موقع متخصص بالشؤون الصينية

كُنوز الصّين فِي هَينانِ!

0

موقع الصين بعيون عربية ـ
فِيصل ناصِيف صالِح*:
يُدرك المُتّتبع لأخبار مقاطعة هاينان الصينية أن كنوز الصين التي لا تُقدّر بثمن موجودة في هذه الجزيرة الغّناء بالذات، فهي وإن كانت صغيرة وقليلة السكان، إلا أنها تجتذب ملايين السياح والزوّار، من مختلف أنحاء الصين وأصقاع الأرض، ممن يجدون مُتنفّساً طبيعياً لأنفسهم، ناهيك جَمعها الخبراء والمتخصّصين والمؤتمرات الصينية الدولية التي تصيب في ربوعها نجاحاً لأعمالها، ذلك أن لهاينان موقعاً يَتميّز بالهدوء والسكينة وأجواء الإبداع الفكري والثقافي والعَصف الذّهني.
هاينان (أو هَينان) – المدينة الكنز المادي العالمي، والكنز المعنوي الذي لا يُجارى، حيث ينسجم الكنزان المادي والمعنوي في تكاملية مُبدِعة، إذ يَجد كل إمرىء في هذه الجزيرة المَحاصرة بالماء مَطلبه واستهدافاته، ليَغتني منها رومانسياً ويَمتلىء روحياً ووِجدنياً.
وتُعتَبر هاينان وحي الرومانسية للساعين إلى رياضات التأمل وتطوير الذات وفلسفة المحبة وأفكار التآلف ذهنياُ وعقلياً، فالمناخ فيها يختلف عن مناخات ما يجاورها من جزرٍ ويابسةٍ، بل أن مَناخات هاينان ذاتها متنوعة للغاية، ولهذا تُعتبر مَقصداً يَسمح لمن فيها باختيار الأنسب وفقاً لمتطلباته الصحية والتي تحرص السلطات الصينية على تلبيتها للسائح والمُقيم والزائر، وهو ما يجعلها أكثر جاذبية لمحبي الطبيعة وعوالم النبات والطيور والبيئة وهواة الصيد والسكينة، فمن مناخ هاينان الشبه استوائي في المناطق المدارية، الى هاينان الشمالية، حيث عاصمة الجزيرة هايكو، وهناك يسود مناخ شبه استوائي “رطب”، بينما بقية الجزيرة تتمتع بمناخ إستوائي بدرجات حرارة موسمية سنوية أكثر دفئاً.
وفي مخطط القيادة الصينية، ترويج الجزيرة سياحياً وبيئياً على وجه التحديد وبخاصة لآسيا الكبيرة، وجعلها كذلك متنفساً عالمياً، للساعين الى الهدوء والابتعاد عن ضجيج المَدنيّة المُعاصِرة وتجلياتها التقنية وعناصرها الشاغلة للبشر وهمومهم المتلاحقة. ولذا، نجحت الحكومة الصينية بتوجيهات من الحزب الشيوعي الصيني، بإقرار سياسة تأشيرات سياحية متطورة عن السياسة السابقة (للعام 2010)، وفي هذا الصدد فقد زادت السياسة الجديدة عدد البلدان المُعفاة من التأشيرة إلى 59 من 26 بلداً، كما تم تمديد فترة مكوث الأجانب بدون تأشيرة إلى 30 يوماً، وسهّلت الدولة الإعفاءات للأفراد السياح والزوار إلى جانب الأفواج السياحية.
وعلى مدار السنوات الماضية، شهدت هاينان تقدماً مضاعفاً، عدة مرات، في عدد ورقي المرافق العامة الكبيرة على شاكلة المجمعات الحضرية والمتنزّهات والمَتاحف، بالإضافة الى السياحة الريفية والبلدات المميزة والصناعات الثقافية والإبداعية. وفي آذار/ مارس 2017، أصدرت حكومة محافظة هاينان خطة تنمية السياحة (2016 – 2020)، وأقرت الإفادة من منطلقات التفوّق الثلاث الرئيسية في هاينان – البيئة الإيكولوجية، والمنطقة الاقتصادية الخاصة، ووجهة السياحة الدولية – لتسريع تشييد هاينان كمحافظة سياحية نموذجية لبقية البلاد الصينية.

زد على ذلك، فقد انتقلت هاينان الى مصاف مناطق العالم المنفتحة تماماً على مختلف الدول بدون استثناء، وبقدرات ونقلات تكنولوجية عصرية، لتصل الى درجة ووصف “منطقة تجريبية للتجارة الحرة”، ويجري العمل كذلك على بناء ميناء للتجارة الحرة بخصائص صينية، استناداً الى ما ورد في خطابات فخامة رئيس جمهورية الصين الشعبية، شي جين بينغ، وبخاصة في كلمة ألقاها خلال اجتماع يوبيلي بمناسبة الذكرى الـ30 لإقامة محافظة هاينان ومنطقة هاينان الاقتصادية الخاصّة، ولتتعدى هذه الصفة الى أخرى، هي “أول ميناء تجارة حرة”، منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية.

وفي السياسة السياحية الحكيمة للصين، منذ حزيران/ يونيو 2014، فقد تأكد تأسيس “شركة سانيا تيانلينغ المحدودة لخدمات السياحة البحرية”، وهي مشروع مشترك لمنطقة تيانيا هايجياو المَنظرية والمَجمع السكني المحلي. وفي تطوّر الوضع هنا، فإن الحكومة الصينية فتحت المجال ل1038 عائلة محلية للمساهمة المباشِرة بأموالهم في الشركة، وصار230 فرداً من السكان المحليين موظفين وعاملين ثابتين في الشركة، وهم يمثلون 90 في المئة من موظفيها.
وبالتالي، فقد أصابت المحافظة نجاحات كبيرة، سيّما في ولاء السكان بكلّيتهم للتطوّر والازدهار المَكاني الذي يعود عليهم مباشرة بمزيد من العوائد المالية والمادية، ورخاء أوضاعهم الإجتماعية وارتفاع مستوى معيشتهم، وانعكس “ذلك كذلك” على المستوى الجمالي والتطوري للعنصر الإجتماعي في محافظة، وفي تعامل سكانها بصورة فُضلى وأرقى مع غير المقيمين في الجزيرة، في مختلف المجالات، وتداخلت مصالح الساكنين مباشرة مع مصالح الدولة المركزية الصينية والحكومة المحلية، زد على كل ذلك أن تلكم النجاح وعوامله وعناصره، صار الهاجس الاول لسكانها المحليين، مما ساهم في تطوّر الجزيرة من خلال تداخل مصالح السكان مع مصالح المجتمع، بشمولية أكدت نجاح العبقرية الصينية في ابتكار ألوان التطور والحُكم المُبدعة.

#فيصل_ناصيف_صالح: #خبير_تصوير و#مصوّر_إعلامي مُعتمد وخاص في #الإتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العَرب أصدقاء (وحُلفاء) #الصين، وكاتب، ومتخصص بفنون نباتات “#بونساي” والبيئة والانسان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.