موقع متخصص بالشؤون الصينية

مبادرة الصين الثلاثية كمفتاح لحل أزمة الروهينغيا

0

 

موقع الصين بعيون عربية ـ
محمد زريق:

 

تعتبر ميانمار أو بورما سابقاً واحدة من الدول التي تواجه صراع حضارات داخلي ما بين البوذيين والمسلمين (جماعة الروهينغيا)، في منطقة راخين غربي البلاد. تتميز هذه المنطقة بالتواجد القوي للبوذيين مقابل نسبة ضئيلة للمسلمين والتي لا تتجاوز ال10% من سكان تلك المنطقة، بعض الأقليات المسلمة من أصل بورمي (الروهينغيا) والآخرون هم أحفاد المهاجرين المسلمين من الهند وبنغلادش والصين.

المعاملة السيئة والقاسية تجاه جماعة الروهينغيا دفعت بهم إلى تشكيل المجموعات المسلحة الصغيرة. في عام 2012، فرَّ حوالي 140000 شخص من الروهينغيا إلى بنغلادش وماليزيا وإندونيسيا، وصنفت الأمم المتحدة جماعة الروهينغيا بأنها “واحدة من أكثر الأقليات اضطهاداً في العالم”. في هذا الصراع هناك العديد من القضايا الخطيرة والحساسة، مثل: التطهير العرقي (الجرائم المرتكبة بحق جماعة الروهينغيا، تعتبر الحكومة بأنَّ شعب الروهينغيا هم مهاجرون بنغاليون غير قانونيين ولهذا جعلتهم عديمي الجنسية من خلال قانون المواطنة عام 1981، سياسة مكافحة الروهينغيا التي تمارسها الحكومة بما في ذلك القيود المفروضة على السفر والعمالة والتعليم والعبادة وبناء المباني الدينية والزواج والإنجاب، وما إلى ذلك)، وعمليات القتل خارج نطاق القضاء (على مدى السنوات الماضية، قتل الجنود البورميون العديد من المدنيين – رجالا ونساء وأطفالا)، والاغتصاب والعنف الجنسي (استخدام الاغتصاب والعنف الجنسي منذ فترة طويلة كأسلحة حرب في بورما وفي هذا الاطار رفضت الحكومة البورمية التوقيع على مبادرة منع العنف الجنسي في الأمم المتحدة في أيلول 2013)، وفرار مئات الآلاف للعيش في المخيمات أو اللجوء إلى تايلند وبنغلادش وماليزيا، وقد تصاعد الاتجار بالبشر واستخدمت الحكومة البورمية الجيش والشرطة للتعذيب والضرب كوسيلة للاستجواب والتخويف، وتمَّ تجنيد أكثر من 5000 طفل في الجيش، وأعمال السخرة ومنع حرية التعبير ومنع حرية تكوين الجمعيات والتجمع.

هذا الواقع المؤلم والبشع الذي تعيشه جماعة الروهينغيا في بورما بسبب انتماء ديني أو عرقي آخر، يقابله نموذج مختلف جذرياً في الجارة الصينية، فالسياسة الصينية الحكيمة والواعية قد تخطت كل الاختلافات العرقية والدينية وعملت على سياسة الدمج والولاء إلى الدولة الصينية أولاً مع احترام الاختلاف الذي يشكل غنى لها. وانطلاقاً من هذا الواقع، وبسبب الدور المحوري الذي تلعبه الصين في منطقة آسيا، وبسبب الحدود والمصالح المشتركة التي تجمع البلدين، اقترح وزير الخارجية الصيني “وانغ يي” مبادرة حل ثلاثية مدعومة من الدولة الصينية. أولاً، وقف لإطلاق النار ومنع الروهينغيا من مغادرة منطقة الراخين وعودة المهجّرين إلى مناطقهم. ثانياً، تعزيز العلاقات الدبلوماسية ما بين ميانمار وبنغلادش من أجل صياغة حل طويل الأمد لقضية الروهينغيا. ثالثاً، تقديم الدعم الدولي للتخفيف من حدة الفقر والتنمية في ولاية راخين من أجل استئصال الاضطرابات والنزاعات.

تعتبر الصين رائدة في مجال السلام والحوار والدبلوماسية والتقريب بين الشعوب، وهي من خلال هذه المبادرة المعقولة قادرة على إنهاء صراع داخلي تاريخي، وربما دفع بورما إلى السير على الطريق الصينية في التعايش والاندماج ضمن بلد واحد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.