موقع متخصص بالشؤون الصينية

قوات صينية تقاتل في سورية!

0

موقع الصين بعيون عربية ـ
الأكاديمي مروان سوداح*:
لا أستبعد إطلاقاً وجود قوات خاصة صينية تقاتل على محورين، الأول هو تخليص الصين من الإرهابيين الدوليين الذين يُمكنهم العودة إليها مُجيّشين “بخبرات” جز رؤوس الصينيين المسالمين واستهداف مؤسسات الدولة الصينية، والثاني هو تخليص التراب السوري والدولة السورية منهم، والمحوران يُكملان بعضهما بعضاً، وينسجمان في الاستراتيجيا والعلاقات السورية الصينية والعربية الصينية الضاربة جذورها في عدة ألوف من السنين الخوالي.
ولماذا لا تقاتل الصين في سورية كما تقاتل روسيا فيها؟ سؤال وجيه لا سيّما وأن المخاطر المتأتية من الإرهاب الدولي الذي يستهدف الصين برمتها، باتت كبيرة ومتلاحقة وملاحظة لرجل الشارع في الصين وفي البلدان العربية التي يَضربها سيف الارهاب بلا رحمة.
إلى الآن كانت موسكو بسلاحها الإستراتيجي الأر ضي والفضائي، القوة الدولية الوحيدة التي تقاتل الارهاب في سورية بمنهجية واضحة، وتطلع الرأي العام العربي والروسي والدولي على قتالها بصورة تكاد تكون يومية، من خلال نشرات صوتية وأخرى منشورة، وفيديوهات تـُبث من خلال مختلف وسائل الإعلام العالمية والقارية. القوة الروسية تقاتل الى جانب الجيش السوري البطل وبتناغم كامل معه، والى جانبها وحدات خاصة من حزب الله اللبناني وأحيانا تشاركها قوات عربية وبخاصة قوات المخابرات المصرية وفقاً لتصريحات عسكرية روسية وعددٍ من وسائل الاعلام الروسية، وكانت استهدافات السلاح الروسي ولا تزال أوكار وتقنيات الارهابيين القادمين من الصين أيضاً، والذين جهزّتهم دول غربية بالدبابات والمدافع والطائرات المُسيّرة وبغيرها الكثير، وقامت موسكو بهذا التصدي في إطار التحالف الاستراتيجي القائم مع الصين وسورية، وما الأخبار المُتسربة عن مشاركة الصينيين في هذه الحرب إلا قرار صائب، إتخذ بشجاعة، وإن كان الإعلان عنه متأخراً، بعدما أفل نجم داعش في سورية والعراق واضمحل، وبعدما بقيت بعض الشراذم الإرهابية في هاتين الدولتين العربيتين، وهي مجموعات تمت محاصرتها وقطع طرق اتصالاتها وتموينها، لذا لن تستطيع الصمود طويلاً أمام ضربات جيوش وكتائب عسكرية نظامية وخاصة ومُجهّزة بأحدث التقنيات الحربية تطوراً.
وفي الإطار الصيني، وبعد سنوات عديدة من اندلاع الحرب الارهابية الدولية على سورية، بدأت صحف روسية بالحديث المُباشر عن أن الصين “أرسلت” قواتها للقتال في سورية.
وفي هذا الصدد، قالت صحيفة “الاستعراض العسكري” الروسية الشهيرة، وبالإضافة الى صحف روسية آخرى ومنها “مير تيسين”، الاثنين الماضي، أنه و “طبقاً للبيانات الأولية، فإن بيجين “يُمكنها” أن ترسل الى سورية “مَفارز القوات الخاصة الصينية من منطقة شينجيانغ العسكرية، أما من منطقة لانتشو العسكرية، “فيمكنها” أن ترسل قوات تحمل إسم “النمور السيبيرية”، ونوّهت هذه الصحف إلى أن مقاتلي هذه القوات يُعتبرون “الأفضل في الصين في عَملانية الإحتراف القتالي”.
وتنوّه هذه الصحيفة العسكرية الروسية، الى “أن دمشق الرسمية وافقت لبكين إستقدام خمسة آلاف جندي إلى أراضيها، في عام 2015. وفي العام نفسه، إعتمدت الصين أول قانون لمكافحة الإرهاب، وبالتالي، وبعد ذلك، أذنت الجمعية الوطنية المحلية بإرسال وحدات النخبة من الجيش الصيني إلى سورية”.

