موقع متخصص بالشؤون الصينية

#الصّين تَـنال الأكوان بحريرها الثالث! (العدد 80)

0

 

نشرة الصين بعيون عربية ـ الأكاديمي مروان سوداح*

 

لأول مرة في التاريخ البشري، ستغدو دولة تصنّف نفسها قوةً نامية وتنتمي للعالم الثالث المتحرّر بقواه الذاتية والقابض بيده على جَمر نمو العلوم وفتوحاتها، رائدة وعظيمة في مجال تطويع الأكوان المُتـناثرة في مختلف جنبات الفضاء المفتوح اللانهائي.
هذه الدولة الصديقة عبر التاريخ والمُعَاصِرة الحليفة هي جمهورية الصين الشعبية العظيمة، ونقلتها هي عالمية ثالثة، ولنقل بأنها نقلة “طريق حريرها الفضائي” الذي يرتقي بها “من الثرى الأرضي الى ثريا درب التبانة” وما بعده وبما حوله هناك بعيداً حيث لا إنس ولا جان، سوف يُذهل مليارات البني آدميين. فالخطوة الصينية للسفر الى القمر (بمسافة نحو 800000 ألف كم بالاتجاهين)، والهبوط على سطحه، والتي سوف نشهدها بعد أسابيع وشهور قليلة، والتجوال ما بين الكواكب، سيُدشّن بجهود الصين بالتأكيد، عصراً جديداً للعالم النامي والشعوب الثالثية، وسترتقي الصين بمستوى جميع تلك الدول الصغيرة والمتوسطة المساحة والسكان والقدرات وتُعلي قيمتها، لتسمو على الاستعمار الذي ما انفك يَحطُ مِن قَدرها وإمكاناتها عَقلياً وعِلمياً ووجودياً.
فالنقلة الصينية الوطنية الثانية التي دشّنتها الصين بسرعة البرق في عام1978 (الإصلاح والانفتاح)، سبقت مختلف النقلات الاقتصادية والتكنولوجية المعروفة في الغرب الواسع، وأكدت فرادتها في شتى المناحي، وصولاً في نقلتها الثالثة الى الأكوان، بعد قفزتها الثانية الشيجينبينغية “الحزام والطريق”.
الدولة الصينية قبل تحرير البر الصيني، كانت مدار تهكّم واستخفاف أمريكي وغربي، إذ كان الغرب وأمريكا وبعنجهيتهم واستعلائيتهم المعروفة، يُقلّل من تطلعات الصين نحو الفضاء، ويُطلق بشأنها مختلف النكات الدنيئة والسيئة، ويرى بأنها سوف تبقى مُلحقة بِهِ تماماً كما كانت خلال الاستعمار الدولي البريطاني والبرتغالي والياباني للصينيين.
الصين لم تضع مُخططاً للرسو على تراب القمر لمجرد عرض قدراتها الضخمة التي لن توازيها قدرات الغالبية الساحقة من الدول ومنها الصناعية الغربية فحسب، بل وللتأكيد على ان نجاحات صناعاتها وعلومها الفضائية هي نتيجة حتمية للجهود الدؤوبة التي لا تكل ولا تمل لإثبات القدرة الصينية وسرعتها التي تفوق الغرب في أكثر من حقل استراتيجي، إذ أن غزو الفضاء بدأ من “صِفر مُكعب”، لذلك هو يَعني بالدرجة الأولى أن بيجين صارت تقبض بحرص وقوة وثقة على نجاحات متميّزة في العلوم والتقنيات العسكرية – الدفاعية والهجومية والمدنية على حد سواء، تؤهّلها الى مزيدٍ مِن تطوير قطاعاتها المختلفة وبسرعات متنامية، وتستند الى قاعدة مالية موثوقة لا تنضب.

