موقع متخصص بالشؤون الصينية

المؤتمر الـ19 للحزب: لا مكان للفساد في الصين

0


موقع الصين بعيون عربية:
إعداد: صالح عيدروس علي*

 

أصبح الفساد ظاهرة دولية واجتماعية معقدة وخطيرة أكثر من كونها سياسية، وتحول هذا الداء خلال السنوات الماضية من هاجس وطني أو اقليمي الى قضية عالمية توثّر في كل مرافق الدولة ومؤسساتها في مختلف البلدان، عابرآ بذلك الحدود الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وعليه فإن محاربة الفساد تستلزم صياغة عملية وبتوظيف الوسائل كافة في مواجهة صورها ومنها، الرشوة، الابتزاز، أو استغلال النفوذ والمحاباة وهلمجرا.

في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر ال19 للحزب الشيوعي الصيني اعتبر الزعيم التاريخي شي جين بينغ، أن الفساد “هو أكبر تهديد يواجههُ الحزب”. واضاف شي “ان الحزب سيعمل على تبنّي تشريعات وطنية لمكافحة الفساد، وانشاء منصة للابلاغ عن الفساد والتي تشمل لجان فحص الانضباط ووكالات الرقابة”، وقد كان لكلماته الصريحة هذه ضد الفساد وقعاً كبيراً في العالم، وتناولتها مختلف وكالات الانباء والصحافة والمختصين بشؤون الصين، وغيرهم كثيرون.

 الخطوات التي اجترحها المؤتمر ال19 للحزب الشيوعي الصيني في مكافحة الفساد وصمم على تفعيلها، وعلى رأسه الأمين “شي”، ومن بعده المؤسسات الدولتية الصينية ، تعجز دول اخرى متطورة ونامية عن اتخاذها، ذلك انه ليس لديها روافع فكرية أيديولوجية أو قانونية تضمن مكافتحه واجتثاث جذوره، لكن في الصين يوجد عقل موجّه يتمكن من معالجة الخلل، بجماعية واضحة للجميع وشفافية، والوصول الى قرارات عملية تنفذ فوراً في الحزب والمجتمع، ومعاقبة الفاسدين والمفسدين، وتطوير عملية المكافحة دون وجود مراكز قوى متنفذة تقف في وجهها، طالما ان القرار جماعي، والتنفيذ جماعي، والمجتمع موحّد يقف خلف الأمين العام “شي جين بينغ” ويؤازر الدولة الوطنية التي تعمل لمنفعة سواد شعبها وانتشال الفقراء من فقرهم والمتعبين من تعبهم، وتلبي حاجات مَن يطالبون بحقوقهم الطبيعية وحقوق العمل والعلاج والعدالة عموماً في مجتمع الصين الاشتراكي الذي يرفع عالياً الالوان الصينية.  

 

ان العديد من المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية تتبنّى مسألة مكافحة الفساد مثل ’’منظمة الامم المتحدة، ومنظمة الشفافية الدولية، والمنتدى الاقتصادي العالمي، والانتربول،ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وغرفة التجارة الدولية، ومنظمة الدول الامريكية، ومنظمة شنغهاي، ومجموعة بريكس.

 

لذا، المطلوب اليوم تعزيز الجهود لمكافحة الفساد حيث ان الفساد يلتهم ثروات الشعوب، ويعيق الاستثمار الداخلي والخارجي، ويخفف ويقلل من نوعية الخدمات الاساسية ويعطل حكم القانون ويهدد استقرار وامن المجتمعات.

 

الصين هذا البلد المترامي الاطراف والضخم بكل المقاييس والذي يحتل المركز الثالث عالميآ من حيث المساحة، والمركز الاول سكانيآ في العالم، اصيب بداء الفساد كغيرة من البلدان، فالفساد “تقليد” قديم يعود الى عصورالاباطرة، وهو يشبه “دولة داخل دولة”، ويُمثل خطرآ عامآ يهدد بتقويض مصداقية الحزب الحاكم، وبالتالي الحكومة، لذا أسـس الحزب الشيوعي الصيني وطور نظامة الخاص بالوقاية من الفساد ومعاقبة المفسدين. وهنا فإن الصين اتخذت خطوات صحيحة لحل مختلف المشاكل وفي مقدمتها الفساد المستشري، ففي عام2007 أقامت الصين المكتب الوطني لمنع الفساد، كما اعلن الرئيس الصيني حينها امام المجلس الوطني لنواب الشعب خطة اولية للقضاء على الفساد خاصة في الجهاز الاداري للدولة. لذا اصبحت قضايا الفساد التي يرتكبها المسؤولون في الحكومة تنشر في وسائل الاعلام المختلفة، وتناقش علنيآ في إطار السعي الى فضح المسئولين عن تلك الجرائم ولتمثل رادعآ نفسيآ واجتماعيآ امام الراغبين في دخول تلك الدائرة المظلمة.

