موقع متخصص بالشؤون الصينية

“بريكس الصيني”.. واستراتيجية المستقبل الآمن (العدد 83)

0

نشرة الصين بعيون عربية ـ الأكاديمي مروان سوداح*

يُعتبر انعقاد مُؤتمر دول “بريكس” تحت شعار “شرَاكة أقوى من أجل مُستقبل أكثر إشراقاً”، في مدينة شيامن، بمقاطعة فوجيان الساحلية، بجنوب شرقي الصين، الحَدثٌ الأبرز على المستويات العَالمية والاستراتيجية والجيوبوليتيكية، ويُشارك في المؤتمر زعماء دول “بريكس”، كما يَحضر جلسات “حِوار الأسواق الناشئة والدول النامية”، المُقام على هامشه، عَددٌ مِن قادة الدول، مِن بينهم مصر.
وفي انعقاد “بريكس في الصّين” بالذات، تَبرز أهمية استراتيجية قُصوى تُجيّشُ “بريكس” بمزيدٍ من القِوى، ولكَوُنِ الدولة الصينية الآسيوية الكُبرى، تبقى مُوحّدة ومتواصلة منذ ألوف السنين وقيادية عالمياً، وعلى صُعُدِ مسيرتها ومواطنيها وقومياتها وشعوبها.. فهي لم ولن تتفتت أو تتحلّل، ولم تَفنَ كغيرها من الدول السابقة والضّعيفة الحالية؛ ولأنها تتربع على المَقعد الأول في العَالم مِن حيث عديد السكان؛ والأعظم في القدرات الإنتاجية المُتضَاعِفة سِلعياً، والأسرع نموّاً إقتصادياً وتجارياً، وفي كمِّ وعديد وأهمية الاختراعات التقنية – السلمية المتلاحقة على أراضيها؛ وفي تخزينٍ واعٍ للذهب والأحجار الكريمة والثمينة والنقد الأجنبي ولتعظيم احتياطياتها منه؛ ولأن الصين الصديقة للعالم، هي الأكثر إنتاجاً سِلعياً وبضائعياً لمصلحة فقراء العالم أولاً، ولطبقاته المُختلفة ثانياً وعلى حدٍ سواء.
إلى ذلك كلّه، ألحظ أن “دولة هان” التاريخية التي تحتضن هذا المؤتمر التاريخي، تترأس “بريكس” لهذا العام، حيث نتابع بانشداد خاص نجاحات الحوكمة والنقلة المِفصلية الثانية للصين التاريخية، بعد نقلة التطوّر المُذهل الأُولى، في عام 1978م، لتُضيف القيادة الصينية أهمّية دولية أخرى إلى “أهمّيات بريكس” العديدة، ألا وهي دورها القيادي – القاعدي في “الاتحاد البريكسي” فالعالمي، الذي يَعرض أيضاً إلى يَومياتها الدفاعية، على خلفية هجمة شرسة، غربية ظالمة وتطويقية، تُفرض عليها تدرّجياً، ولتأكيد فاعِليتها الحَاسمة في صِيانة وحدة أراضيها الوطنية التاريخية والبَر الصيني الشاسع، واستنادها إلى مجتمع دولي صديق وحَليف لها في سياساتها ونهجها.
يتكوّن تحالف مجموعة “بريكس” من دولٍ خمس هي: الصّين وروسيا وجنوب أفريقيا والبرازيل والهند. لذا، يُعتبر هذا الاتحاد الدولي قوّة هامة في الحَوكمة والوحدة الإنسانية – العالمية، وتشغل الصين رئاسة المجموعة لهذا العام. لذا، يَلعب الرئيس الصيني الرفيق “شي جين بينغ”، دوراً رئيسياً في هذا المؤتمر، وفي أنشطة “بريكس” الدولية.
فالرئيس “شي” يَترأس في مؤتمر “بريكس” حوار الأسواق الناشئة والدول النامية، بشأن التعاون المُفيد “للجانبين”، في السّعي للوصول إلى “التنمية والمَصالح المُشتركة”. لذلك، يَحضر “شي” عدداً من المناسبات “البريكسية” الأخرى، على مِثال، حفل افتتاح مُنتدى أعمال “بريكس”، ويُجالس ضيوف الصين، كالرئيس البرازيلي ميشال تامر، ورئيس طاجيكستان إمام علي رحمان، وغيرهما من الشخصيات الدولية المُشاركة.
