موقع متخصص بالشؤون الصينية

هاينان في القلب!

0

موقع الصين بعيون عربية ـ
الأكاديمي مروان سوداح*:
هاينان.. محافظة وجزيرة صينية غير كبيرة، ومساحتها توازي مساحة دولة صغيرة، وبرغم ذلك تُعدُ واحدة من عجائب الصين المُعَاصرة.. فهي من أكثر مناطق الصين انفتاحاً وحيوية.. إنها النقلة الصينية الجديدة والمتميزة في عصر الإشتراكية المُتقدِّمة بألوانٍ ونكهات صينية مُبتكرة.
هاينان في جنوب الصين نقلة ثانية لحركة الاصلاح والانفتاح الصينية، التي كانت بدأت في العام 1978م، وبذلك تتمتع هاينان بكل ما يمكن أن تتمتع به منطقة عالمية مفتوحة على العالم بنسبة “مئة بالمئة”، وبخاصة لجهة تسهيلات الوصول إليها، والإقامة فيها، والاتصالات منها وإليها، واستخدام الموانىء البحرية والجوية المتطورة للأجنبي والمُقيم، ولائحة الأطعمة القومية والعالمية الأوسع والأشمل، وضمان تلبية مختلف الحُجوزات لكل ما يَخطر “على بال” الساكن الصيني والسائح.
في الحقيقة، يعود الفضل الى تطوير هاينان ونقلها بسرعة إلى ما هي عليه اليوم للرفيق شي جين بينغ وحكمته، فهو الذي كان وراء هذه النقلة الجبارة، إذ أنه رأى صورتها المتطورة أمام عينيه، قبل أن تدب فيها الحياة بكل تجلياتها وألوانها.
قال الأمين العام والرئيس “شي”، في كلمة ألقاها خلال اجتماع، بمناسبة الذكرى الثلاثين لإقامة مقاطعة هاينان ومنطقة هاينان الاقتصادية الخاصة، إن قيادة الحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية نجحتا في تطوير كامل الجزيرة، لتغدو “منطقة تجريبية للتجارة الحرّة”، ولإقامة ميناء للتجارة الحرة “بخصائص صينية”. كما وحَث الأمين والرئيس “شي” المقاطعة على منح الأولوية للانفتاح وتنفيذ إستراتيجية “أكثر استباقية للانفتاح”، وتسريع إقامة مؤسسات جديدة للاقتصاد المفتوح، وخلق أرضية جديدة للسعي نحو الانفتاح “على كل الجبهات”.
وهكذا نرى كيف تعمل القيادة الحزبية والحكومية الصينية بتسارع لم يَسبق له مثيل، لتحويل هاينان الى “أكبر منطقة للتجارة الحرة في الصين، بفضل سياسات الانفتاح “المتزايدة والنوعية” والقفزات الفلكية التي باتت تتسم بها، وبالتالي تحوّلت الجزيرة إلى “أول ميناء تجارة حرة منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949”.
والأهم في “مشروع هاينان الدولي”، الأعمال الجبارة التي تجري في كل مجال، لتحويلها إلى “جزيرة عالمية”، كونها منفصلة عن البر الصيني جغرافياً، وليتم تدشينها في القريب “بوابة فضائية” جديدة، يَدلف منها العالم وتجارَته وإقتصادَاته وسيّاحَاته وتقنيَاته وعقولِه الى الصين الكبيرة، للاستثمار غير المحدود فيها. وتزامنا مع تضاعف تدفق السياح والزوار والاقتصاديين والناس عموماً، والبضائع ورؤوس الأموال إلى هاينان، بفضل السياسات التفضيلية للرسوم في منطقة وميناء التجارة الحرة فيها، تحوّلت هاينان إلى “نقطة محورية” تربط ما بين الأرض الرئيسية الصينية مع مجموعة دول شرق وجنوب شرق آسيا.
والممتع كذلك أن هاينان “الاستراتيجية” تقع على خط الاستواء الوهمي، إلى الجنوب الصيني، وهي الجزيرة الاستوائية الوحيدة في الصين، ولا يفَصلها عن الصين الكبيرة سوى مضيق مائي، وتشتهر الجزيرة – إضافة إلى نحو مئتي جزيرة متناثرة تندرج ضمنها في ثلاثة أرخبيلات – بطبيعتها الخلابة وطقسها الاستوائي الجاذب للسياحة، وبخاصة لتلك القائمة على الترفيه والاسترخاء والإقامة والعلاج لاسيّما الطبيعي، وللسياحة الإيكولوجية والغابية والشاطئية والجبلية والمنتجعية، ولهذا يتدفّق السياح عليها من كل حدب وصوب، فمعظمهم يرى فيها “هاواي الصين” و “سويسرا الصين” و “لؤلؤة الصين”، ويجدون في مساحتها المحدودة نسبياً، ما لا يجدونه في أي بلد آخر. وبدلاً من السياحة في بلد شرق آسيوي بعيد ومُكلف للسائح العادي، يمكن لهذا السائح إختصار المسافات والجهد، والتوجّه الى هاينان، حيث يجد في فضائها كل اللمسات الشرق والغرب و”الأقصى” آسيوية، وجميع متطباته الأخرى.
لكن الأجمل هنا، أنك تستطيع السياحة فيها دون ملل، برغم صِغر مساحتها، وهو ما يُميّزها عن غيرها من المقاصد الدولية، ومع تنوّعها الثقافي والقومي والمَناخي وبساطة مواطنيها الأصليين وطيب معشرهم، تزداد السياحة والأعمال صوبها، زد على ذلك كله تتوافر فيها الكثير من أنواع وأشكال الفاكهة والخُضار، وهو ما يَختصر المسافات نحوها على الوافد، لأنه يجد رغباته كلها في عين المكان من حوله وبكل ما في الكلمة من معنى، مايُخفّف على القادمين إليها والزوار نفقات سياحية كثيرة، فيما لو توجّهوا إلى غيرها من مواقع السياحة الدولية الكلاسيكية.
وفي مُتعة هاينان، التي يَسكنها ممثلو قومية “هان” الأكبر في الصين، بالإضافة الى ممثلي قوميات “لي” و “مياو” و “هوي”، وبعضها مسلمة، تتجاور الأديان والعقائد، وتعيش في سلام وإنسجام ووئام، ويَتحلّى أتباعُها بِبعدِ نظرٍ وحكمةٍ في التفكير، وتراصٍ في مَحبة بلادهم واحترام العالم، واتّباعهم معادلة “الكسب المشترك” الشهيرة في المجتمع الصيني في حقبة إدارة الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ورئيس جمهورية الصين الشعبية الرفيق الحَليف شي جين بينغ.

*#مروان_سوداح: رئيس الإتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العَرب أصدقاء “وحُلفاء” الصين – الأُردن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.