موقع متخصص بالشؤون الصينية

المَعنى الحقيقي لمبادرة “الحزام والطريق” الجديد ومنتداها

0

موقع الصين بعيون عربية ـ
فاروق أيوب خوري*:
أذكر، أن صحيفة “نيويورك تايمز”، كَتبت في أحد إصداراتها، أن الانتاج الصناعي الصيني الفائض يُعد أحد أهم الدوافع التي تقف خلف مبادرة الحزام والطريق الصينية، التي تعتبر إستمراراً لطريق الحرير الصيني القديم. وبيّنت الصحيفة على سبيل المثال، أن الصين تنتج نحو 1,1مليار طن من الفولاذ سنوياً (وهي كمية تعادل تلك التي تنتجها كل دول العالم الأخرى)، ولكنها لا تستهلك داخلياً إلا 800مليون طن، بينما يُقدر إتحاد غرف التجارة الأوروبية ان المبادرة، ستستوعب 30مليون طن من هذا الانتاج الفائض فقط!
لكن الصحيفة لم تذكر كما يبدو، أن الصين توظّف أكثر من 150 مليار دولار أمريكي والكثير من جهود المؤسسات الرسمية والاجتماعية والاقتصادية الصينية، لجهة دعمها لهذه المبادرة، وذلك في الدول التي وافقت على فتح أراضيها أمامها! بتفسير آخر، هذا يَعني أن الصين تخسر من ميزانيتها الحكومية أموالاً فلكية لا تخطر على بال، لأجل بناء إقتصادات الدول الأخرى التي تُصادق الصين وتطلب الدعم منها أو التعاون معها، في إطار تلك المبادرة التاريخية القائمة على الكسب المشترك.
في مؤتمر التعاون الإعلامي لمبادرة الحزام والطريق الذي افتتح في النصف الثاني من سبتمبر الحالي، قال “ما تشنغ يه”، رئيس مجلس محافظة لينشيا التابعة لمقاطعة قانسو شمال غرب الصين، حيث عُقد المنتدى الذي أنهى أعماله مؤخراً بوجود عربي فاعل وكبير من صحفيين وإعلاميين وكتّاب من الدول العربية في آسيا وأفريقيا، إن المحافظة تعمل جاهدة على تعزيز خصائصها القومية، وتطوير بناء مَجمع صناعي للمنتجات “الحلال” وفق الشريعة الاسلامية، وجَذب مزيدٍ من الاستثمارات، وتعميق الانفتاح نحو الخارج على إتساعه، ومشيراً إلى أن 270ألف فلاح من سكان هذه المحافظة سيتخلصون من الفقر، وهو ما يَعني برأيي الشخصي، أن المحافظة ستطوّر مستويات سكانها إجتماعياً وحياتياً وستتحسن إمكانياتهم المادية والمالية، وتنمو الى جانب ذلك، معنوياتهم وتتفتّق بالتالي عقولهم عن رغبات جديدة بالعمل المُنتج والخلاّق.
ما تقدم يَعني، ان المبادرة الصينية موجهة للعمل داخل الصين كما هو أمرها خارج الصين، وان الصين ترى في منظورها الاقتصادي الاستراتيجي، ان تطوير المناطق الغربية الواسعة للصين حيث عقد المنتدى، تتطور بنسق واحد مع اقتراحات تطوير الصين للمناطق الاجنبية التي ستمر فيها القطارات أو الشاحنات الضخمة التي “ستمخر” عِباب الطُرق التي ترسيها الصين لتسهيل مرور وسائل المواصلات الحديثة، وهو كسب للجانبين الصيني والاجنبي، ولا يوجد فيها أي مكسب لطرف على حساب أخر كما تحاول بعض الصحافات الاجنبية تصوير الأمر وحصره في جانب غير موضوعي.
صحيفة الشعب الصينية الأكثر إنتشاراً، وهي التي رتّبت ونظّمت ورعت المنتدى المؤتمري المذكور لمفكري ومؤرخي العالم، وضعت النقاط على الحروف، حين أعلنت عن مختلف أهداف طريق الحرير الصيني الجديد، ومن ذلك “أن ٦٩ دولة وافقت على المشاركة في هذه المبادرة، وتم بناء ٥٦ منطقة تجارية، بتكلفة تزيد عن ١٨ مليار دولار، وتوفر أكثر من ١٨٠ ألف فرصة عمل، لتنتقل هذه المبادرة من مرحلة التخطيط التي بدأت منذ أكثر من أربع سنوات، إلى مرحلة التنفيذ، حيث تبلغ الاستثمارات أكثر من ٦،٨ مليار دولار في مرحلة التشغيل الأولى، عِلماً بأن الصين عملت منذ أربع سنوات على تنفيذ هذه المبادرة، حيث تم توقيع أكثر من ٣٠ مذكرة تفاهم، مع ٢٣ دولة للتعاون وتحقيق الأهداف التي تخدم المبادرة، لتوسيع دائرة العمل ومجالاته، وتعميقها حتى تتحول من التنسيق إلى التنفيذ”.
ونقلت الصحيفة كذلك عن ممثل وزارة النقل والاتصالات الصيني قوله في المنتدى، إن وسائل الإعلام تعتبر جسراً للتعاون بين دول العالم، والنقل والمواصلات تلعب دوراً إيجابياً في بناء هذه المبادرة “الحزام و الطريق”، مُنوهاً الى ان الصين فتحت ٦ ممرات لنقل البضائع بآلاف القطارات من خلال ١١ دولة و ٢٩ مدينة من ١٦ اتفاقية ثنائية لطريق الحرير الجديد، وتسعى الصين لرفع مستوى بناء المواصلات إلى أعلى مستوى بطرق حديثة وجديدة لتوفير ضمان قوي لهذه المبادرة، واختتم ممثل الوزارة كلمته في المنتدى بالقول، إن وزارته تعمل مع كل الجهات لخلق الثقة المتبادلة واستخدام التقنيات الإعلامية لتغطية الأحداث العالمية مع جميع الدول ومختلف الثقافات والجنسيات.
فتهانينا لنجاح المنتدى المذكور لصحيفة الشعب الصينية، وآمل النجاح للمنتدى المُقبل الذي اتطلع للمشاركة فيه بدعوة صينية كريمة، في العام المقبل 2018، سوياً مع وفد من “الاتحاد الدولي” والفرع الاردني للاتحاد، للإدلاء بدلوي في سياقاته وقراراته وأهدافه في الإعلام الأردني والعربي.

*م. فاروق خوري: عضو ناشط في الفرع الاردني للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب اصدقاء وحُلفاء الصين – الاردن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.