأئمة لصلاة التراويح وإلقاء الدروس الإسلامية وإصدار نشرات تعريفية بمواقيت الصلاة وإمساكية شهر رمضان .
والمُتبع فى الصين أنه يتم تحديد شهر رمضان فلكياً وتعلنه الجمعية الإسلامية ودائما ما يتم صومه ثلاثين يوما وفي هذا العام يصوم المسلمون فى الصين ما يقارب الثماني عشرة ساعة فى اليوم.
أما الجاليات المسلمة فى الصين فتستقبل شهر رمضان بسرور في أجواء يحاولون أن يضفوا عليها طابعاً مشابهاً لأجواء بلادهم ويتجمع معظمهم في مسجد السفارة السودانية الذى يسع لألف مصل فى بكين لأداء صلاة التراويح ويلتقون عقب الصلاة لتبادل الأحاديث وأمور حياتهم اليومية
وبانقضاء شهر رمضان ومع أول أيام عيد الفطر المبارك في الصين يحتشد الآلاف لصلاة العيد في مساجد البلاد، مرتدين أبهى حللهم لأداء الصلاة وسماع خطبة العيد.
وتزيّن بهذه المناسبة بيوت المسلمين فى الصين بأعلام ملونة وفوانيس حمراء، وتعلق على أبواب المحال وجانبي الشوارع التى يقطنها المسلمون لافتات كبيرة تحمل عبارات “التهنئة بعيد الفطر المبارك” وغيرها من الأمنيات السعيدة.
وتكتظ المساجد بالمواطنين والمحلات والمطاعم القريبة من المساجد لشراء مأكولات إسلامية مميزة احتفالاً بهذا العيد، وخير مثال لهذا تجمع سكان حي نيوجيه في العاصمة الصينية بكين حيث المسجد الذي يُعد أكبر وأقدم مسجد في المدينة كما أوردت آنفا والذي يقع في هذا الحي العريق في العاصمة الصينية بكين ويسكنه نحو 12 ألفاً من أبناء قومية هوي الصينية المسلمة.
وهكذا تبدو أجواء رمضان والعيد في جمهورية الصين الشعبية على عدة مستويات لكنها تجتمع كلها في معاني الفرحة والتوحّد والانتماء للدين الإسلامي الحنيف.

*أسامة مختارالاستاذ: الخبير الإذاعي للقسم العربي بإذاعة الصين الدوليةCRI، والقائم بأعمال (الإتحاد الدولي للصحفيين الإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين) لدى الصحافة والإعلام الصيني ووسائل الاعلام الاجتماعي الناطق بالعربية في الصين، ورئيس المجموعة الإتحادية الأُولى في السودان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.