موقع متخصص بالشؤون الصينية

#الفِطر.. #الإسلام و #الصين! (العدد 73)

0

نشرة الصين بعيون عربية ـ الأكاديمي مروان سوداح*
برغم أنني لم أشهد شخصياً احتفالات شهر رمضان المبارك في الصين، ولم أُشارك بإحتفاءات عيدي الفطر والأضحى، إلّا أنني التقيت الكثيرين من الشخصيات الاسلامية والمشايخ المسلمين هناك، وزرت عدداً لا يحصى من المساجد والمدارس الدينية والجامعات الاسلامية في بيجين وخارجها.
مقالاتي الكثيرة التي نشرتها عن الصين في العديد من وسائل الإعلام الأردنية والعربية خلال سنوات طويلة، مهمّة للغاية في المجالين الاسلامي والصيني. لذا، أعادت سفارة الصين في الاردن في وقت سابق، نشرها مشكورة على موقعها الشبكي، توثيقاً وحفظاً لمن يَهمّه أمرها.
لكنني ومِن خلال عشرات الزيارات الرسمية التي قمت بها الى الصين، كصديق وحليف لهذه البلاد العظيمة، التي ارتبطُ بها للآن منذ نصف قرن تقريباً، وبصفتي حَليفاً لها، ومِن ثَمَّ رئيساً لـِ (الإتحاد الدولي للصحفيين الإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين(، أقول بأنني إطّلعت خلال تلك الزيارات على واقع المسلمين الصينيين وحياتهم اليومية، والتقيت هناك في غرب ووسط تلك البلاد أُولئك المسلمين الصينيين من أصل عربي، والذين أسميهم أنا (مسلمو طريق الحرير القديم، وسكان الجبال)، وكنت سعيداً بهذه اللقاءات.
بالطبع، أنا أشعر كما زملائي في (الاتحاد الدولي) بضرورة أن يزور الأعضاء الصين مرات ومرات، وضمن وفود متواصلة ليشهدوا على فعاليات متعددة، ومن بينها تشكيل وفد لمؤسسي الاتحاد وقياداته، ليس لعقد المؤتمر الأول هناك فقط، بل وليطلعوا كذلك على الصين بعُمقٍ، ولتساعدهم هذه الزيارات في تعميق نظرتهم للصين وتكثير كتاباتهم عنها، أسوة بالزيارات المتواصلة التي يُجريها ممثلو مختلف المنظمات والجهات الاردنية والعربية والاسلامية الى الصين، ولا أعتقد بأن أولئك هم أكثر تحالفاً مع الصين من أعضاء اتحادنا، كما لا أرى بأن جميعهم ساهموا بتعميق العلاقات مع الصين بقدر رغباتهم للسياحة بالصين، وبقدر مساهمة الاخوة الأعضاء في (الاتحاد الدولي)، وهم الذين يعملون ليلاً ونهاراً في هذا المجال ولأجله لإعلاء قِيمة ومبدأ ومبدئية التحالف الدولي والصداقة مع الصين، وفي تبرع شخصي ودون مقابل مادي أو معنوي، وباقتطاعهم الوقت لأجل “العمل الصيني”، من الوقت الممنوح لعائلاتهم،.
كما أدرك أن كِتاباتنا عن القضايا الاسلامية في الصين، وعن الاعياد الاسلامية والمسلمين الصينيين، لا تستقيم بدون تنفيذ زيارات إتّحادية الى الصين، وليست مكتملة كذلك بدون علاقات مباشرة بين الاعضاء الاتحاديين والمؤسسات الاسلامية الصينية ومنها الإعلامية. ولهذا بالذات ولغيره، لم يَكتب الأعضاء لنشرتنا هذه سوى أقل المقالات عن “الاسلاميات الصينية”، التي كان أول مَنْ خطّ عنها هم الصينيون من أعضاء أتحادنا الدولي، فلهم الشكر الجزيل والتقدير الكبير. كما لا يَستقيم أمر الاتحاد الدولي بنشر مقالات عن هذه القضايا الاسلامية الصينية بأقلام خصومه والمتربصين به ومَن يتصيّدونه.
وإذ ندرك أهمية التواصل والصِّلات ما بين الجانبين العربي والصيني إسلامياً ومَسيحياً، ندعو قيادة الحزب الشيوعي الصيني وسفارات الصين بالدول العربية، ومجلس الدولة للإعلام في الصين، الى تنظيم زيارات للكتّاب والإعلاميين الإتحاديين لزيارة الصين والكتابة عن المسلمين والمسيحيين هناك، وعن الصين بعامة.
