موقع متخصص بالشؤون الصينية

كُرة الصّين بملعَب العالم غَير الأَمريكي..!

0

 

 

موقع الصين بعيون عربية ـ
الشيخ إريك شامغونوف*

الأحداث المُندلعة بين الصين وأمريكا ليست سوى استمرار للحرب التجارية، التي تواصلت بدون انقطاع طوال الفترة الماضية بين هذين العملاقين الاقتصاديين والعسكريين. ما يجري حالياً ليس سوى استمرار للحرب التجارية لكن على أشدّها، بل ويمكننا الإشارة إلى بدء جولة جديدة منها تتسم اليوم بحدة مضاعفة. ومن الواضح أنه ليس لدى ترامب مكان يلوذ به، فهو مضطر فعلياً الى تخفيض حجم التجارة مع الصين بزيادة الرسوم الجمركية، “لمنع” دخول البضائع الصينية إلى السوق الأمريكية.

ترامب بات يحتاج إلى تنفيذ ما وعد به فيما يتعلق بتخليق أماكن العمل الجديدة في بلاده، وتدشين صناعات أخرى جديدة أيضاً. وبما أن الصين تُصّدر السلع بكميات ضخمة وبأسعار منخفضة جداً، فإن هذا سيؤدي بالمحصلة إلى حقيقة مفادها أن الاقتصاد الأمريكي قد يجد نفسه، على الأغلب، وفي المدى المنظور، في موقف صعب وحرج للغاية.

لذلك، يُحاول ترامب خلق الظروف الأكثر ملاءمة للاقتصاد الأمريكي، من خلال الحد من استلام البضائع من الصين، مستخدماً فزاعة الحِمائية الأعلى! وعلاوة على ذلك، سوف يؤدي هذا إلى تفاقم جديد في الأوضاع الإقتصادية والداخلية في الولايات المتحدة نفسها وفي علاقاتها مع الصين.
وتجدر الإشارة أيضاً في هذا السياق، إلى أن المهمة الرئيسية الماثلة أمام الولايات المتحدة بحسب رؤيتها، في هذه المواجهة التجارية الأكثر حدّة، هي إضعاف البرنامج الصيني “صنع في الصين – 2025” – “قدر الإمكان!”. ويهدف هذا البرنامج كذلك إلى زيادة الصادرات الأمريكية عالية الجودة إلى أقصى حد، لممارسة الضغط على السلع المستوردة من دول أُخرى، ولإزاحة السلع الصينية  من الأسواق العالمية واستبدالها بسلع أمريكية عالية الجودة.

لا يتعلق الأمر فقط بالمنتجات الاستهلاكية، ولكن أيضاً، على سبيل المثال، يتعلّق الأمر أيضاً بالآلات والمعدات. وفي هذا الأمر، ترى الولايات المتحدة تهديداً، ليس فقط في مجال التكنولوجيا، بل أيضاً في المعايير التكنولوجية التي تخضع لسيطرة الصين. وليس من قبيل الصدف والأسرار،  أن الولايات المتحدة قامت في السنوات الأخيرة بعددٍ من المحاولات الواسعة لوضع عراقيل حقيقية وصعبة التذليل، كما ترى واشنطن، لدخول السلع الصينية إلى الأسواق الدولية، من خلال إجبار الدول الصديقة لأمريكا على وضع جمارك عالية على السلع الصينية، مما يجعلها باهظة الثمن لدرجة أنها تصبح غير قادرة على منافسة الأمريكية. بالطبع، سترد الصين الصاع صاعين لأمريكا، فلا يمكن أن تصمت الصّين أمام محاولات أمريكا وضع العراقيل الكثيرة أمامها، لتجريدها من قواها الإقتصادية، ولتركها تتحكم بالعالم أجمع على مِنوال قديم قهري للشعوب.

سيكون رد الصين، كما هو متوقع: رفض شراء عدد من السلع القادمة إلى سوقها من السوق الأمريكية. وعلى سبيل المثال، ينطبق هذا على فول الصويا، وعدد من التقنيات. وفي الوقت نفسه، سيتعيّن على الصين أن تتحوّل إلى أسواق جديدة، تكون، بطريقة أو بأخرى، أكثر تكلفة. وقد يستغرق هذا التحول من عامين إلى ثلاثة أعوام، وقد يؤّدي إلى ارتفاع أسعار السلع الصينية. ومع ذلك، ستكون الصين على مستوى المسؤولية على جميع الجبهات التي تتواجد فيها، بما في ذلك قيامها بالتشدّد اتجاه المنتجات الأمريكية في أسواق كندا والمكسيك وأمريكا اللاتينية.

وفي الختام، لا بد من القول، أن السوقين الروسية والصينية تسيران اليوم في طريق المساندة المتبادلة والعميقة، كرد منهما على التغوّل الأمريكي المتوسّع، وبوجه التبدّلات والتحولات الاقتصادية والسياسية الأمريكية التي تأخذ منحى العسكرة والحرب على الدولتين، إذ أن ذلك يُمثّل في الواقع هجوماً حقيقياً عليهما، وإن كان حتى الأن غير عسكري، إلا أنه لا يجب أن يَغيب عن بالنا، أن الهجوم الاقتصاي الشامل الأمريكي على الصين وروسيا، سيدفع بأمريكا إلى مغامرة توجيه ضربات عسكرية لهما غير محسوبة العواقب، أو على الأغلب توظيف المنظمات الإرهابية الكثيرة في أعمال عسكرية، وتوريطها بالعدوان على الصين وروسيا، لا سيّما من خلال الحشد الغربي الدولي الجاري الآن في وسط أوراسيا.

نحن في روسيا والصين، إخوة ورفاق ومستعدون للمواجهة في حالة فُرضت الحرب علينا!، ونحن نرى أن كرة العالم غير الأمريكي باتت في الملعب غير الأمريكي، وأعني هنا في ملعب الأصدقاء الكُثر لنا ليوجهوا هذه الكرة صوب الهدف الذي يرتأون!

*الشيخ #إريك_شامغونوف. مواطن #روسي، وعُضو في الإتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء #الصين، ورابطة القلميين العربية مُحبي بوتين وحُلفاء روسيه، وخريج كلية الشريعة لجامعة آل البيت (الاردن)، ويتقن اللغة العربية، ويتبع للنظارة الدينية المركزية لمسلمي #روسيا وشمال القوقاز.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.