موقع متخصص بالشؤون الصينية

مسلمون وعرب.. عالمان وحواران مع عالم الصين

0

 

موقع الصين بعيون عربية ـ
الشيخ محمد حسن التويمي*:

تُعتبر مشاركة الأحزاب والمنظمات والهيئات السياسية من الدول العربية والإسلامية – التي هي عضو في منظمة التعاون الإسلامي – في أعمال ولقاءات ومداولات مؤتمر الأحزاب العالمية في الصين، نمطاً جديداً من المشاركات العالمية لهذه التنظيمات في دولة إشتراكية يحكمها حزب شيوعي.

 لم يَرفض أي حزب عربي أو إسلامي وجُّهت إليه الدعوة الصينية الحضور الى الصين والمشاركة في هذا اللقاء الدولي، وقد سبق للصين ان وجهت الدعوات الى أحزاب إسلامية زارت الصين وعقدت نقاشات ثنائية مع القيادة الحزبية الصينية، لكنها المرة الاولى التي تجتمع فيها كل هذه الأحزاب سوياً، من دول عربية وبلدان اسلامية مع أحزاب آخرى من عشرات الدول، ضمن صرح عالمي تم تنظيمه في الصين الاشتراكية، لتتداول وتتفق على قواعد جديدة للعمل السياسي، قد تفضي في يوم ما قادم، الى تأسيس، أو لنقل برلمان حزبي دولي، برعاية الصين واستضافتها لكونها قادرة على ذلك.

وفي الحوار الحالي بين ثلاثة عوالم هم المسلم والعربي والصيني، والذي أنهى أعماله، أعلن الحزب الشيوعي الصيني عن رغبته بأن يتقاسم مع الاحزاب المدعوة للحوار أفكاره ومفاهيمه حول الحوكمة  والإدارة، التي يمكن أن تكون محط دراسة واستفادة من دول العالم عموماً، وبخاصة النامية منها، وتطمح الصين من خلال ذلك الى تأسيس نافذة تتسع لكل بنوك الأفكار وحاملي الأفكار في المعمورة، لتطل على الصين في العصر الجديد.

والذي يلفت الانتباه، أن الاحزاب العقائدية تتراجع في العالم وتندثر بالتدريج، بخاصة بعد انهيار المعسكر الاشتراكي، لكن جذورها تتعمق في الصين. وبذلك يُعيد الحزب الشيوعي الصيني الألق والحيوية لهذا النمط من الأحزاب في العالم.. فهذه العقائدية تتجذر لكن بديمقراطية ذات مفهوم وتطبيقات شرقية دون الغربية، وهذه تمنح للآخرين من الاحزاب والجهات السياسية حرية في الحركة والفكر والإبداع ضمن فلسفتها وقراءاتها، والصين إذ تتفاعل مع الاحزاب العربية والاسلامية، وجميع هذه الاحزاب مسكونة بالحِراكات والأعمال على أساس ديني وإذ أن عددها يتكاثر في عالمينا العربي والاسلامي.. وهذا يؤكد رغبة الصين بتعميق تواصلها مع العرب والمسلمين، لا سيّما لوجود مجموعة سكانية اسلامية صينية مليونية فيها. ولذلك، وفي هذه المجالات والمجالات الاخرى الموازية لها، شهدنا قبل شهور كيف أن الصين هرعت لتقديم مساعدات إنسانية مختلفة للاجئي الروهينجا المسلمين المُشرّدين جرّاء القمع الشديد لهم، وعرضت إيواء الأُلوف منهم، وتم ذلك بالفعل، وفي هذا الفعل الانساني قدّمت الصين مِثالاً عالمياً حسناً، لفت انتباه العالمين العربي والاسلامي وغيرهما إليها، ولتكرّره الدول الاخرى التي لم تتحرك تجاه هؤلاء اللاجئين، سوى بعد شهور من تواصل الصين معهم ودعمها لهم.

من الطبيعي ان يرتبط لسان العرب بدينهم وبتاريخهم الديني وبثقافتهم كذلك، ومن الطبيعي أيضاً والحالة هذه، ان يكون الحوار ما بين هذه الاحزاب والحزب الشيوعي الصيني حرّاً وصريحاً وديمقراطياً إلى أبعد درجة، والأرقى، وهو ما شهدناه عملياً في حوارات هذه الأحزاب مع الحزب الشيوعي الصيني، من خلال متابعاتنا لتصريحاتها الإعلامية وعلى شاشات الفضائيات الصينية الناطقة بالعربية والإنجليزية.

في بعض الدول العربية والإسلامية، تحكم أحزاب إسلامية أو قومية، أو تشارك في الحكم فيها الى جانب أحزاب أخرى، وفي هذا المشهد السياسي المتنوع، تعمل الصين على تعزيز علاقاتها مع هذه الدول، وبالتالي مع أحزابها على إختلافها، على قاعدة المساواة في الحقوق والتمايز الطبيعي في الاراء، وأهمية وضرورة الوصول الى مشتركات وفوز مشترك للتعاون في كل مجال، واحترام الواحد للآخر دون التدخل بشؤونه الداخلية، وهي مبادىء تحترمها الصين وتلتزم بها، وكذلك هذه الامور مع تلك الاحزاب التي لبت دعوة الصين للحوار والتفاهم، فوصلت مع الصين الى مشهد تعاون يبشر بتفاهمات في كل منحى ضمن التنوع الطبيعي للبشر و أرائهم وتوجهاتهم وثقافاتهم، ضمن الالتزام بوحدة الحضارة الإنسانية، مع تعدّد الثقافات والهويّات، وبعيداً عن أية فزّاعات، لكن مع مبدأ التعلّم من بعضنا البعض.

نثمن جداً هذا الحوار الحزبي الدولي في الصين الصديقة، ونتطلع الى مزيد منه في المستقبل لبناء عالم الاسرة الواحدة، ولتقريب الثقافات من بعضها البعض، وتقارب الناس من الناس على أرض الصين التي هي الانسب لمثلِ هذه الفعاليات، بعظيم قدراتها وبالتفكير المتقدّم للأمين العام لحزب شي جين بينغ وقيادة الحزب التي تلتف من حوله.

*مسؤول ديوان ملاحظة ومتابعة الإعلام والصحافة الصينية والإعلام الاجتماعي الصيني والإسلام والمسلمين في الصين في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين – الاردن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.