موقع متخصص بالشؤون الصينية

تكلّم تكلّم أيها الإعلام الصيني حتى أراك..!

0


موقع الصين بعيون عربية ـ
سليم السراي*:

وسائل الإعلام الانسانية هي رسالة الشعوب إلى بعضها البعض، فكلّها تتحرك لتكسب العقول والقلوب والأفعال. وبرغم البُعد الجغرافي للوسائل عن المتلقين لرسالاتها، إلا أنها تنجح في نزع ماجهلوا عن نفوسهم، من خلال زرع النفوس بالعلوم والتثاقف والتحضّر والعادات والتقاليد الحميدة. كما إن الإعلام الانساني هو وبلا أدنى شك، رسالة إعلامية سامية لبشر مسالمين وموضوعيين ينشدون السّمو العقلي والروحي والاستقامة الاجتماعية والسياسية والخُلقية التي هي من طبائع الأسوياء والمسالمين الانسانيين، الذين يَقيسون أنفسهم بمقياس الطبيعة البشرية الدائرة في فلك المُثل العليا، التي ينبغي أن يكون لها مكانتها الأعلى والأسمى في كل مكان وزمان.

والإعلام كذلك هو الرسالة الأهم والأخطر التي تدفع بالكثيرين الكثيرين من المتلقين له لاجتراح المعجزات، وليتفكّروا بأمور هذا العالم ومواقعهم ومكاناتهم في خضمّه ورسالاتهم الانسانية السامية المَبثوثة من خلاله، وليتخذوا قراراتهم الأصوب كلما حلَّ وقت حُلولِها وإشراقتها الدافئة عليهم، بما يَحمله هذا الإعلام إليهم من مفاجئات مختلفة.

والإعلام الانساني كذلك يَقصد كل تائه، ولا يُفرّق بإنسانيته ما بين مشرق ومغرب، وما بين شمال وجنوب وثقافات سلامية مختلفة، وهو حين يُعلن عن دعوة ما، يَحمل العقلاء سريعاً للتفكّر بها ولإتخاذهم المواقف المعتدلة والأنفع لأنفسهم، ضمن تناغمهم الطبيعي مع الجماعة البشرية التي تحيا وإياهم في مجتمعهم الكبير. والإعلام الانساني يَستمسك بسمو الأخلاق، وهو ما يَعني دفاع الأشراف عن منهج أخلاقي قويم ورفيع، يَلعب الإعلام دوراً رئيسياً في تنظيمه وتفعيله في سطور وأثير وأفعال، فيساعد الآخرين للتبصّر بتجاربهم ومعانيها الآنية والمستقبلية، لا سيّما حين يَختلون مع أفكارهم وتجاربهم ولو لبرهةٍ، ليقارنوا بين ما سمعوا وطالعوا. ولكن هناك جانب آخر  تؤثر من خلاله الرسالة الإعلامية النفعية وغير الانسانية على الجماعة البشرية، الى درجة يَكاد فيها المتلقي تفضيل الانعزال عن الآخرين والاعتياش على الظلام والتدثّر به، فيتوقف هذا المتلقي، وهو جماعة بلا شك وليس فرداً واحداً، عن مخالط الناس ويَنأى بنفسه عنهم، زهادة بمحيطه وغياباً عن صحبة وحياتهم التي اختاروها لأنفسهم، فينسلخ عن بيئته ويتحول الى كائن سلبي، يَسلب المجتمع الانساني حُلمه وقوائمه الوثابة، وينتهي به الأمر الى إقامة مجتمع ظلامي يتخذ من دولة الظلام بعنفها وكيانها الماضوي، مِقياساً ونظاماً وخاتمة مُوحشة.

في خضم هذه المعاناة في المواجهة التاريخية ما بين  الشخصي والعام من خلال الإعلام، يَبرز بكل أبّهته إعلام جمهورية الصين الشعبية الصديقة والحليفة، وهو الموجَّه نحو عالمنا العربي، ويُعلن عن كل طموحاته وأحلامه الكِبار عن نفسه والعالم وطموحاته سوياً مع العالم العربي، بقارتيه الآسيوية والافريقية. ويتضح في هذا الإعلام ومن خلال أثيره، إيمانه بكل الأحلام الانسانية التي تحوّلت لديه تدريجياً الى مُثلٍ عليا وسائدة، فبدأ الشعب الصيني الصديق بتطبيقها، ومعها آخذٌت الصين وإعلامها وبضمنها القسم العربي للاذاعة الصينيةCRI، بالانتشار الأوسع في فضائنا العربي الرّحب.

وفي خطاب هذا الإعلام والقسم العربي لإذاعة الصين الدوليةCRI ورسالتيهما، بدأنا نلمس تزايداً في وسائل العلاج لآلام الجماهير العالمية والعربية وأسقامها المعنوية والسياسية  التي إلحقتها بهذه الجماهير التأثيرات والإملائية الامبريالية، ومعالجةً لرؤآها وتعبيداً لطريقها نيابة عنها، لكونها جماهير عربية منشغلة بالاحتراب، وتبصيراً لها لضرورة أن تبدأ بتجديد عَملانية تجذير الوعي المجتمعي على أوسع نطاق، وبالتعاون مع قيادة أصدقائنا الصينيين وكوادرهم، حتى يتمكن الرّجاء والأمل من الدخول الى كوى تتيح نفاذ أشراقات شمس التقدم وتجذير الوعي فنشره الاوسع، ووتأكيد مشاعر الانتماء الى تراب أوطانهم..

