موقع متخصص بالشؤون الصينية

لنُعزّز #برِيكس ونُفشِل تفجير قلبه (العدد 83)

0

 

نشرة الصين بعيون عربية ـ م. يلينا نيدوغينا*

قُبيل انعقاد قمّة “بريكس”، في جمهورية الصين الشعبية، بدأت الولايات المتحدة بتعزيز تواجدها وتأثيراتها العسكرية والسياسية، على حركة طالبان في أفغانستان.
كذلك، باشرت واشنطن العمل بصورة حثيثة على محاولة تفجير مجموعة “بريكس” من داخلها، بدفع الهند الى نزاع عسكري ضد الصين، لإعادة انتاج الخلافات الحدودية والسياسية والفكرية مابين الجانبين، ناهيك عن الدفع الأمريكي لتأجيج الصراع حول الاقتصاد ما بين الدولتين، والنفخ بقدرات الهند في مواجهة الصين.
واشنطن ترى بأن انعقاد القمة البريكسية في الصين، هو تهديد لمصالحها في أسيا برمتها، وبخاصة في مركز القارة القديمة، وهي “لن تَغفر” للصين والهند وجودهما المشترك الى جانب الباكستان في “بريكس”، فلدى “العم سام” العديد من الوسائل التي ستؤدي الى مشاكل داخل المجموعة كما ترى واشنطن وتتباهى!
المُخطّط الذي تعمل الإدارة الأمريكية وصقور البيت الأبيض على تنفيذه هذه الأيام، هو إعادة إشعال حرب شاملة في أفغانستان، لكن هذه المرة حرق وسط أسيا عن طريق عمليات عسكرية وهجومية واسعة يقوم بها المتطرفون ضد بلدان أسيا الوسطى السوفييتية السابقة، ودفع قوات (طالبان) حرباً وبالدبلوماسية المُعسكَرة، نحو الحدود الروسية، وتشكيل ضغط كبير على الأمن الروسي، يُمكِنهُ إشغال موسكو بآمانها في خاصرتها الجنوبية، القريبة من القوقازين الشمالي والجنوبي، إذ ترى أمريكا إمكانية توحيد المتطرفين والارهابيين في المنطقتين، لحمل روسيا على الخروج من سوريا و “الشرق الأوسط” برمته، وإضعاف شوكتها، كذلك الأمر بالنسبة للصين في شبه الجزيرة الكورية.
في أسباب أخرى تأجيجية لنزاع مُحتمل لا نريده مابين الهند والصين، بتدبير أمريكي، “مسألة دالاي لاما”، الذي يتّخذ من شمال الهند مَقرّاً له، لدعم الإنفصاليين والإرهابيين داخل الصين، ولتضخيم العمل الإعلامي العالمي للتأليب على الصين، وفي هذا المجال تحالف “الدالاي لاما” مع “ربيعة قدير”، المعادية للصين، والعاملة ضمن الأهداف الاستخبارية الامريكية في التدخل بمختلف الأساليب في الصين والإخلال بسيادتها.
مجموعة “بريكس” والصين معها، يُحاولون تبريد كل أشكال النزاعات المحتملة مابين مختلف أعضاء هذه المجموعة الدولية، لذلك نرى كيف ان الصين وبوعيها السياسي المعروف، لم تنجر لا إلى مواجهات مع دول البحرين الشرقي والجنوبي، ولا الى مواجهات مع الهند. فالعمل السياسي الصيني يُطالب بضبط النفس والعقلانية والهدوء في التعامل، وحل الخلافات بالطرق السلمية والحَكيمة، والإلتزام بنهج عدم إهراق ولو قطرة دم واحدة من جانب أي طرف كان، وهو ما تؤيده روسيا وتعمل ضمنه، وهي التي اكتوت بنار المواجهات وفقدان عشرات الملايين من مواطني شعبها في سلسلة الحروب العدوانية، التي شنتها عليها القوى الإمبريالية والغربية.
وفي الأهداف الجيوسياسية الجديدة – القديمة لأمريكا، تحجيم الصين وروسيا في المناطق الحدودية لهما، بإشعال الأوضاع في عددٍ من الدول المُحَادِدة للدولتين، وهو ما سيؤدي، ونأمل بعدم حدوث ذلك، إلى تقليص الميزانيات العسكرية لهما، وعرقلة مشاريعهما العلمية والفضائية وأوضاعهما الاقتصادية، وضَعضعة الفضاء الداخلي والقومي فيهما عموماً، ما يُمكِنهُ أن يؤدي وفقاً للرؤية الامريكية، الى “نهضة إقتصادية واستثمارية جديدة” للمَجمع الصناعي العسكري الامريكي، على حساب آلام البشر ومآسيهم.
في المَنطق التوسّعي الأمريكي، أن إستمرارية “بريكس” على الساحة السياسية والاقتصادية والأمنية الدولية، هو عملية إضعاف متواصلة للقوى الأمريكية المختلفة، والعكس هو الصحيح. أي أن وجود مجموعة “بريكس” ضعيفة ومحدودة الفعالية والإنتشار الجغرافي، ومنشغلة بمشاكلها الداخلية، لن يؤدي الى تعزيز صفوفها، بل سيُفضي بها الى حالة من الوهن وتضخيم الوجود الأمريكي في أسيا الوسطى والعالم.
لذلك، ستواصل الولايات المتحدة عمليتها الهجومية على مجموعة “بريكس” التحالفية، بتوجيه ضربات لها، تشمل الأعضاء فيها مثل الباكستان أيضاً، إذ أن الانتقادات الأمريكية الأخيرة والمؤلمة للباكستان، من شأنها تعزيز صدقية التحليل القائل أن “الشُّغل” الأمريكي القادم، هو محاولات لن تتوقف عند حدٍ لتفجير قلب “بريكس” في قلب آسيا بالذات، لكننا نثق بأن جميع دول “بريكس” تعي ذلك، وهي تنشط في مَنحى وقفه هذا “الشغل” الامريكي وتفريغ آلياته واندفاعاته.

*عضو في المجلس القيادي التنفيذي للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين ورئيسة تحرير الملحق الروسي.
*المقال خاص بنشرة الصين بعيون عربية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.