وتقول الصحيفة كذلك، أنه ووفقاً للصحفيين الصينيين أنفسهم، فقد عَقد أحد الممثلين الرسميين السوريين، محادثات عديدة في وزارة الدفاع في “الإمبراطورية السماوية” (الصين).. وتنقل هذه الصحيفة، أن هذا المُمَثِّل الرسمي السوري هو بثينة شعبان، مستشارة الرئيس بشار الاسد للشؤون السياسية والإعلامية، وقد كان الموضوع الرئيسي الذي ناقشته شعبان “مع ممثلي القوات الصينية” بحسب الصحيفة، مسألة مشاركة القوات الخاصة الصينية في عملية القضاء على إرهابيي ما يُسمّى بِـ”الحركة الاسلامية لتركستان الشرقية”، الذين تم تحديد مواقعهم مِن قِبل “الأجهزة الخاصة السورية”، وهؤلاء يتمركزون في واحدة من مناطق الغوطة الشرقية، بضواحي العاصمة السورية دمشق”.
كذلك تتحدث الصحافة الروسية عن أن وزير الخارجية الصيني وانغ يى كان “أعرب لشعبان عن تقديره العميق لجهود القيادة السياسية السورية في تحقيق تسوية سياسية، كما أبرز امتنانه لدمشق لتقديمها المساعدة في التصدي لمنظمة ويغورية الإدّعاء وإرهابية المَنحى تُسمّي نفسها “الحركة الاسلامية لتركستان الشرقية”.
وضمن هذا السياق، ذكرت وكالة سبوتينك الروسية باللغة العربية، الى أن هذا التنظيم الارهابي “اقترف أكثر من 200 عمل إرهابي في الصين خلال الأعوام القليلة الماضية”، وبأن القيادة السياسية السورية “لا تمانع أن ترسل الصين قواتها إلى سورية، حيث كانت السلطات السورية سمحت في عام 2015 بدخول قوات صينية إلى أراضيها” .
في الواقع، يعمل “الحزب الإسلامي التركستاني”، أو ما يُسمّى بحركة تركستان الشرقية، على تهديد الصين لا سيّما وان قيادات هذا التنظيم تعيش وتعمل سياسياً وإعلامياً في القارة الامريكية ودول غربية وآسيوية معينة، ويتمتع التنظيم في تلك الدول بحرية الحركة والتنظيم، ولهذا فقد أرسل قواته إلى سورية للقتال بهدف “اكتساب خبرات عملانية” يُخطّط لنقلها الى الصين، بأيدي نحو 3-5 آلاف مقاتل من مقاتليه، الذين ينتشرون و/أو يُقيمون في ريف إدلب الغربي، وريف اللاذقية الشمالي ومناطق سورية وعراقية أُخرى، ويَجمع الحزب إرهابيين من تنظيمات متعددة، منها داعش ومجاميع الاحزاب والمنظمات الطاجيكية والتركمانية والأوزبيكية والكازاخستانية والقوقازية عموماً وغيرها.
وكان الحزب قد أقام استعراضاً عسكرياً لقواته في وقت سابق، على أوتوستراد حلب – اللاذقية الجديد، على الأراضي السورية التي قام باحتلالها، ونشر العرض في تسجيل مصوّر، واشتمل على العشرات من الآليات العسكرية نوع “بيك آب”، ودبابات نوع “T62″، بالإضافة الى رشاشات ثقيلة من نوع 23، وقياس 14.5. وبحسب الأنباء الراشحة، فأن هذا التنظيم الارهابي “الإيغوري” يَعتبر نفسه منتمياً لِ”الأقلية التركية” في غرب الصين، ويتمتع بتأييد عددٍ من الكتّاب والصحفيين والاعلاميين والنشطاء الدوليين وعناصر أخرى وتنظيمات متطرفة في بلدان عربية، ويُعتبر قريباً من جبهة النصرة (جند الاقصى سابقاً)، وكان للحزب دور إرهابي كبير في معركتي جسر الشغور ومطار أبو الظهور العسكري.
لكن هذا التنظيم “الايغوري” الذي لا يمثل الشعب الإيغوري طبعاً، يستمر في العمل على تثبيت وضعه العسكري في سورية، برغم هزيمة داعش المؤكدة فيها، رغبة منه باستخدام هذه الدولة العربية كجسر لتعزيز عملياته المقبلة في الصين وغربها، واعتبار سورية والعراق منطلقاً دولياً لدعوته، ليس باتجاه الصين فحسب، بل ونحو بلدان أخرى في آسيا!
وجود القوات الصينية في سورية فعل لازم وضروري لتعزيز وتعميق وتجذير العلاقات الأخوية العربية الصينية والتحالفات الاستراتيجية بين عالمينا العربي والصيني، وهذا الدخول العسكري الصيني القوي إلى سورية مهم أيضاً لجهة إجهاض مُخطّطات الولايات المتحدة لمبادرة الحزام والطريق، التي يطرحها فخامة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ، إذ تحاول واشنطن سد الطرق أمام هذه المبادرة في آسيا وأفريقيا بالذات، ودفع دول هاتين القارتين لرفضها، بهدف الإبقاء على دولها مزرعة موز أمريكية على مثال كوبا فولغنسيو باتيستا سابقاً، وسوقاً لتزويد الغرب برمته بالخامات والأسواق، تستغلها وتعيد تصديرها للعالم الثالث والمتقدم على حد سواء، لتجني منها أرباحاً طائلة، تمكّنها من تحقيق استمرار الحضارة الغربية وإلغاء أي تهديد لها ينبع أساساً من التغيرات الاقتصادية الجذرية، التي بدأت تهب على عالمنا المتعدّد الاقطاب، حيث الصين وروسيا تؤكدان مواقعهما فيه.
وإذ نكرّر تأكيد أهمية الوجود العسكري الصيني في سورية ونشاطه، نشدّد على نشر أخباره في وسائل الإعلام، لأنه سيوفر للصين زخماً إعلامياً وسياسياً مُتجدداً، ويفتح أمامها أبعاداً دولية جديدة في مواجهة الارهاب، وتعرية للمخططات الغربية المضادة للصين وكشف دعم تلك الدول لمنظمات وقادة الإرهابيين الذين يتمتعون بحرية الحركة فيها ومن هؤلاء على سبيل المِثال لا الحصر، الدالاي لاما وربيعة قدير..

*رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين، ورَئِيسُ رَابِطةُ القَلَمِيِّين مُحِبِّي بُوتِين وَرُوُسيّة للأُردنِ وَالعَالَم العَربِيِّ.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.