ومن الثابت للعُلماء والخبراء ذوي الصِّلة، وصُنّاع السياسة والإستراتيجيا، أن الخطوات الفضائية الصينية المتلاحقة، تشتمل على التكنولوجيات المتقدمة والجديدة والعالية، وهي تساهم بقدر محسوس جداً في عَملانية تطوير العلوم والتكنولوجيا العالية والرفيعة وتعميم الأتمتة و”الروبوتية”، والإقلاع الاقتصادي الشامل.
وفي (الكتاب الأبيض) الصادر في العام الماضي، عن مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة الصيني ومصلحة الدولة لطيران الفضاء بشأن صناعة طيران الفضاء الصينية نقرأ أن المهام الرئيسية المُحدّدة لسياسات وأهداف صناعة ارتياد الفضاء الصينية هي:
ـ إرساء التبادلات الدولية وجهود التعاون السلمي على مستوى الكرة الارضية؛
ـ نشر مبادئ الالتزام بمبدأ الاستكشاف السلمي للفضاء؛
ـ التخلّص من الأسلحة الفضائية وضرورة عدم استخدامها؛
ـ وقف سباق التسلح في الفضاء الخارجي.
واتصالاً بذلك وغيره، تعمل الصين حثيثاً لإطلاق المِسبار القمري الصيني “تشانغ أه-4” في عام 2018، على أمل “تحقيق أول هبوط بشري سهل” على “الجانب الآخر” من القمر.
من ناحية أخرى، ستعيّن الصين خططاً مستقبلية واستراتيجية بعيدة المدى لإطلاق مِسبار المريخ لعام 2020، وتنفيذ أعمال الاستكشاف هناك، وتتكون من 35 قمراً صناعياً، ستوفّر بلا شك خدمات جُلّى للملاحة العالمية عموماً، ولتفعيل مشروع الصواريخ الثقيلة، إلى جانب تأكيد نواياها السلمية في خضم مشاركة الاستثمار المحلي والأجنبي في مشاريعها خارج “الأرض البشرية”، ومن ذلك في القنوات الفضائية، والأنشطة الفضائية العلمية، ورحلات الطيران الفضائي المأهولة، واستكشاف القمر، والارتقاء بِـ (شبكة بيدو) للملاحة والتخطيط بحلول عام 2020، ونظام رصد الأرض عالي الدقة، وغيرها من المشاريع الصينية الوطنية الكبرى في مجال العلوم والتكنولوجيا.
الرأس يدور لدى الاطلاع على خطط الصين الكثيرة في الفضاء وعلى سطح القمر. أيديولوجيو الصين يرون ضرورة بناء مقر رئيسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وقيادة الدولة على القمر، برغم ان درجة الحرارة على سطح القمر تصل إلى أكثر من 300 درجة مئوية فقط !؛ ليكون سهلاً مراقبة واشنطن وحِراكاتها من هناك!، بينما علماء الصين يستعدون لاستثمار أكثر من مائة نوع من المعادن الموجودة على ذاك الكوكب، منها خمسة أنواع غير موجودة في الكرة الأرضية، ويزيدون بأن مركبات الصين القمرية ومستوطناتها البشرية القمرية، ستعتمد مستقبلاً على الطاقات الشمسية والنووية والحَركية، وبأنه حال نجاح الإنسان في استخدام غاز الهليوم-3 الموجود على القمر، فسيكون ممكناً تزويد عالمنا الأرضي بالكهرباء لمدة 500 سنة متواصلة على الأقل!
وليس ختاماً، فإن البشرية تنتظر من الصين كشف الكثير من الحقائق عن القمر والمريخ والفضاء والكواكب الاخرى عموماً.. وتقول التعليقات العالمية المُتاحة على “يوتيوب”، إن الصين “استيقظت من سُباتها”، وبأنها “لن تقف مكتوفة الأيدي أمام وكالة “ناسا” الفضائية الامريكية كما يَفعل بقية العالم”، فهي “سوف تطلق مشروعها الفضائي لتصبح واحدة من القوى الفضائية الحالية الدولية، وتصل إلى كل من القمر والمريخ”، وستكشف أخيراً.. عن حقائق الفضاء التي طالما أخفتها واشنطن..!
وبغض النظر عن صحة أو عدم صحة ما يذهب إليه عدد كبير من المعلقين والقراء والمتابعين حول خفايا “ناسا” وأسرار ناس وحضارات القمر والكواكب التي تخفيها أمريكا عن العالم (كذا)، إلا أن هذه التعليقات السيّالة وغير المنقطعة، تعني أن ملايين الناس يقفون الى جانب الصين وتطورها الفضائي والعلمي كشفاً عن الحقائق المخفية، وللتخلص من الاحتكار الإعلامي والعلمي والمعلوماتي الأمريكي البشع، ويتطلعون الى إنجاز التحرر العقلي والسيكولوجي من الاحتكارات الامريكية، التي تتحكم بأدمغة البشر وأنماط تفكيرهم، وتنشر السخافات والوحول في أوساطهم.

 

*رئيس الإتحاد الدولي للصَّحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصّين.
*المَقال خاص بالنشرة الاسبوعية لموقع الصين بعيون عربية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.