موقع متخصص بالشؤون الصينية

خمسة تحديات تواجه #الصين ورابطة حول جنوب شرق آسيا فيما تواجه المنطقة توازناً جديداً للقوى (العدد 74)

0

صحيفة غلوبال تايمز الصينية
غاو يانغ 27- 6- 2017
تعريب خاص بـ “نشرة الصين بعيون عربية”

تصادف هذا العام الذكرى الخمسون لإنشاء رابطة دول جنوب شرق آسيا (أسيان). وقد قطعت آسيان، بمساحة إجمالية تبلغ 4.46 مليون كيلومتر مربع، وتعداد سكاني يقارب حوالي 600 مليون نسمة، شوطاً طويلاً في التعاون السياسي والإقتصادي والإقليمي، وباتت آلية التعاون الرئيسية في جنوب شرق آسيا.
وتعلّق الصين أهمية كبيرة على علاقتها مع آسيان وتعطيها أولوية في جدول أعمالها الدبلوماسي.
في عام 2003، أسست الصين الشراكة الإستراتيجية للسلام والازدهار مع آسيان، وأصبحت أول دولة خارج الرابطة تنضم إلى معاهدة الصداقة والتعاون جنوب شرق آسيا. وقد أُنشئت منطقة تجارة حرة بين الصين وآسيان عام 2010.
وبلغ حجم التجارة بين الجانبين 472.1 مليار دولار عام 2015، أي بزيادة 60 ضعفا مقارنة ب 7.96 مليار دولار في عام 1991. ويبلغ الاستثمار في الاتجاهين 156.4 مليار دولار، أي أكثر 300 مرة مقارنة مع العام 1991. وقد وصف رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ الفترة الحالية بالعقد الماسي للعلاقات بين الصين وآسيان.
مع ذلك، ومع التغيرات التي طرأت على الأوضاع الإقليمية والعالمية، بدأت التحديات الكامنة التالية ـ والتي قد تؤثر على علاقة الصين بأسيان في المستقبل القريب ـ بالبروز إلى السطح.
أولى هذه التحديات هي الشكوك التي جلبها تغيير النظام الإقليمي والعالمي. فمع تراجع القوة الوطنية الأمريكية وصعود قوى ناشئة، تشهد الأوضاع في جنوب شرق آسيا والعالم تعديلات وتغييرات جذرية.
ويُعتبر انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، إضافة إلى البريكسيت، بمثابة الحدثين “المفاجئين” الكبيرين في السياسة الدولية، اللذيّن خلّفا أثراً كبيراً على النظام القائم جنوب شرق آسيا.
فقد ألغى ترامب إستراتيجية إدارة أوباما لإعادة التوازن في آسيا والمحيط الهادئ، وأعلن انسحابه من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ. ولم تصدر ادارة ترامب أية بيانات أو تصريحات حول سياستها في جنوب شرق آسيا حتى الآن. وأدت الشكوك الناجمة عن تغيير النظام الإقليمي والعالمي إلى جعل بلدان الرابطة أكثر حذرا في أنشطتها الدبلوماسية.
التحدي الثاني هو المسافة الفكرية التي تفصل بلدان أسيان عن الصين. حيث  تتأثر دول رابطة أسيان بتاريخ الصين وثقافتها التقليدية وقيمها بشكل كبير. وتتحرك الصين نحو مركز المسرح العالمي، مع تزايد نفوذها السياسي والاقتصادي في آسيان يوما بعد يوم.
وقد أدى عدم التكافؤ بين الصين وبلدان الرابطة إلى اختلافات جوهرية في المصالح وفي التصورات تجاه  العديد من القضايا الإقليمية، مما تسبب ببعض المحن في هذه البلدان.
ففيما تستفيد دول رابطة أسيان من الصين، فإنها تشعر بالقلق إزاء ما ستفعله الصين القوية بها. وقد تبنت دول أسيان إستراتيجية لتحقيق توازن مع نفوذ الصين المتزايد. وقد أدى ذلك إلى حالة من الاعتماد الاقتصادي على الصين مع وعد بالأمن من الولايات المتحدة.
والتحدي الثالث هو استراتيجية الإسفين التي تستخدمها القوى الموجودة خارج جنوب شرق آسيا. لقد كانت منطقة جنوب شرق آسيا محور تركيز السياسة الدولية عقب الحرب العالمية الثانية. وتشعر دول من بينها الولايات المتحدة واليابان والهند بقلقٍ شديد من صعود الصين ونفوذها المتزايد في المنطقة. وقد أطلقت هذه الدول أنشطة دبلوماسية نشطة في المنطقة في محاولة لدق إسفين بين الصين ودول رابطة آسيان.
والتحدي الرابع هو النزاعات الإقليمية. يمكن اعتبار قضية النزاعات الاقليمية عقبة رئيسية أمام تنمية العلاقات بين الصين وآسيان. تجدر الاشارة إلى أن الصين لديها نزاعات إقليمية مع الفيلبين وفيتنام وماليزيا. ولسوء الحظ إن النزاعات الإقليمية ليست مشكلة تاريخية فحسب، وإنما تتعلق بالقومية والشرعية الحكومية أيضاً، الأمر الذي يجعل تقديم تنازلات فيما يتعلق بالمسألة الإقليمية مستحيلاً.
والتحدي الخامس هو تنوع بلدان الرابطة. فوفقاً للإحصاءات، هناك أكثر من 400 عرق وقبيلة داخل دول آسيان. وتعتبر منطقة الرابطة أكثر المناطق تنوعاً في مجال السياسة والاقتصاد والثقافة في العالم اليوم. وفي الوقت الحاضر، تمر بلدان آسيوية كثيرة بعملية تحول اقتصادي وإعادة هيكلة سياسية، وتواجه اختلالات في التنمية الاقتصادية وتحديات أمنية غير تقليدية مثل الإرهاب وانفلونزا الطيور والجرائم العابرة للحدود. وفي الوقت نفسه، توجد أيضا نزاعات إقليمية بين بعض بلدان الرابطة.
ومع تسارع وتيرة تكامل آسيان، ستصبح الخلافات بين دول الرابطة بارزة بشكل متزايد، وستجعل التعاون بين دول آسيان أكثر تعقيداً، الأمر الذي سيؤدي إلى المزيد من الصعوبات في صياغة سياسة خارجية متماسكة لآسيان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.