موقع متخصص بالشؤون الصينية

شفافية الزعيم “شي” والأحزاب العالمية

1

موقع الصين بعيون عربية ـ
مَارينَا مَروَاَن سُودَاح*

لعل مُصطلح ومُفردة الشفافية هي الأكثر انتشاراً اليوم في المجتمعات المتطورة، وقد أصبحت تقليعة في تلك الدول النامية التي تعتقد بأن السير “في ركابها” يُحقّق لها المزيد من الشهرة الدولية وثقة الغير والمكاسب الملاح!

وبغض النظر عن أهداف مختلف مَن يطرحون هذه المُفردة، التي تحتاج الى دراية عميقة في الاشتغال بها، إلا أن الشفافية لا تتحقق بدون فِعل واقعي وُملاحقة ضمن القانون وفي إطاره، والتزاماً بأصولها، ومشاركة الرأي العام في مجرياتها بدون إكراه أو ضغط. وفي جانب آخر، تستخدم بعض الانظمة التي فاتها قطار التطور والازدهار، هذه الرسالة (الشفافية) لاستقطاب المؤيدين ولكسب المتعاطفين، وللتغطية على فساد مَن يَقبضون على السلطة بأيديهم دون عقولهم، ومَن ليست لديهم نيّة حقيقية لمواجهة مشاكل الفساد، الذي يزداد في عالمنا وقد انتقل الى درجة المرض العضال.

في مُعجم اللغة العربية، تُعرّف الشفافية على أنها قابليّة الجسم لإظهار ما وراءه، ويستعار للشّخص الذي يُظهر ما يُبطن، فيقال له: رجل ذو شفّافيّة.. تَحَدَّثَ بِشَفَافِيَّةٍ: أي بِوُضُوحٍ تَامٍّ.

لكن الوضوح (الشفافية) لا يًلازم سوى أقلية من القادة العالميين، ونظرة واحدة على القادة عموماً، نتبيّن مَن هم أولئك الفاسدون، بينما في دولة كبرى على شاكلة الصين، يَعيش الحاكم الحالي كالمحكوم، في ليله ونهاره، وفي فطوره وغدائه وعشائه، بدون زخرف العيش، وبعيداً عن الفضة والذهب والجمبري، الذي شطبه  الرئيس شي جين بينغ وشطب غيره من المنتجات البحرية والبرية الغالية الثمن، مِن لائحة طعام مندوبي الحزب الشيوعي الصيني للمؤتمر التاسع عشر، الذي عُقد في اكتوبر الماضي، وساوى ما بينهم وبينه، وما بينهم وبين مواطني الصين البسطاء بعدما حاكم وقهر ملايين الفاسدين في صفوف الحزب ومؤسسات الدولة، فبلغ منسوب الشفافية في هذه الإجراءات العملية الرادعة شأواً عالياً لم يبلغه من قبل، ولم يَصل إليه أحد سوى الزعيم – الانسان ماوتسي تونغ الخالد.

وفي مجال العلاقات الدولية، يلتزم الأمين العام للحزب شي جين بينغ، مبدأ الشفافية والمصارحةـ ويَستنبط المزيد من الاجراءات الرادعة للفساد والإفساد في الصين إنطلاقاً من حِكمة الشعب الصيني وفيلسوفه الخالد كونفوشيوس، ومن تجاربه الحياتيه في الريف الصيني، حيث عمل “شي” عاملاً بسيطاً مأموراً فيه لعدة سنوات، ليكتنز في شبابه بالخبرات ويجمع الاصدقاء الأوفى من بسطاء الفلاحين والعمال والكسبة، حيث اكتسب هناك خلال حياة بسيطة بساطه الريف نفسه وناسه، حكمةً، ولمس أوجاع شعبه، وتعرّف على رغباته في تحقيق الشفافية الكاملة وما أمكن من مساواة مادية، فلفظ الراكضين وراء الأموال والمنافع وأصحاب بهرج العيش.

الفساد موجود في كل دول العالم، ويستحيل أن نجد دولة لا يُعشعش فيها، فهو مرض خبيث يصيب الافراد والمجموعات على حد سواء. لكن الأسوأ هو الاستسلام أمام تقدمه، وغض النظر عنه، وليس عيباً على أية دولة الاستسلام لوجوده فيها، بل العيب والخطيئة والجُرم التغاضي عنه والإدّعاء بفراغها منه.

سبق أن أصدرت الصين  كتاب أبيض لتعزيز الشفافية القضائية، وجاء في هذا الكتاب الابيض الذي سبق وصدر عن مكتب الاعلام التابع لمجلس الدولة الصينية، أن محكمة الشعب العليا في الصين أصدرت البنود الستة حول الانفتاح القضائي، والتي توسّعُ نطاق وعمق الانفتاح القضائي.  فضلاً عن ذلك، سنّت محكمة الشعب العليا لوائح انضباطية لأعضاء المحاكم الشعبية، وعاقبت عديدين من خلال المحاكم الشعبية على كافة المستويات، لخرقهم القانون أو النظام.

وبشأن الشفافية الصينية، لا يجب علينا أن نحصرها في إطارها الصيني الضيّق، أو في حيز إداري، فالصين تنظر لهذه المسألة على أنها قضية دولية وجزء هام من صورة الصين العامة في العالم، وبأن العمل الصيني بقيادة الزعيم “شي”، لتطبيق حوكمة عادلة وبأقل فساد ممكن، سيقود الى نشر مِثال الصين في مختلف البلدان والتعريف الأمثل بها وبأفكاراها العالمية. فعملية تقليص الفساد ورجالاته هو جزء مُكمّل من تطلّع الصين نحو التآخي مع العالم، وجزء صيني من مصير العالم، الذي يتوقّف نموّه وازدهاره على محاربتها واجتثاثها قدر الإمكان، وما الاجراءات الصارمة التي طبقها الامين العام والرئيس شي مؤخراً سوى واحدة من الروافع التي ستؤدي الى انتشار مِثال الصين في العالم على أوسع نطاق، ونيله شخصياً ونيل النظام الصيني شعبية أوسع بين جماهيره الصينية وجماهير الكرة الأرضية من مختلف الالسن والقوميات والشعوب، من خلال الأحزاب والمنظمات السياسية التي اجتمعت مؤخراً في الصين، وستجتمع في السنوات المقبلة على ترابها، لتتعرف على الحُكم الصيني الرشيد، ولتستزيد منه تشريعياً وإدارياً وفكرياً، والأهم هو في إتجاه اعتماد قادة للحزب والدولة لا تشوبهم شائبة فساد أو إفساد، ويعيشون هذا الشعب يوما بيوم، وبأن يكون كتابهم مفتوح أمام الجميع للتدقيق فيه ما وسع هذ الجميع الجهد والعمل، وما وجد إلى ذلك سبيلا.

*كاتبة وقيادية ناشطة في كادر الفرع الاردني للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين، ومنتدى أصدقاء القسم العربي لإذاعة الصين الدوليةCRI بالاردن.

تعليق 1
  1. مروان سوداح يقول

    ابنتي مارينا قرّة عيني..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.