موقع متخصص بالشؤون الصينية

نانجينغ – المذبحة الماثلة للآن

0

موقع الصين بعيون عربية ـ
الأكاديمي مروان سوداح*:

في الحرب الكونية الثانية التي بدأت في الصين بالعام 1931م، لكنها كانت بدأت في أوروبا وغيرها من البلدان منذ العام 1939م، أباد الإستعمار الإحلالي والإستيطاني والإقتلاعي الإمبرطوري الياباني، وبأقل الإحصائيات الرسمية وغير الرسمية المُتاحة، 35 مليون إنسان صيني، وكانت هذه المذبحة الأكبر والأشرس في تلك الحرب، (والثانية كانت المذبحة النازية الفاشستية بحق الشعب الروسي والشعوب السوفييتية).

لكن مذبحة نانجينغ كانت واحدة من أكبر المذابح المعروفة في التاريخ البشري، وواحدة من “العمليات” الأكثر وحشية والتي لم تعترف بها الإمبرطورية الإستعمار ية اليابانية حتى اللحظة الحالية، ولم تعرض لتعويض أقارب الشهداء الصينيين عنها، في صورة مطابقة تماماً للوحشية الصهيونية في فلسطين والعالم العربي، حيث إرتكب الاستعمار الإحلالي والإقتلاعي والإستيطاني الصهيوني، ولا يزال يرتكب حتى يومنا هذا، مجازر مشابهة يَندى لها جبين الإنسانية، وتدعونا للإنتقام لأرواح مَن ذهبوا تفتيتاً وسحقاً تحت جنازير دبابات الإحتلالين، الصهيوني والياباني، وبسيوف وُحُوشِهم وخناجرهم ورصاصهم وقذائفهم، والتي لم ولا تعرف رحمة ولا شفقة ولا إنسانية في عمليات تسييد رأس المال المالي والسلعي ومجالاته الحيوية العالمية وإحتكاراته.

في مذبحة نانجينغ لم يتم قتل الصينيين فحسب، بل وتعدّى الأمر الوحشي الى اغتصاب جماعي للنساء والفتيات الصينيات اللواتي سِيق بهن الى أسواق النخاسة اليابانية، وتم تحويل عدد كبير منهن الى “نساء مُتعة”، قسراً وبالمجان، لأفراد الجيش والقوات المسلحة اليابانية الغازية للصين. وخلال كل ذلك، نهب اليابانيون بيوتات الصينيين على فقرها وبساطتها أنذاك، ونقلوا الى اليابان التحف وشواهد الفلكلور الصيني وكل ما له صِلة مباشرة بالبيع والشراء في أسواق التحف العالمية ولدى لصوصها، تماماً كما كان أمر الإرهابيين الدوليين في سورية والعراق، الذين دمّروا المتاحف الطبيعية للحضارة البشرية والعربية التي بقيت منذ ألوف السنين قائمة وشامخة، ليتسلل إليها رواد جهنم لإبادتها أو بيعها سراً.

في اليابان يُسمّون هذه المذبحة الجهنمية بعدة تسميات منها “أحداث نانجينغ” (!؟)، في محاولة فاشلة للتقليل من وحشيتها وأهدافها الدولية وتكتيكاتها لفرض الفيضان الياباني البشري المُنظّم على الصين وآسيا (هرباً من الجزائر اليابانية المَحصورة التي لا تفي بمتطلبات إمبرطورية)، ولطمس وحشية جيشهم أمام الرأي العام العالمي، ولئلا يتم إرغام اليابان على تحمّل مسؤولياتها القانونية والمالية والدولي والإنسانية أمام العالم.. فالرفض والإنكار لا تزال سِمة اليابان للهروب من تحمّل مسؤولياتها تجاه الصين والصينيين أيضاً عن هذه المذبحة التي يَعترف بها شُرفاء اليابان هذه الأيام، ويدافعون عن شهداء الصين – جيرانهم السلميين، الذين قُتلوا ومُثّل بهم دون ذنب، ولا لسبب سوى لأنهم يحملون الجنسية الصينية، ولأنهم ينتمون لقوميات الصين المختلفة وقومية “هان” الأكبر بينها.

أما “نساء المتعة” الصينيات والكوريات، فقد فقدن عذريتهن وإنسانيتهم وحياتهن بألم عميق تستمر ذيوله في عجائزهن الى الآن، ومَن بقين منهن على قيد الحياة، فقد كُنَّ ولَدنَ أبناء مِن المحتلين اليابانيين، فقمن كأمهات بتربيتهم بروح موضوعية وواقعية، وبإنتماء للوطنية الصينية، ودون إغفالهن السبب في ولادة هؤلاء الصِّغار (أنذاك)، من عسكر مُحتلين قدِموا من اليابان الجارة لتدنيس أرض الصين، ليَعرف الاطفال ويدركون كيف ظهروا في هذه الحياة، ومِمَن ولِماذا، وليكونوا جنوداً لقضية شريفة في مواجهة الشر الدولي وجهاً لوجه، ولوقفه عند حدوده لئلا يَستشري ويتوسّع في سنوات مُقبلة على مساحات آسيا، وينتقل لا قدّر المولى الى غير الجنس اللطيف الصيني، حيث تسير “أُمور” الولايات المتحدة في آسيا، الى تكرار هذه المآسي  بمزيد من يوميات استعداء البشرية والأمريكيين على شعبي الصين وروسيا، والدعوة لتطويقهما، لا سيّما في القلب من “الهارد لاند” الأُوراسية، التي تَعني التوسع الإمبريالي في أُوراسيا الواسعة، وتدنيس أراضيها لا سمح الله ولا سَمحت قيادتا الصين وروسيا لهذه العَملانية العسكرية بالشروع والتمدّد والتسلّط الفالت مِن عِقاله، ومن المبادىء العَليّة والأخلاق السّوية.

*رئيس الاتحاد الدّولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين وزميل لأكاديمية العلوم الروحية الروسية.

*المَقال خاص بالنشرة النصف شهرية للموقع الإخباري “الصين بعيون عربية”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.