موقع متخصص بالشؤون الصينية

التعاون الصيني الجزائري.. مستقبل مشرق

0

 

موقع الصين بعيون عربية ـ
عبد القادر خليل
*:

انعقاد الاجتماع الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني العربي، يُشكّل لَبنة صلبة جديدة في مسار مواصلة تعزيز أواصر الصداقة والتعاون الشامل في شتى المجالات، وبضمنها التنمية المشتركة المُستدامة بين الجانبين العربي والصيني .

كما ويُعتبر المنتدى فرصة مُتجدّدة تنعقد مرة كل سنتين، من أجل الحوار والتشاور وتعزيز المزيد من فرص الاستثمار بين الأمتين العربية والصينية وتوقيع وثائق التعاون العملي.

وكانت رعاية فخامة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ للمنتدى وإلقاؤه خطاباً تاريخياً حاسماً فيه، صَدىً واسعاً وعميقاً في العالم العربي وفي الحضور العربي بالمنتدى، واعتبر دليلاَ قاطعاً على الأهمية الفائقة التي يُوليها سيادته للعلاقات الصينية العربية، وإرادته الثابتة في إعطائها نفساً جديداً وحافزاً مُشجعاُ لقِيم الرقي والنماء السريع، وبلوغ شراكة استراتيجية شاملة مع جميع الدول العربية، فالعالمان الصيني والعربي تربطهما علاقات تاريخية عريقة لا نظير لها، ولديهما قواسم مشتركة من حيث التطلع إلى مزيد من النمو في شتى المناحي، وتفعيل المزيد من فرص الاستثمار وبلوغ الحياة الرغيدة في كنف السلام.

ولأهمية المناسبة، ألقى الرئيس “شي” خطاباً بالغ الأهمية وهادفاً وشخصياً تابعته أنا شخصياً باهتمام شديد عبر القناة الفضائية العربية لتلفزيون الصين المركزيCGTN، وكان الخطاب بمثابة خارطة طريق ورؤى مستقبلية حكيمة لمواصلة مسيرة التعاون والتلاحم والعمل على تحقيق الكسب المشترك لكلا الجانبين العربي والصيني.

إنني إذ أثمّن ما وصلت إليه العلاقات العربية الصينية من تقدم وازدهار، أرى بأنها تتهيأ للمضيِ قدماً في هذا المسار التعاوني، بخاصة في ظل توسيع سياسة الانفتاح والإصلاح التي تطبّقها الصين منذ أربعة عقود، في ظلال مبادرة المشروع الصيني الهادف “الحزام و الطريق” التي أعلن عنها الرئيس “شي” منذ عدة سنوات، وستتعزز العلاقات أكثر وستظل الصين إلى جانب البلاد العربية، وتواكب تقدمها وازدهارها، وسنشهد في السنوات القادمة أضعاف التعاون الحالي في إتّجاهات كثيرة بين الطرفين.

يرتبط وطني الجزائر بجمهورية الصين الشعبية بعلاقات تاريخية وفاعلة وجد متقدمة ومتميزة، وقد أحسنت بلادي الجزائر باختيار الصين شريكاً إقليمياً موثوقاً في مبادرة طريق الحرير الجديد الشيجينبينغية، حيث أن الجزائر تشكّل محوراً أساسياً يربط طُرق المُبادرة بإفريقيا وأوروبا في خطين ناشطين، وذلك من خلال استثمار صيني ضخم على أرض الجزائر بقيمة 500 مليار دولار، ستتواصل الاستثمارات فيه لمضاعفته.

ومُمّثَلة بوزيرها للخارجية عبد القادر مساهل الذي شارك بفعالية في أشغال “المنتدى”، تسلّم الرئيس “شي” رسالة خطية بيد الوزير من فخامة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وألقى السيد الوزير مداخلة نوّه فيها إلى أهمية هذا اللقاء الكبير، وأشاد بالعلاقات الصينية الجزائرية الممتازة والمتميزة، لاسيّما وأن هذا الحدث الكبير العربي الصيني يُصادف هذا العام، احتفالاتنا الجزائرية والصينية بالذكرى ال60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما.