 

من مظاهر الفساد في الصين، الفساد الكروي: ففي عام2010 تم إعتقال العشرات من مسؤولي النوادي الرياضية لكرة القدم والحكام واللاعبين، بتهم التلاعب في نتائج المباريات والمراهنة والرشوة. وفي ابريل2012 تبنت السلطات الرياضية الصينية قوانين تحكم غسيل الاموال ومصادرة الاموال في حالات الفساد.

 

وفي مكان أخر، شهد مايو 2011 صدور لائحة صينية  لمكافحة الفساد على مستوى مسؤولي القرى، للحيلولة دون تلقي المسؤولين رشى وممارساتهم بسوء استخدام السلطة، والهدف من ذلك تدعيم الروابط بين قادة القرى والقرويين، من اجل تعزيز الديمقراطية وحماية مصالح المزارعين والاستقرار الريفي.

 

كذلك سنت الحكومة الصينية قانون لتنظيم بطاقات الهدايا لوقف الثغرات التي يمكن ان تساعد المسؤولين الفاسدين في النجاة من المساءلة عند تلقيهم رشى، ويهدف هذا القانون الى منع غسيل الاموال والسحب غير الشرعي للاموال والتهرب من الضرائب.

 

حزبيآ فان اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني كأعلى جهة جماعية قيادية هي الجهة المكلفة بفرض الانضباط ورصد قضايا الفساد في صفوف اعضاء الحزب، لذا فقد تم محاسبة ومحاكمة اعضاء عاديين ومسؤولين ووزراء واعضاء في مجتمع الاعمال وموسسات اعلامية خلال المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني الذي عقد في نوفمبر2012 ، وانتخاب شي جين بينغ امينآ عامآ للحزب، تم شن حملة واسعة لمكافحة الفساد الذي يشمل كل جرائم الكسب غير المشروع “كالرشوة، والاختلاس، التواطو الخفي، المحسوبية، المحاباة، التزويرالاحصائي”، كذلك قام الحزب والحكومة بتضمين الخطة الخمسية الثالثة عشرة2013-2017 منظومة متكاملة لمحاربة الفساد بصرامة اكبر ومعاقبة الضالعين.

 

   وتحظى هذة الحملة بزخم ودعم شعبي قوي من قبل الجماهير الصينية، حيث تم التحقيق مع 240 مسؤولآ كبيرآ  بالإدارة المركزية، ومعاقبة 223 منهم. وخلال أكثر من أربعة أعوام، تم رفع أكثر من 1.16 مليون قضية فساد وعقاب ما يقرب من 1.2 مليون شخص بسبب انتهاكهم قواعد الحزب الشيوعى الصينى والحكومة.

  وبينما تمضي الصين بثبات في حملتها لمكافحة المسؤولين الفاسدين بدءاً من النمور” رفيعي المستوى حتى “الذباب” على المستويات الأدنى في البلاد، فإنها أيضا مهتمة بتعزيز التعاون الدولي في هذه القضية سواء على مستوى التعاون الثنائي أو متعدد الأطراف .

 وأطلقت بكين عمليات على مِثال “شبكة السماء” و”صيد الثعالب” في الخارج لتعقب المسؤولين الهاربين. وحتى نهاية مايو 2017، تمكنت الصين من اعتقال 3051 هارباً، وأعادت أكثر من 100 هارباً من 90 دولة ومنطقة في العالم. وحتى نهاية يوليو 2017، اعتقلت الصين 43 شخصا مدرجين على النشرة الحمراء للإنتربول الدولي.

أما اكبر شخصية صينية يتم الاطاحة بها في اطار مكافحة الفساد فهو ’’تشو يونغ كانغ وزير الأمن السابق، وهو عضو في المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، فقد جمع خلال عملة ما مقدارة 5’14 مليار دولار، ووزعها على افراد أُسرتة واقاربة، وقد صادرت المحكمة المبلغ وحكمت عليه بالسجن المؤبّد.

كما تم التحقيق مع 43 من الاعضاء والاعضاء الاحتياطيين  للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، بالاضافة الى9 من اغضاءاللجنة المركزية لفحص الانضباط.

ومؤخرا، استضافت لجنة فحص الانضباط الحزبي في الصين ندوة بالتعاون مع البنك الدولي لبحث التعاون الدولي فى مكافحة الفساد، يوم 19 سبتمبر، فى بكين، لمدة يومين، تضمنت دور الحكومة فى خلق بيئة أعمال نظيفة، والعمليات التجارية القانونية للشركات، والتعاون فى مكافحة الكسب غير المشروع بين المشاركين فى مبادرة الحزام والطريق.

*كاتب يمني متخصص بالقضايا الصينية، وممثل رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين في اليمن، ورئيس منتدى قراء مجلة “الصين اليوم” في اليمن، ورئيس منتدى مستمعي القسم العربي لإذاعة الصين الدوليةCRI  ومنتدى أصدقاء مجلتها “مرافىء الصداقة” باليمن، ورئيس نادي مشاهدي القسم العربي للفضائية الصينيةCCTV في اليمن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.