موقع متخصص بالشؤون الصينية

تعليق: هل بات الحل العسكري الخيار الأول في السياسة الأمريكية؟

0

صحيفة الشعب الصينية:
أثار التأهب العسكري الأمريكي مؤخرا اهتماما واسعا. في آسيا، صرحت أمريكا بأنها تضع الحل العسكري في مقدمة الحلول لمعالجة الملف الكوري الشمالي؛ وأبدت رغبتها في التعاون العسكري مع الفيتنام. وفي أوروبا، يجري الجيش الأمريكي مناورات مشتركة مع الجيش الأستوني. وفي سبتمبر المقبل، سيشارك الجيش الأمريكي في مناورات حلف الناتو والجيش السويدي؛ وفي أمريكا الجنوبية، هددت أمريكا بإتخاذ اجراءات عسكرية ضد فنزويلا، حيث قالت أنها لاتستبعد الحل العسكري في التعامل مع الوضع الحالي.

الأولوية للحل العسكري

لاشك في أن التهديد اللاذع بالتحرك العسكري على صلة بشخصية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. حيث ذكرت صحيفة” الواشنطن بوست” بأن ترامب لم يتحدث مع مستشاريه قبل تصريحاته حول كوريا الديمقراطية في 8 أغسطس الجاري.

لكن ترامب لم يتوقف عند التهجم الكلامي، بل قام بالعديد من الإستعدادات العسكرية منذ أن صعد للحكم.

وبحسب وثيقتين صادرتين عن موقع البيت الأبيض تحت عنوان “السياسة الخارجية الأمريكية الأولى” و “لنجعل جيشنا قويا مرة أخرى”، فإن إدارة ترامب تسعى إلى تشكيل سياسة خارجية قائمة على المصالح الأمريكية والأمن القومي، يكون فيها الخيار العسكري في المرتبة الأولى. “تحقيق السلام من خلال القوة سيكون مركز سياستنا الخارجية”، “سنعمل على إعادة بناء الجيش الأمريكي”، “لن نسمح لأي دولة أخرى بأن تتجاوز قوتنا العسكرية، وادارة ترامب ستسعى لتحقيق أعلى مستوى من التسلح.”

في هذا الصدد، يرى نائب مدير قسم الدبلوماسية العامة بجامعة جيلين، سون شينغ جييه، أن الحل العسكري كان دائما خيارا هاما في الدبلوماسية الأمريكية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وخلافا لإدارة أوباما التي عملت جاهدا لإنهاء الحروب، فإن ترامب اليوم يحاول العودة إلى السياسة الخارجية الأمريكية التي عقبت الحرب العالمية الثانية. حيث تعتمد الهيمنة الأمريكية بشكل كبير على القوة العسكرية، كما يدرك ترامب جيدا أهمية القوة العسكرية في المحافظة على التفوق الأمريكي.

وترى نائب الأمين العام لمركز أبحاث الأمن الإقليمي بالأكاديمية الصينية للعلوم الإجتماعية ران جينغ جينغ، أن التأهب العسكري لإدارة ترامب يعود الى طبيعة الفريق الذي يستعين به. ويرى مراقبون دوليون، أن الفريق الذي يعتمد عليه ترامب في تشكل السياسة الخارجية وسياسات الأمن القومي، لم يعد يرتكز أساسا على الإستراتيجيين والساسة كما كان الحال مع الإدارات الإمريكية السابقة، بل بات يستعين بالجيش بشكل رئيسي. “يؤثر الطاقم الذي يستعين به ترامب في الحكم في توجيه أفكاره نحو الحل العسكري. وسوريا خير مثال على ذلك.” تقول ران جينغ جينغ.

ولهذا باتت أمريكا اليوم أكثر إعتمادا على الحل العسكري في معالجة القضايا الدبلوماسية. في هذا الصدد علق موقع لوي المحلل الأسترالي في مقال حول هذا الموضوع، قائلا بأن إدارة ترامب تفتقد لسياسة إقليمية واضحة، ماجعل الدبلوماسية الأمريكية تتجه بشكل مفرط نحو الإعتماد على الوسائل العسكرية.

تأثيرات مضاعفة

يرى سون شينغ جييه، أن ترامب بصفته رئيس الدولة المتزعمة للنظام العالمي، فإن تصريحاته لديها تأثير كبير على الوضع الدولي.

أما ران جينغ جينغ فترى بأن أمريكا بصدد تسديد اللكمات في مختلف الإتجاهات: حيث تجري مناورات عسكرية بالقرب من روسيا، وفي حديقتها الخلفية، وتتفاوض مع الفيتنام لتطوير التعاون العسكري بين البلدين.

في هذا السياق، ذكرت الإذاعة الفرنسية الدولية في 13 أغسطس الجاري، بأن العديد من دول أمريكا اللاتينية رغم معارضتهم لإجراءات الرئيس الفنزويلي مادورو، لكن غالبية دول أمريكا اللاتينة ترفض تهديدات ترامب بالتدخل العسكري في فنزويلا. وقالت هذه الدول بأن التهديد الأمريكي الحالي هي الأولى من نوعها منذ التدخل العسكري في بانما في عام 1989.

من جهة أخرى، تؤثر الخيارات العسكرية الأمريكية الحالية على وضع الإقتصاد العالمي. حيث ذكرت الإذاعة الفرنسية الدولية، بأن الحرب الكلامية بين أمريكا وكوريا الديمقراطية قد دفعت أسواق الأسهم العالمية إلى التراجع. حيث هوت أسعار أسهم بورصة وولستريت في 10 اغسطس الجاري إلى أدنى مستوى لها خلال 3 أشهر، وتراجع مؤشر داو جونز بـ 200 نقطة، ومؤشر نازداك بـ 2%؛ كما أغلقت أسواق الأسهم الأوروبية على خسائر فادحة. إذ تراجع مؤشر “آف تي آس إي” ببورصة لندن بـ 1.4%، وأغلق على 7389.94 نقطة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.