موقع متخصص بالشؤون الصينية

“شي” في بوآو: أفكار جوهرها إنساني

0


موقع الصين بعيون عربية ـ
سناء كليش
*:

عرض (منتدى بوآو)، الذي عُقد في جنوب الصين مؤخراً، استعداد الدولة لمواصلة السير في طريق الانفتاح الأكمل على العالم، ولهذا بالذات طرحَ فخامة الرئيس (شي جين بينغ) في تصريحاته اللافتة خلال المؤتمر وعلى هامشه، والتي نقلتها وسائل الإعلام العالمية، فكرته الرئيسية المتعلقة بالتمتع العالمي الأقصى بكل ثمار التقدم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والازدهار والنتائج الإيجابية لمبادرة الحزام والطريق التي تصب في خير جميع البلدان والأمم.

ودافع الرئيس (شي جين بينغ) في المنتدى وفي لقاءاته مع مختلف الوفود الأجنبية، عن هذه الفكرة الإنسانية، رافضاً في الوقت نفسه رفضاً تاماً مقولة المؤامرة الصينية على العالم، والتي يُروّجها البعض، وأكد سيادته في الوقت نفسه أن الصين تحمي المنافسة، وتوفّر السّلع للعالم، بالتوازي مع دعمها التام للتنمية الحقيقية في دول المَعمورة، وإعلاء المعادلة العادلة “رابح – رابح”، والعمل بموجبها على صعيد عالمي ومع كل الدول بدون استثناء.

وإلى جانب ذلك، نوّه الرئيس (شي جين بينغ) رئيس جمهورية الصين الشعبية ورئيس اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني واللجنة العسكرية المركزية، إلى دعم منطقة هاينان في تعميق الإصلاح والانفتاح بشكل شامل، مُعرباً عن أمله في أن تسعى هذه المنطقة التي عُقد فيها مؤتمر بوآو، إلى أن تكون نموذجاً حيّاً للاشتراكية ذات الخصائص الصينية، في العصر الجديد، لا سيّما وأنها تحتفل بالذكرى الثلاثين لتأسيسها وتأسيس “منطقة هاينان الاقتصادية الخاصة”.

يُلاحظ المُتتبّع لتصريحات الرئيس “شي” في مؤتمر بوآو وعلى هامشه أنه ينظر للسياسة كفكرة إنسانية مهمتها خدمة البشر ورفاهيتهم، ويرى ضرورة الممارسة الإنسانية للسياسة وتوظيفها بهذا الجوهر بالذات خدمة للناس الصينيين والأجانب، فقد بادر الرئيس إلى القول أنه “يَنبغي لنا تبديد الغيوم لرؤية الشمس، كما في القول الصيني، حتى يكون لدينا إدراك قوي لقانون التاريخ واتجاه العالم”.. وبيّن “إأنا نعيش في عصر يسوده اتّجاه ساحق نحو السلام والتعاون، علاوة على الانفتاح والتواصل، فنحن نعيش في عصر يَطغى عليه توجّه ساحق نحو الإصلاح والابتكار”، مُحذّراً مِن أن مَن يرفض ذلك سيتخلّف عن العصر وسينساه التاريخ.

وقد ركّز الرئيس “شي” على آسيا فبادر إلى تقديم الكثير من “مقترحات بوآو” القيّمة منذ إطلاقه، والتي ساعدت بحسب رؤيته على تحقيق العديد من الإيجابيات الإنسانية جوهراً والسياسية شكلاً والتي منها: 1/بناء اتفاق آسيوي في الرأي؛ 2/تشجيع التعاون؛ 3/دفع العولمة الاقتصادية للأمام؛ 4/وبناء مجتمع المصير المشترك للبشرية”.

المتابعون لطروحات رئيس الدولة الأكثر سكاناً في العالم، والثانية في الانتاج السلعي، يستنتجون أنها طروحات تتعلق بالجّمال وبعديد من القيم الإنسانية الأخرى التي بات من الضروري بمكان جعلها قاعدة للسلوك الإنساني، كالسلام الشامل والهدوء والازدهار والانفتاح العالمي وغيرها، وهي تؤشر إلى أن الرئيس “شي جين بينغ” يتميّز بحس عاطفي مُرهف، ويَستشعر بأحاسيسه وعقله بدقة نبض الحياة وجمالياتها وقِيمها، وضرورة التمتع بصورتها الأخاذة التي من شأنها إضفاء هذا الجمال والسلوكيات الأرقى على الجميع.

وفي أفكار “شي” هذه تتكشف لنا فلسفة عميقة لافتة تربط بإبداع ما بين الإنساني والطبيعة والحياة، وضرورات التمسّك بالجمال وقِيم أخرى مماثلة لترسيخها في التعاملات اليومية للإنسان ورؤيته للطبيعة والفلورا والفاونا، التي يَبرز التعامل معها كأحد عوامل النجاح في المجال السياسي أيضاً، وهي بالضرورة تضفي على القرارات القيادية إنسانية لازمة تصب في صالح الناس عموماً والصينيين والأجانب على حد سواء.

كذلك، إن الموضوع الجَمالي الذي تطرّق إليه الرئيس “شي” في كلمته في بوآو، يَستند إلى فكرة قيّمة تستند إلى نقاء الانسان الذي يَستمد القيم الجمالية من خلال الشعب والطبيعة، لذلك يُوجّه الرئيس في كلماته نداءً جمالياً إلى المتذوق، القارئ والمستمع، ليُدرك بأحاسيسه وتأملاته ضرورات الجمال والسلام في عملية تقدّم وازدهار البشرية، وبضمنها شعوب أسيا التي تتغنى منذ ألفيات عديدة بالجمال الطبيعي للبشر، وجمال النفس، ورجاحة وجمال العقل في كلماتٍ وشعر وقصة وأدبيات كثيرة تزخر بها.

كذلك نُلاحظ أن توظيف القِيم الجمالية في خطاب الرفيق “شي”، إنما يُشير الى رُقي مشاعره ورهافتها ورقّتها وحِكمته، والطريقة العادلة التي يَحكم بها شعبه ويُدير بها حزبه، والأُسلوب الذي يتعامل من خلاله مع الآخرين والعالم، وهي كلها تستند بدون أدنى شك، إلى إرث وفرادة حضارية صينية عميقة وضاربة جذورها في تاريخ الأمة التي ينتمي الرئيس “شي” إليها، تصقلها في إبداع عقلي ورقي روحي ظاهر للعيان.

*سناء_كليش: كاتبة وصحفية #تونسية ناشطة ومعروفة ومن المجموعة الأولى المؤسِّسة للاتحاد الدولي للصحافيين والأعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء #الصين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.