موقع متخصص بالشؤون الصينية

صداقة اليمن والصين.. قواعد الماضي لبناء المستقبل

0

موقع الصين بعيون عربية ـ
عبد الحميد الكبي*

ترتبط اليمن بجمهورية الصين الشعبية بعلاقات تاريخية وتجارية وإنسانية وثيقة وقديمة جداً، وقد رسخت الصِّلات على مختلف المستويات وتعزّزت بين الشعبين اليمني والصيني وتعمّقت الصداقة بينهما عبر الدهور والعصور، وسادها الود والاحترام المتبادل، وهو ما أسـس بالتالي الى قواعد لمصالح فُضلى مشتركة بين البلدين، فغدت صروحهما صلبة وعلاقات متنامية قرن بعد أخر وفي مختلف الاتجاهات.

وفي التاريخ نقرأ الكثير عن عدن بخاصة، وسعيها نحو الصين وازدهار العلاقات مابين الشعبين برغم البُعد الجغرافي لبعضهما عن بعض، إذ كان الشعب اليمني ناشطاً في التعرّف على شعوب العالم وبلدانه وعلى وجه الخصوص الصين، التي كان شعبها يَهوى ترسيخ علاقاته مع مختلف الامم، فنشأت بالتالي صِلات ود وصداقة وقُربى وتزاوج مابين الشعبين، تم توثيقها في المراجع التاريخية، وغدت تعزّزها شواهد مادية.

ان استعراض العلاقات اليمنية الصينية يَحتاج الى الكثير من النشر، فلا يمكن حصره في مقال واحد أو مجلد، ولا حتى في أفلام وثائقية ما، لأن هذه العلاقات مُتشعّبة، وقد سبقت علاقات العرب غير اليمنيين مع الصين، ومن أسباب هذا النشاط اليمني الواسع، مَحبة اليمنيين للثقافات ورغبتهم المتأصلة للتعرّف على الأمم، ولإبداعاتهم البحرية التي جعلت منهم مُلوكاً للبحار وأباطرة للمحيطات، يَمخرون عبابها بلا وجل منذ أزمان سحيقة.

لذلك، تُعد العلاقات التجارية بين عدن والصين واحدة من العلاقات المبكرة تاريخياً، حيث وصل الى الصين عدد لا يحصى من التجار وعليّة القوم اليمنيين، وتاجروا بسلع كثيرة لم توجد في الصين أنذاك، منها اللبان والمُر، وعادوا الى الوطن بالحرير والخزف. ويؤكد الأدريسي الذي عاش في القرن السادس الهجري هذا الرأي، إذ يُشير الى أن التواصل مابين عدن والصين تجارياً أتّخذ طابعاً ناشطاً جداً، لذلك فقد كتب التالي: “.. ومدينة عدن مدينة صغيرة، وإنما إشتهر ذكرها لأنها مرسى، منها تسافر المراكب الى السند والهند والصين وإليها يُجلب متاع الصين”.
وبالعودة إلى رحلات الصينيين السّبع إلى الدول المطلّة على المحيط الهندي، الممتدة من 807هـ – 835هـ ( 1405 – 1433م )، سنجد ان عدن قد حَظيت بثلاث من هذه الرحلات التي قاد أسطولها البحّار الصيني المسلم تشنج – خه، وهو بالمناسبة شهير في أوساط الصينيين عموماً للآن، وفي حلقات ومعاهد وكليات المُستعربين الصينيين .

وفي عصرنا الحديث كذلك استمدت علاقات اليمن والصين قوتها من الماضي الايجابي والعميق، فنمت وتطورت،  وساهمت قيادة فخامة الرئيس شي جين بينغ بشكل كبير في تحسين العلاقات بين البلدين، فقدمت الدعم والمساعدة لليمن في ظل ظروف صعبة تعانيها بلادنا، ومنها مبادرة الصين الشعبية لتقديم الدعم والمساعدة في مؤتمر الاستجابة الإنسانية تحت إشراف الأمم المتحدة لتقديم المساعدات الإنسانية لشعب اليمن؛ كما كان أحد الموقف الإيجابية الاخرى للصين الوقوف الى جانب أمن اليمن واستقراره وضرورة إيجاد حل للأزمة اليمنية، وفي ظل اللقاء الذي جمع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مع السفير الصيني في اليمن، وجّه دعوة إلى إعادة البعثات الدراسية العليا والمِنح الصينية لليمن، كذلك ضرورة انعاش الاستثمارات الصينية في اليمن، وهو أمر إيجابي يساهم في تحسين الارتقاء من جديد بمستوى العلاقات مابين البلدين، سيّما لموقع اليمن الجيوسياسي والدولي والآسيوي المُطل على أفريقيا، وفي ظل المُنجز التاريخي الاقتصادي الصيني المُتمثل في طريق الحرير الجديد (الحزام والطريق)، والدور الكبير الذي ننتظر ان يلعبه اليمن ضمنه وفي مجال الربط بواسط اليمن واليمنيين مابين القارات والدول والشعوب.

لذلك، نتطلع بعيون متفائلة الى السلطات اليمنية لإعمال جهدها في دارسة هذا الملف، والتركيز على قضايا التعاون مع الجانب الصيني لأنه المخرج الحقيقي والواقعي لليمن للخروج من محنته في حقول عديدة، ولا يَسعنا هنا سوى أن نتقدم بالشكر وبأن نعرب عن عميق التقدير للقيادة السياسية الصينية متمثلة باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وفي طليعتها فخامة الرئيس شي جين بينغ، وشعب الصين الصديق الوفي، لما يقدمونه لليمن من دعم ومساعدة، ولما يبدونه تجاهه من مواقف إيجابية يُحمدون عليها.

*عبد الحميد الكبي: عضو عامل في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين في عدن والهيئة الشعبية الجنوبية (الائتلاف الوطني الجنوبي)، وباحث في العلاقات اليمنية الصينية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.