موقع متخصص بالشؤون الصينية

الصين في عيون العرب

0

 

موقع الصين بعيون عربية

الدكتور سمير حمدان*:

لم ترتبط دولة أو أمة من الأمم القديمة والحديثة بتراث وثقافة الأمة العربية كما أرتبطت الصين جغرافياً وحضارةً.

تعلمنا في المدارس الابتدائية وفي مطلع الستينات المنصرمة، على وقع المَثل والحِكمة الشعبية “أطلب العلم ولو في الصين”، وهذا يؤشر على مكانة الصين العلمية في ذهن الشعب العربي، حتى وإن كانت مكاناً قصيّاً من حيث الجغرافيا.

ولا زلنا نذكر وقوف القائد العربي قتيبة إبن مسلم على حدود الصين وكيف جنبت الحكمة الصينية الأمتين حرباً كادت أن تندلع بينهما، حيث أقسم القائد على أن تطأ قدماه تراب الصين، فأحضروا له حفنة تراب، وهكذا نزع فتيل الحرب، وكان ذلك عام68 للهجرة.

ومنذ ذلك التاريخ شهد طريق الحرير تدفق البضائع في الاتجاهين بين الصين والشرق. وبسبب تسامح الثقافة الصينية واحترامها للآخر، استوطن عدد من التجار العرب المسلمين الصين، ومارسوا شعائرهم الدينية ولغتهم دون وجود أي صعوبات. وهكذا وبفضل هذا النشاط وجدت طائفة صينية مسلمة أسهمت وتسهم في مزيد من الانفتاح بين الحضارتين العربية والإسلامية.

ولا زلنا نذكر أيضاً المخترعات الصينية، الشاي والبوصلة والورق وفن الطباعة، والتي كانت طريقها للعالم العربي سالكة قبل أن تصل لأوروبا. وفي المقابل استقبلت الصين علوم الفلك والطب والتداوي بالأعشاب من العرب بكل تقدير واحترام. ومما عزّز تلك العلاقات نهج الصين السلمي تجاه شعوب العالم، ومن ضمنها الشعوب العربية، حيث لعبت الثورة الصينية وقيادات الصين المختلفة دوراً مميزاً في دعم قضايا الشعوب العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث قدّمت الصين دعماً معنوياً لكل القرارات الدولية التي تحث على إعطاء الشعب الفلسطيني حق إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وفق قرارات الشرعية الدولية.

أما في الجانب الاقتصادي، فشواهد دعم الصين لا تخطئها عين المراقب في مصر وسوريا والعراق، حيث سجل التاريخ الحديث أول علاقات دبلوماسية واقتصادية وثقافية بين الصين ومصر، التي تشكل بيضة القبان في العالم العربي جغرافياً وسكاناً. وفي العصر الحديث، وفي السنوات القليلة الماضية، أسهمت الصين في حماية الدولة السورية من التفتت ومكّنتها من الصمود في وجه المنظمات الإرهابية.

لا يمكن لنا أن نتخيل شكل العالم بدون الصين، هذه الدولة التي مارست السلم بأعلى وأرقى درجاته، حيث لم تسجل في تاريخها الشرفي حالة قتل أو اعتداء على امتداد عمر الدولة الصينية.

للصين مكانة خاصة في نفوس العرب على اختلاف مشاربهم الفكرية والسياسية، فالصين تجمع ولا تفرق. هذا السجل التاريخي النظيف والمَبني على علاقات الاحترام المتبادل والتعاون الاقتصادي، يؤسس لعلاقات صينية عربية أفضل بكثير مما هي عليه الآن. ولعل اللغة كأداة تواصل، مكّنت أمريكا وبريطانيا من الحضور ثقافياً في المنطقة، ونحب أن نرى اللغة الصينية في ذات المكانة، وهي المدخل الأكثر تأثيراً في علاقات الشعوب.

لقد حدثت خطوات في هذا الاتجاه ولكنها خجولة، إذ لا بد للصين من تسريع توجهها نحو المنطقة بتعزيز حضور اللغة الصينية، والتي من شأنها أن تؤسس لعلاقات اقتصادية وسياسة أكثر تطوراً. إننا في الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين، نعمل بجد وإخلاص لفتح كل القنوات لعلاقات صينية عربية أكثر تجذراً وأكثر فائدة للأمتين.


*الدكتور سمير حمدان: عضو ناشط وعامل في قيادة الفرع الاردني والآسيوي للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين وناشط اجتماعي وثقافي في الاردن ومتخصص باللغة الانجليزية وعلومها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.