والمُلفت للانتباه، أن جمهورية مصر العربية الشقيقة، تلعب دوراً رئيسياً في مؤتمر “بريكس” الحالي في الصين، ويَبدو أن الدول المؤسِّسَة لهذا التحالف الدولي، تريد من مصر أن تلعب هذا الدور، لاسيّما على صعيد القيادية العربية، وربما الإسلامية أيضاً، بخاصة قبيل انعقاد المؤتمر وخلال يومياته، ولهذا الأمر دلالات عميقة ودولية لا تَخفى على المُتابع والمُطّلع.
فللمرة الأولى في تاريخ مصر، تمت دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لحضور قمة “بريكس”، بينما ما انفك وزير الخارجية الصيني وانغ يه، يؤكد حرص بلاده على التعاون مع مصر، من خلال “مبادرة الحزام والطريق” الصينية الجديدة، وكذلك تطلّعه لمشاركة مصرية فاعلة وواسعة في قمة “بريكس”.
ومن هنا يرشح أن القيادة الصينية ترى من خلال الدور المصري، توسيع حوارها مع الدول العربية والنامية، بخاصة الأفريقية منها، وأخذاً بعين الاعتبار وزن مصر السكاني والاقتصادي والجيوبوليتيكي في المنطقة العربية، وما بين القارتين الآسيوية والأفريقية، وتطلعاً إلى دور مصري لإنجاح وتسهيل سُبل المبادرة الحريرية الصينية نحو الثقافات والمجتمعات الاخرى.
دعوة مصر إلى دور ملحوظ في “بريكس”، يُنوّه إلى حِكمة قيادة “بريكس” وبُعد بُصيرتها، بخاصةٍ لضرورات تسهيل الانتقال العالمي – التدريجي، مِن تبعية مُطلقة أو نسبية أو ارتهان لمراكز المتربول الإمبريالية التاريخية ونمطها الإلحاقي، إلى مشاركة فعّالة ومتساوية المصالح لدول مُستقلة في “بريكس”، وإضعافاً للتبعية الدولية لأمريكا والتوسّعيين في أوروبا الغربية ومَن يلف لفهما من أنظمة ترى في الدول الثالثية والنامية مزرعة لها، في الصراعات الاقتصادية والمغامرات الحربية التي لا تنتهي، وفي تصريف الفوائض، وسيادة “بناي بريث” والماسونية و بلدربيرغ  و”نقاء!” العِرق الأنجلوسكسوني والعِرق الآري الجرماني – الفاشستي، وغيرها من الأجناس الشمالية “البيضاء”، على الأجناس البشرية الأخرى “الكالحة” و”المُنحطّة!” – بحسب توصيفات الفلسفات ومناهج الاستعلائية الأمري – غربية المُعادِية للإنسان والإنسانية..
نتمنى لمؤتمر “#بريكس” الدوري على تراب الصين العظيمة والحَليفة، نجاحاً مُتميّزاً في ضيافة الرئيس الرفيق العظيم “شي جين بينغ”، وفي أحضان الصين المِعطاءة، ولتعزيز المَسيرة الحالية الهادرة والتحالفية العالمية مع الصين الأُممية، ولتلبية عَملانية لتطلعات الجماهير الأرضية الأعرض، في دور مُتعدّد آمِنٍ للبشرية، وسلمي وقيادي وأفعل لـِ “بريكس”، الذي هو مستقبل العالم على أنقاض “منظمة الأمم المتحدة” المُتهالكة، والتي تتحكّم بها ومنذ تأسيسها وإلى حدٍ بعيدٍ، التعددية الإمبريالية الدولية والقوى الرجعية الدائرة في فلكها والتي تَقبض بالعصا والجزرة على دَفّةِ الكثير من هيئاتها قراراتها..

*رئيس الإتحاد الدولي للصَّحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصّين.
*المَقال خاص بالنشرة الاسبوعية لموقع الصين بعيون عربية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.