موقع متخصص بالشؤون الصينية

بريكس تتطلع إلى عقد ذهبي ثان من التعاون العالمي

0

 

مع التأهب لعقد القمة العاشرة لمجموعة بريكس في جنوب إفريقيا اليوم (الأربعاء)، تفتح كتلة اقتصادات الأسواق الناشئة هذه فصلا جديدا في تعاونها الشامل بعد عقد من النجاح.

وفي اجتماعهم الذي يستمر ثلاثة أيام في جوهانسبرغ، ستتكاتف جهود قادة البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا لمواصلة تعزيز التنمية المشتركة وسط تغيرات على الساحة الدولية.

علاوة على ذلك، فإنه بالبناء على الإنجازات التي حققتها قمة بريكس السابقة في شيامن بالصين، ستسعى الدول الأعضاء إلى إيجاد طرق لضمان أن فوائد نموها تعود بالفائدة على البلدان النامية الأخرى.

— تعاون ذو قيمة

على مدى السنوات العشر الماضية، أجرت دول بريكس تعاونا كبيرا في مجموعة من المجالات، ما أرسى أساسا قويا لكي تلعب الكتلة دورا أكبر على الساحة العالمية، بما في ذلك الجهود العالمية لمعالجة تغير المناخ وتعزيز التنمية المستدامة.

ويقدم بنك التنمية الجديد، الذراع المالية للكتلة لمحة عن ذلك. فمنذ تأسيسه في يوليو 2015، وافق البنك ومقره شانغهاي على 21 مشروعا بقيمة 5.1 مليار دولار أمريكي.

وفي العام الجاري، سيفتح البنك مكتبه الإقليمي بالأمريكتين في ساو باولو بالبرازيل؛ وبدأ مركزه الإفريقي ومقره جوهانسبرغ عمله في عام 2017. وستعمل الخطوة الأخيرة على تعزيز توسيع نطاق الخدمات المالية للبنك وتسهيلها، ما يجعله لاعبا رئيسيا في التعاون بين بلدان الجنوب.

ويركز البنك بشكل خاص على البنية التحتية والتنمية المستدامة، حيث قام بتمويل أربعة مشروعات للطاقة المتجددة في عام 2016 بدفعته الأولى من القروض في محاولة للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

وبفضل قرارات تجارية مماثلة، ساعد البنك بريكس على الوفاء بالتزاماتها تجاه اتفاق باريس بشأن المناخ وأجندة 2030 للتنمية المستدامة، وتعزيز التنمية المشتركة، وبناء ريادتها في التعاون بين بلدان الجنوب.

وعلى مر السنين، قامت بريكس بتعزيز العلاقات الشعبية بما في ذلك عبر إقامة المعارض المتحفية والمهرجانات السينمائية والبرامج التعليمية، من أجل تعزيز التفاهم والثقة بين الدول الأعضاء وترسيخ الأساس لإقامة شراكات أوثق.

كما أنشأت المنظمة آليات لإجراء مشاورات على مختلف المستويات وفي شتى المجالات، سعيا للتحدث بصوت قوي واحد حول القضايا الإقليمية والعالمية الكبري ذات الاهتمام المشترك.

— حوكمة أفضل

لقد أثبتت بريكس كيف يمكن لبلدان الجنوب أن تعمل حقا بشكل مثمر معا، هكذا قال يازيني إبريل الباحث بمجلس بحوث العلوم الإنسانية في جنوب إفريقيا.

وأضاف إبريل أن “بريكس أنشأت مرحلة جديدة للاقتصادات الناشئة، وهو ما نحتاج إليه”.

وشاطرته الرأي ريجيناه ميهولي نائبة وزير العلاقات الدولية والتعاون في جنوب إفريقيا.

وذكرت ميهولي خلال ورشة عمل لبريكس عقدت في يونيو أن “هذه الدول تجمعها معا رغبة قوية في تغيير النظام العالمي بهدف عكس تنوع القوى العالمية والاقتصادات والثقافات والمجتمعات بوجه عام”.

وأشارت ميهولي قائلة “يمكننا أن نتفق على أنها قوة لا يستهان بها على الساحة الدولية وساهمت في انتشار القوة السياسية والاقتصادية العالمية”.

علاوة على ذلك، نمت بريكس لتصبح قوة كبيرة لحماية الإنصاف والعدل الدوليين.

