موقع متخصص بالشؤون الصينية

تجلّيات شهر رمضان في الصين

0

 

 

موقع الصين بعيون عربية ـ
طارق قديس*:

20 مليون نسمة هو تعداد المسلمين في جمهورية الصين الشعبية. يتركزون في شمال غربي البلاد.

ربما يرى البعض أن الرقم قليل مقارنة بما يروّجه العديد من المواقع الإخبارية غير المتخصصة، لكن المهم ليس العدد وإنما ما يُقدّمه المسلمون للصين من ثراء نوعي للأقليات الدينية المنتشرة في بلد المليار وأربعمائة مليون نسمة، وكيفية تعامل القيادة الصينية مع هذه الأقليات.

بعُجالة، يمكن القول إن الإسلام قد وجد طريقه إلى الصين بدايةً في زمن خلافة عثمان بن عفان مع أول مبعوث إلى نواحي الشرق الأدنى، لتـتوالى البعثات الإسلامية بعد ذلك إلى الصين، مُتخِذة شكل البعثات الرسمية والتجارية عموماً.

في الصين تتجلّى روعة الأقليات العرقية والدينية ، وروعة اهتمام الحزب الشيوعي الصيني بتوفير مطلق الحرية للمسلمين في ممارسة شعائرهم وطقوسهم الدينية، والحفاظ على مساجدهم التراثية ذات الطابع المعماري الخاص وصيانتها بعناية من الدولة الصينية. ففي شنغهاي – على سبيل المثال – نجد سبعة مساجد قديمة تنتمي لعصور مختلفة، إذ يوجد مسجد (سونخيانج) والذي تحيط به حديقة ذات طابع صينى قديم، ومسجد (زياو تويوان) وهو مسجد تم تشييده أوائل القرن العشرين. ويوجد أيضا مسجد (هوزي)، بالإضافة إلى (إي بودونج).

وفى مقاطعة (فوجيان) توجد أيضاً عدة مساجد قديمة منها: (الأصحاب) في مدينة (تشو إنشو)، وفي مقاطعة (شانسي) يوجد (جامع شيآن) الكبير، وهو من أقدم المعالم الإسلامية الدينية.

والجدير بالذكر عن شهر رمضان في الصين أنه يُطلق عليه إسم خاص هو (باتشاي)، ومع قُرب حُلوله يتهيأ المسلمون لاستقباله بشكل مُميّز، إذ يَقومون بادّخار النقود تحضيراً لاقتناء الحاجيات الرمضانية خلال الشهر الكريم، فيما تكـتظ دور العبادة بالموائد الرمضانية المتنوعة، حيث يقوم المسلمون الصينيون بإحضار ما يستطيعون حمله من المأكولات والعصائر، لمشاركة الباقين بها والاستمتاع بالإفطار بشكل جماعي، ليتم بعدها الالتزام بصلاة التراويح.

في الصين جرت العادة هناك أن تبدأ الفتيات المسلمات بالصوم منذ سن التاسعة، والذكور من سن الثانية عشرة. كما جرت العادة أن يتم تكثيف دروس التوعية الدينية المتعلقة بالصوم، وما أن يأتي شهر رمضان حتى تعج المساجد بالمصلين، والبيوت بالحلويات التقليدية. وعندما يَحين وقت الإفطار، يبدأ المسلمون هناك بتناول التمر والشاي ومن ثم الحلويات. وما أن ينتهوا حتى يتوجهوا إلى المساجد لأداء الصلاة، ليعودوا بعد ذلك لمشاركة أفراد العائلة بالإفطار المُعد في ذلك اليوم.

والمسلمون بطبيعتهم يتعايشون مع ال “هان”، وهي التي تمثّل أكبر قومية عرقية في الصين، حيث يتشارك المسلمون بأطعمتهم مع أصدقائهم المختلفين عنهم عرقياً ودينياً، وكذلك يقوم أصدقاؤهم من قومية “هان” بتبادل الهدايا مع أبناء الطوائف الإسلامية الذين بدورهم ينتمون إلى قوميات أُخرى عديدة، وذلك تعبيراً عن التعايش المشترك والتناغم والانسجام الوطني.

ولعَل مرد هذا التعايش المشترك والروح الواحدة  لدى الصينيـين المنتمين لعشرات القوميات، يعود بجوهره إلى السياسية الرائعة التى  تـتبعها القيادة الحكيمة في الحزب الشيوعى الصيني إتجاه الأقلية المسلمة. وهي سياسة سعى إلى تعميقها الرفيق شي جين بينغ، الأمين العام الحالي للحزب الشيوعي الصيني ورئيس جمهورية الصين الشعبية، مُنطلقاً مِن جوهر الدستور الصيني، الذي لطالما أكّد أن الصينيين سواسية على اختلاف مذاهبهم وأديانهم وأعراقهم. حتى غَدت سياسية الصين إتجاه الأقليات مَضرباً للمَثل، وبوصلة تُرشد البلدان الأخرى في كيفية التعامل مع الأقليات الدينية والعِرقية.

*#طارق_قديس: شاعر وكاتب وناقد وروائي #أردني معروف، وعضو متقدّم في الاتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) #الصين – الأردن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.