في لقاءاتي الكثيرة مع مَشايخ الطائفة الاسلامية في الصين والمواطنين المسلمين هناك، وطلاب الشريعة والثقافة الاسلامية، لم ألمس في أحاديثهم أية اعتراضات ذات صبغة إسلامية على سياسة الحكومة المركزية الصينية تجاههم، ذلك أن القيادة الحكومية والحزبية الصينية، كانت قد شّرَعَت مذ تأسيس الدولة الصينية (1949م)، أي بعد تحريرها من الهيمنة الإحلالية والإستيطانية والتوسّعية اليابانية، وإثر تحجيم النفوذ الأمريكي والبريطاني والبرتغالي و”الدالايلاموي”في الصين.. أقول شرّعت وعلى جناح السرعة كليات لتدريس اللغة العربية الفصحى في مختلف الجامعات الصينية العاملة آنذاك، وهي الباقية الى اليوم، إلى جانب الإعلان في 11مايو1953م عن تأسيس (الجمعية الاسلامية الصينية)، وفي عام 1955 أجازت الصين تأسيس المعهد الصيني للعلوم الإسلامية بصفته أعلى مؤسسة تعليمية إسلامية على أراضيها، على أن تتولى الجمعية الإسلامية الصينية قيادته المباشرة (موقع الصين بعيون عربية/مقالة الشيخ محمد حسن التويمي “الهيئات والمنظمات الاسلامية بالصين.. الجمعية الإسلامية الصينية-2″، 11فبراير2016م)، وهو ما تحدّثت عنه شخصياً في كلمتي في الحفل الحاشد الذي نظّمتهُ السفارة الصينية مع “مركز الرأي للدراسات” في فندق “غراند حياة” بالعاصمة الاردنية، بتاريخ الاثنين 08مايو/أيار2017م، للدلالة على النوايا الرسمية الصينية الحَسنة تجاه مسلمي الصين والعالم وحِيال الاردن بخاصةٍ والدول العربية قاطبة، وذلك منذ تأسيس الدولة الصينية. فاللغة هي الأساس في بناء علاقات ناجحة ما بين الامم، وهي الجِسر والمُجَسّر الأمثل لفهم الآخر، ومعرفته والصداقة الحقيقية معه. وعلى مِثال الصين، فإن هدفنا يتلخص بـِ”توليد طريق حرير إنساني جديد”، عربي صيني، على أسس أصيلة وعميقة الجذور وشاسعة شساعة الكون، ويجمع الكل.
في الصين الجديدة، لم أرَ في الاعياد وفي الأيام العادية شرطياً بجانب مسجد أو كنيسة، ولا حرّاس أو عيون تلاحق المؤمنين، ولا تفتيش لحقائب وجيوب، ولا مراقبة بوليسية كما في الغرب. بل أن المساجد الرائعة مُشرعة أبوابها طوال اليوم، وخلال ساعات الصلاة على مدار النهار والليل، وهي تمتاز بزخرفتها التقليدية الصينية، وخصوصيتها القومية تبعاً للقومية السائدة في منطقتها، وتدعم الدولة من ميزانيتها تأهيل تلك المساجد وصيانتها لأنها تتمتع بقيمة عليا وثروة وطنية لا تقدّر بثمن، بينما مساجد بيجين مختلفة ومتباينة في نواحي عديدة، فهي مفتوحة لجميع المسلمين من قوميات البلاد والأجانب، كذلك هو أمر المؤسسات التعليمية العليا، التي لا تمييز فيها بين مسلم وغيره، وقومية وآخرى، والكل سواسية أمام قانون الدولة.
لكن ما يُسعد المسلمين وأُولئك الصينيين الذين هُمُ من أصول عربية، إنّما هو الاستماع للزائر مُتحدِّثاً بالعربية، ومُلقياً المحاضرت فيهم، أو مُقيماً لندوة وناسجاً لحديث وأيّاهمُ.. فهو لديهم تواصل مع الأهل والإخوة في الدين والتاريخ والمشتركات والمشاعر والأُصول، وهذا ما لمسته في أحدى الجامعات التي زرتها بدعوة، حيث تحدثت للطلبة ولأستاذة من اليمن تعمل فيها، وفي مدرسة تُعلم اللغة العربية، حيث أبدع طالباتها وطلابها بأحاديثهم معي بلغة الضاد لأجدادهم العرب.
منذ عشرات السنين لم أرَ في الصين أية مشكلة على أساس ديني، والحرية الدينية مُصانة، ولا أدل على ذلك من الاحتفالات بعيدي الفطر والأضحى وصوم رمضان علانية وعلى نطاقات واسعة، وفي الأماكن العامة، وتتحدث عن هذه الأعياد والمسلمين المطبوعات والأخبار الصينية التي يَنشرها مسلمو الصين ورقياً و”عنكبوتياً” والقسم العربي لإذاعة الصين الدوليةCRI، ما يؤكّد الحريات الدينية والشخصية التي يتمتع بها المسلم الصيني، الذي يتعرّض لحملة تشويه غربية ورجعية، سياسية باطنياً، لتحويله الى عدو لوطنه التاريخي ومَسقط رأسه – الصين، وليَحمل ويتبّنى أجندات أجنبية توسّعية واستعمارية وإحلالية، تقتلعه مرة أخرى من ترابه ليحل أصحابها محله، فتباً لإعداء الصين المتربّصين بناس العالم، فأولئك هم خصومنا في الارض وإلى يوم الدين.
*رئيس الإتحاد الدولي للصَّحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصّين.
*المَقال خاص بالنشرة الاسبوعية لموقع الصين بعيون عربية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.