موقع متخصص بالشؤون الصينية

النص الكامل لمقالة الرئيس الصيني شي الموقّعة لوسائل إعلام جنوب أفريقيا

0

نشر الرئيس الصيني شي جين بينغ (الأحد) مقالة موقّعة بعنوان “من أجل عصر جديد للصداقة بين الصين وجنوب أفريقيا” في ثلاث صحف في جنوب أفريقيا، (صنداي إندبندنت) و(صنداي تريبيون) و(ويك إند أرجوز)، قبل زيارة الدولة المرتقبة للدولة الأفريقية.

وفيما يلي النص الكامل للمقالة:

“من أجل عصر جديد للصداقة بين الصين وجنوب أفريقيا”

شي جين بينغ،

رئيس جمهورية الصين الشعبية

من دواعي سروري أن أقوم بزيارة الدولة الثالثة إلى جمهورية جنوب أفريقيا وحضور قمة البريكس الـ 10 بدعوة من الرئيس سيريل رامافوسا. لدي توقّعات كبيرة وأنا على وشك النزول مجددا على أرض جنوب أفريقيا الجميلة، وهي أمة قوس قزح التي تقع عند التقاء المحيطين الهندي والأطلنطي وموطن المناظر الطبيعية الفريدة والخلابة والشعب الكادح والمغامر والثقافات الملونة والمتعددة.

ويوافق هذا العام الذكرى الـ20 للعلاقات الدبلوماسية بين دولتينا، لكن التفاعلات الودية بين الشعبين تذهب إلى أبعد من ذلك. لقد أقام الشعبان صداقة عميقة خلال كفاحنا المشترك ضد الإمبريالية والاستعمار والعنصرية. بعد ميلاد جنوب أفريقيا الجديدة، لا سيما خلال العشرين عاما الماضية من العلاقات الدبلوماسية، دعمت الدولتان بعضهما البعض وتعلمتا من بعضهما البعض خلال استكشاف مسار التنمية المناسب للظروف الوطنية. لقد صمدت هذه العلاقات أمام اختبار الزمن والبيئة الدولية المتغيرة. فمن شراكة إلى شراكة استراتيجية ثم إلى شراكة استراتيجية شاملة. لقد قطعت هذه العلاقة خطوات واسعة وأظهرت زخما قويا للنمو في الثقة السياسية والتعاون الاقتصادي والتجاري والتبادلات الشعبية والتنسيق الاستراتيجي.

وعلى مدى السنوات الست الماضية، عملت الدولتان بشكل وثيق كرئيستين مشتركتين لمنتدى التعاون الصيني-الأفريقي على تعزيز الشراكة الاستراتيجية والتعاونية الشاملة بين الصين وأفريقيا. وهكذا، كانت علاقاتنا الثنائية بمثابة نموذج للعلاقات بين الصين وأفريقيا، وللتعاون الجنوبي-الجنوبي، وللوحدة والتعاون بين دول الأسواق الناشئة، كما قدمت العلاقات خبرة قيّمة لبناء مجتمع مصير مشترك أقوى للصين وأفريقيا، وبناء نمط جديد من العلاقات الدولية يتسم بالاحترام المتبادل والعدالة والإنصاف، فضلا عن التعاون المربح للجميع.

نتمتع بتبادلات وثيقة رفيعة المستوى وتعاون عملي مثمر في جميع المجالات. وعمل القادة من الطرفين، من خلال زيارات متبادلة متكررة واجتماعات وتبادلات أخرى، على تقديم تعليمات استراتيجية رفيعة المستوى من أجل العلاقات الثنائية. وتعد الصين الشريك التجاري الأكبر لجنوب أفريقيا على مدار تسع سنوات متتالية، كما أصبحت جنوب أفريقيا كذلك الشريك التجاري الأكبر للصين في أفريقيا. وبلغ الحجم الإجمالي للتبادل التجاري بين الجانبين 39.17 مليار دولار أمريكي عام 2017، أي أكثر من 20 ضعف الرقم عند بداية علاقاتنا الدبلوماسية. وتشير الإحصاءات الأولية إلى أن الاستثمار الصيني المباشر في جنوب أفريقيا نما بأكثر من 80 مرة، متجاوزا 10.2 مليار دولار من حيث القيمة التراكمية، ما خلق عشرات الآلاف من فرص العمل للمجتمعات المحلية وأعطى دفعة قوية لاقتصاد جنوب أفريقيا. وتدير الكثير من الشركات الصينية أعمالا ناجحة في جنوب أفريقيا، ما يعد دليلا كاملا على علاقاتنا ذات المنفعة المتبادلة من أجل التنمية المشتركة. كما حققت الشركات الجنوب أفريقية، من جانبها، نجاحا عظيما في الصين.

وفي السنوات الأخيرة، جعلت إجراءات، مثل استضافة عام الصين/جنوب أفريقيا وإطلاق آلية التبادلات الشعبية رفيعة المستوى، شعوب البلدين أكثر تقاربا من خلال التفاهم والصداقة المتبادلين. لقد شهدنا توسيع التعاون في مجالات مثل التعليم والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والصحة وزيادة التبادلات بين شبابنا ونسائنا. وقد جذبت جنوب أفريقيا المزيد من السائحين الصينيين، وأقامت علاقات توأمة مع المزيد من المقاطعات والمدن الصينية. كما افتتحت المزيد من معاهد وفصول كونفوشيوس أكثر من أي دولة في افريقيا جنوب الصحراء. لقد أصبحت الصين وجهة شعبية متزايدة للطلاب والسائحين القادمين من جنوب أفريقيا. وتعمل شركات الطب الصيني التقليدي على استغلال فعّال للسوق في جنوب أفريقيا، حيث تقدم العلاج بالوخز بالإبر والحجامة وغيرها من طرق العلاج الصينية التقليدية لشعب جنوب أفريقيا كخيار جديد لعلاج الأمراض والحفاظ على الصحة. لقد قام متطوعون صينيون بحشد الشركات الصينية والمجتمعات الصينية في جنوب أفريقيا للدخول في شراكة مع المنظمات المحلية لحماية الحيوانات وتقديم إسهاماتها في حماية الحياة البرية في أفريقيا. وهذه كلها أمثلة قوية على الصداقة بين الصين وجنوب أفريقيا وبين الصين وافريقيا.