إن هذا الإعلام الصيني العملاق إذ يُصر على تقديم العلاج للواقع العربي المُعاش – الذي يَحترق وتذوب داخل يومياته كل الآمال وفرص الطموح نحو تحقيق حياة سعيدة وعيش رغيد وآمن في بلدان يتدفق النفط فيها تحت أقدام عرب لا ينالون منه كفاف أيامهم – أقول أن هذا الإعلام يقدّم العلاج مجاناً، ويدفعنا لمقاومة الظلام أياً كانت جهته أو جهاته وأزلامه، وكأن الإعلام الصيني يُدرك ماهية ومواقع تلك القوى الخفية الكامنة في أوساطنا.. وكأن هناك – ربما – قوة خفية مجهولة تدفع بنا للمقاومة وللإبقاء على إستمرارية تمسّك الانسانيين والواعين بين ظهرانينا بالحياة وضرورة إنبات ما يمكن إنباته في أرضنا، بتثوير متواصل لقوى تلك القوة الجبارة الكامنة في دواخلنا وإحياءً وتسييداً لغريزة الإبقاء في حيواتنا.

إن خبراتي مع الإعلام الصيني على مِثال القسم العربي لإذاعة الصين الدوليةCRI – الذي يحتفل هذه الايام بذكرى تأسيسه الستين -، تعود لسنوات طويلة خلت، وإذ أُكبر فيه جَلده الانساني في علاقاته العربية التي تنقسم الى مَشارب متضاربة جداً، أرى بأنه سيكون له تحقيق ما يصبو إليه من مبادىء وصروح. إن هذا الإعلام ومعه القسم العربي للاذاعة الصينية مِثالي بطبيعته وصياغاته، وهو لا يتوقف يَحلم بالجَمال وجماليات الحياة والكياسة وإقناع الآخرين بها، فهو يَحمل إلينا في مِثالياته كل ما هو مُحبّب، ويُخاطب عقولنا وأحاسيسنا في آن واحد ليوحّد مَن يريد التوحيد طوعاً، وليؤكد بلا توقف أهمية إدراكنا لجمال الأُمنيات والحياة والغد السعيد على مِثال المواطن الصيني نفسه، الذي بات يَحمل ألهم العالمي على كفّيه وكتفيه، بعدما بات يتمتع برخاء اقتصادي ومعيشي وضمان لإبداعاته. القسم العربي بخاصة والإعلام الصيني بعامة يَحمل – كجمل محامل – نغمات يومية كلاسيكياته مُحبّبة إلينا والى جانبها أسئلة واستفسارات مصيرية تضعنا على المحك: أنستسلم، أم نخوض مَخاضة النضال لانقاذ حَيواتِنا ومجتمعاتنا وعائلاتنا وأنفسنا ونضع يدنا بيد أشراف الانسانية..!

جواهر الإعلام الصيني وبضمنه القسم العربي لإذاعةCRI، الذي تصنع القيادة الحزبية الصينية، بات يَجمع لنا الكُلم الصَّادق الذي لا يُكذّب أهله وأهل غير أهله،  وها هو يتكلم ليَمنحنا حِكمته ويبادلها معنا، وموعظة بموعظة نافعة، ويُصّفي إلينا القول الجميل بمصفاة الضمير بعدما يُخليه من الشوائب والعلائق. وبالتالي ها هو يتميز بقوّة الكلمة التي تمنحه قوّة على قوة، ليخترق الظلمات ويُبدّدها، وليقود جماهيره نحو مستقبل واعد ومتحرّر ومستقل ومساوٍ الانسان بالانسان، لكن جزءنا الآخر لم يستطع الى الآن أن ينتصر على براثن قوى الإحباط الامبريالية، ولا مَحو آثار المُستعمِر فكراً وعقيدةً وممارسةً، ففضّل هذا الجزء الكبير من أمتنا غفواناً عميقاً، ورفضاً للمَلاذ الآمن الذي يُوفّره “هذا الصيني” لنا، فآوينا الوحش، وإن كان معه بريق آمل يَطرق سُبُلنا الى حرية ناجزة، تصطف “أحلام النُّعاس العربية” لإحباطها، إلا أننا نثق بأن “الصيني” ووسائله الإعلامية وإذاعته العربيةCRI لن يتركنا لوحدنا نُصارع ونُناطح بعضنا بعضاً، تاركين عوالم الانطلاق والازدهار خلفنا، “فتكلم إيها القسم العربي تكلم حتى أراك”، وليكن أثيرك طاغياً ومُجلجلاً في عيدك وفي أعياد بلادك الصديقة.

*أحد مؤسـسي الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) الصين – العراق، وناشط إتحادي ودولي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.