تفيض المسيرة الجزائرية الصينية بالانجازات الهامة في ميادين عِدة، وهي علاقات توطدت بين البلدين وارتقت إلى مستوى يؤطرها إعلان الشراكة والتعاون الاستراتيجي الشامل منذ 2014، الموقع من طرف رئيسي البلدين بوتفليقة و “شي”. وفي كلمته ثمّن السيد الوزير الخطاب التاريخي الهام الذي ألقاه الرئيس “شي” في الحضور وبالمقترحات التي قدّمها، واصفاً إياها بالقراءة الاستراتيجية للعمل الصيني العربي المشترك، الهادف إلى مواصلة تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية والسياسية بين الطرفين.

كما أشار الوزير مساهل إلى وجود تطابق في وجهات النظر والانسجام الفكري بين الرئيسين الجزائري والصيني، فمبادرة بوتفليقة “العيش معاً بسلام” (والتي تبنّتها الأمم المتحدة مُقرّرة اعتماد يوم عالمي للعيش معاً بسلام، ومحددة يوم 16 مايو للاحتفال بها سنوياً إنطلاقاً من العام الجاري 2018)، تتقاطع مع مفهوم “بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية” الذي جاء به الرئيس “شي” من حيث المبادئ والأهداف الرامية إلى تحقيق السلام الناجز، في ظل العدالة والحوار والتقارب بين الثقافات والحضارات.

كما عَظّم الوزير مساهل دعم الصين الدائم واللامشروط للقضية الفلسطينية مادياً ودبلوماسياً، وموقفها الثابت والمتطابق مع موقف الجزائر، إلى أن تحصل فلسطين الجريحة على حقها الشرعي في إقامة دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.

هذا، بالإضافة إلى التطرّق إلى الأوضاع الدولية الراهنة، والاحداث الجارية على الساحة العربية التي تعاني من توترات وعدم استقرار، وأكد الوزير المساعي الجزائرية الحثيثة الرامية إلى حل النزاع القائم في ليبيا ودول الساحل الإفريقي، وموقفها الواضح من ضرورة التوصّل إلى الحلول السلمية للأزمات القائمة في سوريا واليمن وغيرها، وهي كلها مواقف متطابقة تماماً مع توجهات الصين ونظرتها لتلك القضايا.

وتجدر الإشارة، إلى أنه كانت لرئيس الدبلوماسية الجزائرية عبد القادر مساهل، وعلى هامش المؤتمر الوزاري الثامن للمنتدى، جلسة مباحثات هامة مع نظيره الصيني “وانغ يي”، حيث أكدا التزام البلدين بمواصلة المسيرة من أجل غد أفضل، ووقّعا ثلاث إتفاقيات تخص ميادين التشاور السياسي بين البلدين، والسياحة وكذا الإعفاء من التأشيرة بالنسبة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات الخدمة بالبلدين.

كما التقى الوزير الجزائري أيضاً مدير الشؤون الدولية للحزب الشيوعي الصيني السيد يانغ جيشيي، بالإضافة إلى مقابلات صحفية مع وسائل الإعلام الصينية، تطرّق خلالها إلى موقف الجزائر من المنتدى و دوره في توطيد العلاقات الثنائية العربية الصينية، من أجل مستقبل مشترك مزدهر.. ومن خلال ما هو مُجسّد على أرض الواقع بغض النظر عن الاتفاقيات المبرمة والمشاريع المستقبلية، فإن حجم التبادل التجاري والتعاملات الاقتصادية بين الجزائر والصين كبير جداً، “ينبئ بمستقبل واعد ومُثمر لكلا الطرفين”، وهي عبارة قلتها منذ خمس سنوات وسأظل أردّدها مع عبارتي الأخرى: “الجزائر والصين نحو مستقبل مشرق”.

#عبد_القادر_خليل: خريج أكاديمي من الاتحاد السوفييتي، وصديق قديم للصين، ورئيس فرع الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) الصين بولاية ورقلة عاصمة الجنوب الشرقي الجزائري، ومؤسس ورئيس رابطة أصدقاء الصين بالجزائر؛ وصديق قديم لإذاعة الصين الدولية CRI ومجلة ” الصين اليوم” والقناة الفضائية الصينية الناطقة بالعربية وغيرها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.