موقع متخصص بالشؤون الصينية

الصين تدفع العالم نحو بناء المصير المشترك

0

 

موقع الصين بعيون عربية ـ
الدكتور سمير حمدان
:*

يَحتار الكثيرون في فهم السياسة الصينية الجديدة المتمثلة في هدوء القيادة الصينية وعدم انجرارها للاشتراك في نزاعات مسلحة تدور في كثير من مناطق العالم، ويرون في الممانعة الصينية نوعاً من التناقض بين دورها كقوة اقتصادية عظمى وبين دورها السياسي. ويذهب البعض للقول بانكفاء الصين على نفسها وبالتالي عدم وجود سياسية حمائية تصون مصالحها في حالة حدوث اضطراب عالمي.

إن المتتبع للسياسة الصينية، ومنذ نشأة الدولة الحديثة، يرى أن الصين استثمرت في اقتصادها أولاً من أجل تحقيق العيش الرغيد لمواطنيها، دون أن يمنعها ذلك من تقديم العون للعديد من الدول الفقيرة والنامية. وقد آمنت القيادة الصينية وعلى مر السنوات بالخيار السلمي في حل مشكلات العالم والتحديات التي تواجه شعوبه. ولم تكتفِ القيادة الصينية بهذا الإيمان، بل قامت بخطوات عملية خلال السنوات الماضية. نستذكر معاً الركائز الخمس للسياسة الصينية والهادفة للتمسك بطريق التنمية السلمية ودفع بناء المصير المشترك القائم على مبدأ الربح المشترك للشعوب كافة .

لقد شكلت مخرجات المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني في هذا المجال مدماكاً جديداً في السياسة الصينية ذات الخصائص الصينية لاشتراكيتها. ولهذا كرست جهدها لإطلاق مبادرة الحزام والطريق ووفرت لها أموالاً طائلة بهدف إعادة العالم إلى العمل على المصير المشترك والتنمية السلمية المتبادلة، بدلاً من الحروب وتعزيز تجارة السلاح.

ليس خافياً على القيادة الصينية الطبيعة العدوانية للولايات المتحدة الأمريكية، والتي لا زالت تصنف الصين على لائحة أعدائها، بالرغم من التداخل بين اقتصادي البلدين والفوائد المشتركة لكليهما. فالولايات المتحدة لا تزال تغذي المشكلات على حدود الصين من خلال دعم القوى المعادية لها مالياً وعسكرياً وسياسياً، على أمل أن تسهم تلك السياسة في استفزاز الصين ودفعها نحو سياسة سباق التسلح وإضعاف خططها الاقتصادية.

وينبغي للمتتبع التوقف طويلاً عند السياسة الأمريكية بعد صدور نتائج المؤتمر الوطني التاسع عشر، والذي وقف طويلاً عند تحليل الوضع الراهن وذلك بالتأكيد على سلمية السياسة الصينية والنظر للاقتصاد كرافعة للعلاقات الدولية تعزيزاً لسياسة العيش المشترك. فقد قامت الولايات المتحدة بسلسلة خطوات عدائية، تمثلت في فرض رسوم جمركية، بدايةً على الصلب والحديد وتالياً على أكثر من ألف وخمسماية سلعة تستورد من الصين. وهدف هذه السياسة التي تسميها أمريكا حمائية هو التقليل من انسيابية البضائع بين البلدين وبالتالي إلحاق الضرر بالاقتصاد الصيني من خلال دفع الصين لخطوات مماثلة وفي الاتجاه نفسه، مما يسهم في تعكير العلاقات بين البلدين .

لا يمكن للصين بالطبع أن تقف مكتوفة الايدي تجاه سياسات عدائية كهذه، ولكن الصين دولة مستقرة لا تتعامل بسياسة الاستفزاز وردّات الفعل، وإنما تدرك أن الحملة الأمريكية هدفها حرف سياسة الصين عن مبادرة الحزام والطريق ووقف النمو المتصاعد للعلاقات الصينية الأفريقية، وإضعاف دور الصين الاقتصادي في منطقة دول البريكس .

لقد تعودنا على قصر نظر السياسة الامريكية وتبنيها لردّات فعل غير مدروسة، وهذا يتماشى مع تاريخها القصير كدولة، ومع نفاذ رصيدها السلمي في العالم، وتمسكها بسباق التسلح والاستناد لقوتها العسكرية، وذلك بعكس الصين، صاحبة الحضارة العميقة والتاريخ السلمي المشرف.

إن لدى الصين طاقات منظورة وغير منظورة، في مقدمتها قوتها العسكرية وتطويرها بما يمكنها من الدفاع عن الاراضي الصينية والمصالح الصينية حين يلزم الأمر .

لقد سمعنا من قائد الجيش الصيني في مؤتمر الأمن والسلم الذي انعقد في روسيا مؤخراً قولاً صريحاً بالعلاقات الاستراتيجية بين الجيشين الروسي والصيني، هذه العلاقات المستندة إلى تعاون وتبادل منافع اقتصادية تجعل من البلدين قوة عالمية تسهم في ضبط ايقاع العالم وبالتالي منع أمريكا من التفرد بالمسرح الدولي .

أننا في المنطقة العربية نراقب الدور الصيني يومياً وبدقة، ونرى في الزيارات التاريخية للقائد شي جين بينغ لكل من مصر والسعودية وإيران بداية نشطة لتعاون اقتصادي مع تلك البلدان يؤدي إلى فتح أسواق جديدة للاقتصاد الصيني، ولا تجعله رهينة لأية قوة في العالم .

أننا نتطلع بثقة واقتدار لدور صيني أكثر فاعلية للصين في السياسة الدولية تحقيقاً لصين أعلى تطوراً ومزدهرة جداً عام 2050.

*الدكتور #سمير_حمدان: النائب الثاني لرئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحلفاء) #الصين ورئيس فرع فلسطين للاتحاد الدولي (الضفة الغربية وغزة)، وصديق قديم للصين و روسيا، وعضو عامل في قيادة #الاتحاد الإلكتروني الدولي للصحفيين والإعلاميين و الكتَّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) #الصين و #رابطة القلميين الإلكترونية مُحبي #بوتين وحلفاء #روسيّه للاردن والعالم العربي؛ وناشط اجتماعي وثقافي، ومتخصص بارز باللغة الانجليزية وعلومها – الاردن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.