إن جنوب أفريقيا تقوم حاليا برحلة جديدة من التنمية الوطنية. لقد وضع الرئيس رامافوسا أهداف تنمية الاقتصاد وخلق الوظائف وتحسين حياة الشعب ودفع التحول الاجتماعي، وبالتالي إيصال جنوب أفريقيا إلى عهد جديد من الأمل والثقة. تتطلع الصين إلى العمل مع جنوب أفريقيا لتعزيز قوة دفع الذكرى ال20 للعلاقات الدبلوماسية والسعي من أجل تقدم أسرع وأكبر في شراكتنا الاستراتيجية الشاملة.

– يجب علينا الارتقاء المستمر بثقتنا السياسية المتبادلة إلى مستويات جديدة. نحتاج للحفاظ على تبادلات رفيعة المستوى وتعزيز التعاون بين الأحزاب وتبادل خبرات الحوكمة ومواصلة التفاهم المتبادل والدعم المتبادل إزاء القضايا التي تؤثر على مصالحنا الجوهرية وشواغلنا الرئيسية، والبقاء للأبد كصديق جدير بالثقة لبعضنا البعض، وشقيق وشريك جيدين. أتطلع إلى استقبال الرئيس رامافوسا في بكين في سبتمبر ومشاركته في رئاسة قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني-الأفريقي.

-يجب علينا الكفاح من أجل تحقيق نتائج جديدة في تعاوننا العملي. نحتاج لتعزيز التكامل بين استراتيجياتنا التنموية والاستفادة الكاملة من الآليات الثنائية ومنتدى التعاون الصيني-الأفريقي ومبادرة الحزام والطريق وتعاون البريكس والمنصات الأخرى، بغية تعميق التعاون في المجالات الرئيسية مثل الصناعات، والقدرة الإنتاجية، والموارد والطاقة، والبنية التحتية، والتمويل، والسياحة، فضلا عن الاقتصاد الرقمي، وتقديم المزيد من الفوائد لشعوبنا.

– يجب علينا زيادة الاتصالات من أجل إضافة زخم جديد لتبادلاتنا الشعبية. نحتاج إلى تعزيز دور آلية التبادلات الشعبية رفيعة المستوى في تعزيز التواصل بين الشعبين وتوسيع التعاون في مجالات التعليم والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والصحة والرياضة، وتعزيز التبادلات بين الشباب والنساء والمراكز البحثية والمنافذ الإعلامية. إن مثل هذه الإجراءات ستجلب دعما شعبيا كبيرا للصداقة بين الصين وجنوب أفريقيا، وتجعل شعوبنا أكثر ارتباطا.

– يجب علينا تعزيز التعاون وتوسيع آفاق جديدة في التنسيق الاستراتيجي لدينا. نحتاج دعم بعضنا البعض في استضافة قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني-الأفريقي 2018 وقمة البريكس ال10، وتكثيف التنسيق والتعاون ضمن أطر متعددة الأطراف، منها الأمم المتحدة ومجموعة العشرين والبريكس، وتعزيز إصلاح نظام الحوكمة العالمية في جهود مشتركة للمضي قدما بالمصالح الأساسية للدول الأفريقية والدول النامية الأخرى، وبناء نمط جديد من العلاقات الدولية ومجتمع مصير مشترك للبشرية، والإسهام بالحكمة والمقترحات لحل القضايا الأكثر إلحاحا على مستوى العالم.

يوافق هذا العام الذكرى ال10 لقمة البريكس. فبعد 10 سنوات، حقق تعاون البريكس تنمية هائلة وتأثيرا متناميا. ستكون قمة هذا العام الأولى التي يتم عقدها في “العقد الذهبي” الثاني من تعاون البريكس. ستبذل الصين قصارى جهدها لدعم جنوب أفريقيا في استضافة هذا المنتدى. وتحت عنوان “البريكس في أفريقيا: التعاون من أجل نمو شامل وازدهار مشترك في الثورة الصناعية الرابعة”، سنعمّق الشراكة الاستراتيجية للبريكس وسنعزز التضامن والتعاون في إطار البريكس، وسنسهل التنمية المترابطة بين دول البريكس. لدينا ثقة بأن هذه القمة ستبشر بمستقبل أكثر إشراقا لتعاون البريكس.

ويشهد هذا العام حدثا مهما آخر وهو الذكرى المئوية لنيلسون مانديلا، أول رئيس لجنوب أفريقيا الجديدة. وعلى حد تعبير السيد مانديلا “إعادة الميلاد الأفريقي يعد حاليا أكثر من مجرد فكرة، حيث تُزرع بذوره في المجتمعات الإقليمية التي نشغل ببنائها وفي القارة ككل”. مع الجهود الدؤوبة، اكتسبت جنوب أفريقيا وبقية القارة الأفريقية حياة جديدة في القرن الماضي. وأنا على ثقة من أن هذا القرن سيشهد نهوض شباب جنوب أفريقيا والقارة الأفريقية ككل. لنعمل معا من أجل عصر جديد من الصداقة بين الصين وجنوب أفريقيا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.