موقع متخصص بالشؤون الصينية

رأي صيني: انسحاب امريكا من الاتفاق النووي الايراني.. تحرك طائش يتجاهل المسؤولية الدولية

0

صحيفة الشعب الصينية:
أعلنت الحكومة الامريكية الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني رسميا يوم 8 مايو الجاري متجاهلة المعارضة العامة للمجتمع الدولي. ولا بد لهذا التحرك الطائش ان يزيد الوضع الراهن في منطقة الشرق الاوسط تعقيدا، ويزيد الحفاظ على النظام الدولي المانع للانتشار النووي ضغوطا، كما يكشف عن اندفاع وتهور الحكومة الامريكية في التعامل مع الشؤون الدولية.

كما يعلم الجميع، فإن الاتفاق النووي الايراني تم الوصول اليه من خلال المفاوضات بين إيران والدول الستة الكبرى (امريكا، بريطانيا، فرنسا، روسيا، الصين، المانيا) والاتحاد الأوروبي، وقرار 2231 الذي اصدره مجلس الامن تنبى خطة عمل مشتركة حول برنامج ايران النووي، وضرورة التنفيذ الشامل وبعناية وجدية من قبل جميع الاطراف. وعليه، اوضحت الصين وروسيا منذ وقت قصير مضى التزامهما بمواصلة تمسك وتنفيذ الاتفاق الكامل، كما ضغط الحلفاء التقليديين لامريكا مثل فرنسا والمانيا وبريطانيا وغيرهم على واشنطن بشكل مكثف لتراجع على قرار الانسحاب من الاتفاق. ويبين قرار الانسحاب الذي تم توقيعه يوم 8 مايو الجاري أن السياسة الخارجية الامريكية بعيدة كل البعد عن التعددية في ظل عقلية ” الاولوية لامريكا”، واصبح ادراكها بالمسؤولية الدولية غير حكيما.

ولا بد من الاشارة الى انه من الصعب تبرير الأسباب التي جعلت امريكا تقرر الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني. أولا، تنفيذ الاتفاق النووي الايراني بات مسلما به على نطاق واسع من قبل الحكومة الامريكية المحلية بما في ذلك المخابرات والمسؤولون الدبلوماسيون. وأن الجهود التي تبذلها واشنطن لربط مسالة النفوذ الاقليمية لايران ومسالة تطوير الاسلحة النووية بقضية الاتفاق النووي الايراني ليس سوي حجة للانسحاب. ثانيا، واشنطن لم تأت باي خطة ناضجة لكيفية التعامل مع القضية النووية الايرانية وعلاقاتها مع ايران بعد الانسحاب من الاتفاق، ما جعل المفكرون الاستراتيجيون يعارضون القرار، ويعتقدون أن الاعتبارات السياسية المحلية طغت على عملية صنع القرار.

من منظور ادارة الامن الدولي، الاتفاق النووي الايراني الشامل الذي تم التوصل اليه بعد 31 من الجولات والمفاوضات الشاقة لحل الازمة النووية الايرانية وتوطيد النظام الدولي لعدم الانتشار النووي الذي يشكل حجر الزاوية في معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية تفضي الى تعزيز السلام والاستقرار في الشرق الاوسط، وله دور نموذجي لتوضيح كيفية حل القضايا الساخنة بالوسائل السياسية. وبالنظر الى ذلك، فإن السلوك غير المسؤول لامريكا لا يؤدي الى تحدي حقيقي للابقاء على نظام عدم الانتشار النووي فحسب، وانما يضر كثيرا بصورتها ومصداقيتها ايضا. ويجب على الاطراف المعنية تعزيز الاتصال والتنسيق لضمان استمرار عمل الاتفاق في المرحلة القادمة.

العمل الامريكي الطائش لا يمكن ان لا يكون له تاثير في الشرق الاوسط الذي طالما عان من وضع متشابك ومعقد. وبالرغم من أن اثر التحرك الامريكي على مستقبل الاتفاق النووي الشامل غير واضحا، ولكن تأثيره على الوضع الراهن سلبيا واضحا في الشرق الاوسط. وقد اظهر التاريخ بوضوح ان طهران لن تقف مكتوفة اليدين أمام الضغوطات الامريكية، وأن الضغط المتبادل سيجعل الوضع اكثر تعقيدا وخطورة ولن يبقى الاثر محصورا في اطار العلاقات الامريكية الايرانية، وإنما سيثير عاصفة في منطقة الشرق الاوسط في ظل الهجوم العسكري الاخير على سوريا ونقل السفارة الامريكية الى القدس.

ويعتقد أحد التعاليق المنشورة على وسائل الاعلام الامريكية بشأن انسحاب امريكا من الاتفاق النووي الايراني، أن تحرك الحكومة الامريكية يعد تراجعا دبلوماسيا. وقال جون بولتون مساعد الرئيس في شؤون الامن القومي الامريكي لوسائل الاعلام الامريكية حول قرار الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني الشامل إن امريكا بحاجة الى المشاركة في المفاوضات وفقا لـ ” المكانة والقوة”، الذي لم يعتمد عليه خلال المفاوضات النووية الايرانية. ويبدو أن قرار الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني يطرح بعض المسائل الطويلة الاجل ـــــ كيف يمكن لنظام العلاقات الدولية أن يتقدم تحت ضغوطات الولايات المتحدة التي تميل اكثر الى التعامل مع الشؤون الدولية بالقوة واتخاذ المصلحة الذاتية كنقطة انطلاق لصنع القرار؟ وموضع الوظيفة الدبلوماسية في السيطرة على الخلافات؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.