فعلى سبيل المثال، ساعد أعضاؤها على زيادة تمثيل البلدان النامية في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في السنوات الأخيرة، ما جعل الكتلة — التي تمثل حوالي 40 في المائة من سكان العالم وربع الاقتصاد العالمي — جهة مسرعة لإصلاح نظام الحوكمة الاقتصادية العالمية.

وعلق روبرت لورانس كوهن رئيس مجلس إدارة مؤسسة كوهن والخبير المخضرم في الشؤون الصينية، ذات مرة قائلا إن “بريكس، التي صارت الآن تحتل مكانة مناسبة، تستطيع تسهيل استمرار بروز أكبر الدول النامية لتشارك بشكل تام في نوع جديد من الحوكمة العالمية، التي تحتاجها البشرية بشدة في القرن الـ21”.

ومن وجهة نظر ريتشارد ليفين رئيس المدرسة الوطنية للحكم في جنوب إفريقيا، فإن بريكس يمكن أن تعزز الحوكمة العالمية بمجرد عملها على الحد من الفقر الذي يعد أحد الأولويات في أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.

وأضاف “أنه أحد أهم الأدوات لمعالجة الفقر. وترغب بريكس في لعب دور في تحويل الحوكمة العالمية ليس من أجل التحويل، وإنما من أجل مصلحة الشعوب”.

— معالجة التحديات الجديدة

في اجتماع عقد في يونيو في بريتوريا بجنوب إفريقيا، وجه وزراء خارجية بريكس نداء من أجل حماية التعددية ونظام دولي قائم على القواعد.

وفي بيان مشترك، أكدوا “مجددا على أهمية مركزية” الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية والقانون الدولي. كما طالبوا بتمثيل أكبر للأسواق الناشئة والبلدان النامية في صنع القرار العالمي، بما في ذلك في الحوكمة الاقتصادية العالمية لكي يعكس ذلك المشهد العالمي الحالي.

ومن ناحية أخرى، تعهد وزراء الخارجية بدعم “اقتصاد عالمي مفتوح وشامل يمكن جميع البلدان والشعوب من تقاسم منافع العولمة”، مع التزام راسخ بالتجارة الحرة وبنظام تجاري متعدد الأطراف قائم على القواعد.

وأعرب أعضاء بريكس بشكل خاص عن معارضتهم “للموجة الجديدة من الحمائية والتأثير المنهجي للإجراءات أحادية الجانب التي لا تتوافق مع قواعد منظمة التجارية العالمية” وسلطوا الضوء على دور منظمة التجارة العالمية” لتعزيز الأمن والقدرة على التنبؤ في التجارة الدولية”.

— مواجهة الأفعال الأحادية

في بداية عقد ثاني من تعاون بريكس، وتماما كما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ، فإنه لكي تكتسب الكتلة القوة الكافية، عليها أن تعمل معا، مثل أصابع اليد الخمسة، على تشكيل قبضة قادرة على التأثير.

ودعت الصين، التي تسعى إلى تحقيق النمو المشترك وسط التحديات العالمية، دول بريكس إلى إيجاد محركات نمو اقتصادية جديدة فيما تقوم بتنسيق سياسات الاقتصاد الكلي، وتوسيع التبادلات الثقافية والشعبية داخل بريكس لتدعيم الأساس لتضامن الكتلة والتنسيق فيما بينها.

وقالت تشن فنغ ينغ الباحثة البارزة في مجال الاقتصاد العالمي بمعهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة إن تعزيز الروابط بين الشعوب والمراكز البحثية سيساعد دول بريكس على توحيد الجهود في الدفع من تحقيق إصلاحات الحوكمة العالمية ومواجهة الأفعال الأحادية في التجارة العالمية.

وفيما يتعلق بالتعاون الأمني، فإنه إلى جانب مكافحة الإرهاب والتطرف، اقترحت أن تمد دول بريكس تعاونها ليغطى قطاعات تشمل الإنترنت والطاقة والمالية.

وفي معرض إشارتها إلى أن مشكلة التنمية غير المتوازنة مازالت تقوض النمو العالمي، أكدت تشن على ضرورة تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول النامية والاقتصادات الناشئة في مجموعة من المجالات مثل التمويل والتجارة الإلكترونية وحقوق الملكية الفكرية وتيسير الاستثمار.

وذكرت “هذا بالضبط هو المجال الذي يمكن أن تلعب فيه منصة مثل بريكس دورا أفضل”، مضيفة أنه “من خلال تطوير نفسها بشكل جيد، يمكنها أن تأخذ بزمام المبادرة في التعاون بين بلدان الجنوب لكي تفيد مزيدا من البلدان”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.